تسعى إسبانيا جاهدة إلى حل مشكل يؤرقها، شأنها في ذلك شأن باقي الدول الأوروبية، يتعلق بالخصاص المسجل لديها في أعداد السائقين المهنيين، خصوصا سائقي الشاحنات من صنف الوزن الثقيل، إذ أكدت وسائل إعلام إسبانية أن أرباب مقاولات النقل بإسبانيا في حاجة إلى حوالي 26 ألف سائق مهني.
وأوضحت صحيفة “ABC” الإسبانية أنه لتجاوز الخصاص في القطاع ستضطر الشركات الإسبانية إلى الاستعانة بسائقين من دول أوروبية، على أن تتم الاستعانة كذلك بالمهنيين المغاربة. وفي هذا الإطار، من المنتظر أن تصادق مدريد على الإجراءات المتعلقة بمطابقة رخص سياقة شاحنات وحافلات نقل المسافرين والبضائع الإسبانية مع مثيلاتها بالمغرب، دون الحاجة إلى تدريبات إضافية، وهو ما ترفضه أساسا مدارس تعليم السياقة بالجارة الإيبيرية.
وعلى هذا النحو، وفي ما هو أشبه بمشكل القطاع الصحي، أكد فاعلون في مجال النقل بالمغرب، تحدثوا لهسبريس، أن “السعي الإسباني إلى استقدام مهنيين مغاربة إلى التراب الإسباني يظل خطوة في غاية الخطورة على قطاع النقل بالمملكة، على اعتبار أنه من شأنه أن يفرغ القطاع من مهنييه وموارده البشرية ويعمق من أزمة الخصاص التي يعرفها أساسا”.
رشيد الطاهري، الكاتب العام لجامعة النقل واللوجيستيك المنضوية تحت لواء الاتحاد العام لمقاولات المغرب، قال إن “أوروبا ككل تبقى في أمس الحاجة إلى السائقين المهنيين، بما يقدر بـ400 ألف سائق، وهو الأمر الذي ينطبق على إسبانيا تحديدا التي تظل بحاجة إلى هؤلاء، وتركيزها بشكل كبير على المهنيين المغاربة يظل اعترافا بكفاءاتهم وبجودة تكوينهم ومعارفهم”.
وأوضح الطاهري، في تصريح لهسبريس، أن “هذا السعي الإسباني بإمكانه التأثير بشكل سلبي على قطاع النقل بالمملكة، الذي يعاني أساسا من خصاص”، مشيرا إلى أن “المهنة لم تعد جذابة بالشكل المطلوب بالمملكة، حيث يسجل ضعف في الإقبال على استكمال التكوين للحصول على بطاقة السائق المهني”.
وبين المتحدث ذاته أن “ما يمكن أن نواجه به ما يجري حاليا هو الرفع من التكوين والتكوين المستمر بالنسبة للمهنيين، والعمل على تجويد ظروف اشتغالهم، رغم وجود فرق بينها وبين التي يتم توفيرها لهم خارج المغرب”، وزاد: “كوننا فاعلين في المجال ندق ناقوس الخطر بهدف التدخل من أجل حمايته من أي خصاص مهول مستقبلا”.
من جهته، قال عمر زغينو، رئيس الجمعية المغربية للنقل الطرقي عبر القارات (أمتري)، إن “الدول الأوروبية تظل اليوم في أمسّ الحاجة إلى يد عاملة حرفية وذات خبرة في مجال النقل المهني، وهو ما لمست توفره بالمغرب، غير أن مساعيها لا تتماشى مع مصلحة البلاد ومصلحة القطاع”.
وسجل زغينو، في تصريح لهسبريس، أن “قطاع النقل بالمغرب يعيش على وقع صعوبات عديدة، بما فيها هجرة اليد العاملة المؤهلة والمتوفرة على تجربة بالمجال”، مردفا: “إسبانيا ودول أخرى تريد أن تحرمنا من آلاف المهنيين الذين سهرنا على تكوينهم، وبالتالي نصير أمام مقاولات للنقل بدون مهنيين، وهو ما لا نريد أن نصل إليه”، وتابع: “كهيئات مهنية مغربية نرفض هذا السعي إلى إفراغ القطاع بالمغرب من موارده البشرية”.
وأشار الفاعل المهني ذاته إلى أن “الجانب الإسباني ركز بشكل كبير على المغرب خلال السنوات الأخيرة، إذ استثمر إسبان في مجال النقل بالمملكة عبر تأسيس شركات، ما أدى إلى تراجع أرقام معاملات المقاولات المغربية، على اعتبار أن المنافسة حول المشاريع آلت لصالح الشركات الإسبانية، بالنظر إلى كونها ذات رساميل كبيرة”، مبرزا أن “المهنيين المغاربة باتوا اليوم يحظون بأجور محترمة وبأوضاع مهنية معتبرة”.
المصدر: وكالات