“التعويض” مطلبٌ كثيرا ما يرفعه المتضررون من الكوارث الطبيعية التي تعرفها عادة المملكة، خصوصا في حالات التساقطات المطرية الغزيرة والفيضانات التي تضر بالمواطنين وبمصادر قوت يومهم، لاسيما بالمناطق الجبلية التي لا تزال تعتمد على الفلاحة البسيطة المتمركزة بمحاذاة الأودية، مما يجعلها دائما عُرضة لكوارث ذات صبغة طبيعية دائما.
هذا المطلب رفعته مجددا وأكدت عليه ساكنة إقليم ميدلت والمناطق التي عرفت خلال اليومين الماضيين اضطرابات جوية موزعة بين بردٍ وفيضانات ساهمت في إحداث خسائر واضحة بالمنتجات المجالية في هذه المناطق، بما فيها إملشيل، فقد عرفت عدد من سلاسل الإنتاج المحلية خسائر دفعت أصحابها إلى التسمك بـ”ضرورة صرف تعويضات عينية أو مادية”.
وليست هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها موضوع التعويض عن الأضرار موازاة مع حدوث كوارث طبيعية، بل طُرح في مناسبات متفرقة وجّه فيها المتضررون من التغيرات المناخية نداءات إلى المسؤولين بغرض الحصول على تعويضات عينية أو مادية، بما يعيد الروح إلى نشاطهم، في الوقت الذي أشارت تصريحات سابقة لمسؤولين إلى أن “الخسائر الفلاحية تدخل في إطار التعاضدية الفلاحية (مامدا) عوض صندوق الكوارث الطبيعية الذي يحفُّ فئات معيّنة بدعمه”.
“ضرورة حتمية”
في هذا الصدد قال محمد أغراي، مهني وفاعل فلاحي بإقليم ميدلت، إن “المنتوجات المحلية التي تنتجها المنطقة، خصوصا التفاح والعنب، تعرضت لخسائر فادحة، حيث إن البَرد والسيول كانا وراء ضياع كميات مهمة من المنتوجات كان من الممكن جدا أن تشكل دخلا إضافيا لفلاحي المنطقة البسطاء”.
وأضاف أغراي، في تصريح لهسبريس، أن “الخسائر سُجّلت بشكل كبير في دائرة إملشيل بعدما جرفت السيول المائية الكبيرة أشجارا مثمرة وغمرت حقولا بالمياه. وبما أننا نتحدث عن هذه المنتجات المجالية فإننا نتحدث عن مصدر قوت الأفراد بالمنطقة”.
وأشار إلى أن الدولة “يجب أن تكون إلى جانب هؤلاء في هذه الظروف العصيبة جدا، حيث لا يمكن بأي شكل من الأشكال عدم دعمهم، هم الذين يعانون أساسا من تبعات الجفاف، بمعنى أنهم اليوم يفتقدون لحقولهم وزراعاتهم والمنتجات التي يعتمدون عليها بشكل كلي من أجل مُجاراة مصاعب الحياة”، مضيفا أن “الفلاحين اليوم يعقدون آمالهم على وزارة الفلاحة ومختلف المؤسسات الأخرى من أجل تمكينهم من تعويضات للعودة بشكل”.
في الاتجاه نفسه سار تدخل محمد الحسناوي، الناشط بمجال الفلاحة والعمل التعاوني بالمنطقة، الذي كشف أن “ما بعد التساقطات المطرية الأخيرة ليس كما بعدها بإملشيل وميدلت، حيث صرنا أمام منتجات تضررت بشكل كامل من البَرَد على سبيل المثال، خصوصا بالمناطق الجبلية التي لا تزال محافظة على النمط التقليدي من الفلاحة القروية”.
وأضاف “من المهم جدا في الوقت الراهن أن تشرع الوزارات والمؤسسات الوطنية المعنية بالموضوع في إحصاء المتضررين من هذه التغيرات المناخية التي صارت جد واضحة، غير أننا نطالب بمواكبة الموضوع إلى نهايته، من خلال تمكين الفلاحين من تعويض فعلي يمكن أن يعيد الروح إلى نشاطهم الفلاحي الذي تضرّر فعليا”.
وتابع قائلا: “كما تعلمون، حجم الخسائر بالمنطقة لا يبعث على الفرح، خصوصا إذا استحضرنا أن أناس المنطقة يعتمدون أساسا في معيشهم اليومي على الماشية والمنتجات المجالية، من عسل وخضروات وعنب وتفاح، بمعنى أننا أمام دورة اقتصادية بسيطة مرتبطة أساسا بالمناخ، سواء في مرحلة الجفاف أو في مرحلة وقوع كوارث طبيعية”.
في الحاجة إلى تعويض
وتواصلت هسبريس في هذا الصدد مع حسني مولاي العربي، رئيس جماعة تنوردي بإقليم ميدلت، الذي قال: “بالفعل تسببت العواصف التي عرفتها المنطقة في خسائر فادحة للفلاحين المحليين بجماعات تِنوردي وتيزي ن غشو وبومْيا وإيتزر، حيث أضرّت بممتلكاتهم التي يتخذونها في الأساس مصدرا لقوتهم اليومي”.
وأبرز مولاي العربي للجريدة أن “الرعد والبَرَد اللّذين ضربا المنطقة خلال اليومين الماضييْن تسببا في معاناة الفلاحين، حيث تضررت مختلف الإنتاجيات التي يعتمدون عليها، بما فيها التفاح والبرقوق والسفرجل والبطاطا والبصل. كما تضررت مساحاتٌ زراعية مختلفة؛ ومن المهم جدا دعمُ هؤلاء الفلاحين حتى لا يتركوا وحدهم يواجهون الجفاف ويواجهون الكوارث الطبيعية كذلك”.
وتابع قائلا: “نتحدث كذلك عن تضرر بعض قطعان المواشي بفعل الوضعية المناخية الأخيرة، غير أن ما نؤكد عليه هو أن الفلاحين المتضررين يجب أن يحظوا بالعناية، وإنْ لم يكن هناك تدخل في هذا الإطار سنكون أمام حالات ستضطر إلى الهجرة خارج المنطقة، وهو ما لا نرغب به”.
وذكر أن “هناك تنسيقا بين المجلس المنتخب لجماعة تنوردي والسلطات الإقليمية والجهوية ومصالح وزارتي الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات والتجهيز والماء، وهي حركية في الاتجاه الصحيح من أجل فك العزلة وتوفير مسالك طرقية آمنة، على أساس أن يشرع في إحصاء المحليين المتضررين”.
المصدر: وكالات