بعدما كان ثمن السردين بالمغرب، خلال السنوات الماضية، يتراوح ما بين 10 دراهم و12 درهما، تجاوز هذه السنة عتبة 20 درهما فما فوق؛ مما يجعله، في نظر كثير من الشرائح المجتمعية، من المنتجات التي “غادرت موائد البسطاء”.
أثمنة مرتفعة إذن (مقارنة بما سبق) ونُدرة ملحوظة بات منتج السردين بالمغرب يعيش على إيقاعهما خلال الفترة الراهنة، أكد مهنيون أنهما “ترتبطان أساسا بالندرة التي صارت تطبع حجم المنتج بأعماق البحار وبارتفاعِ منسوب التغيرات المناخية خلال السنوات الأخيرة؛ بما فيها ارتفاع درجة حرارة المياه”.
على هذا النحو، تواصلت هسبريس مع مهنيين بأبرز الموانئ المغربية الخاصة برُسُو القوارب العائدة من رحلات الإبحار على مستوى المياه الوطنية، بما فيها ميناء المهدية وميناء آسفي، حيث لفتوا إلى أن “حجم المفرغات لا يزال منخفضا مقارنة مع الأشهر والسنوات الماضية، بما يمكن أن يبرر الأسعار المرتفعة خلال الفترة الراهنة”.
المهنيون الذين تحدثوا للجريدة طمأَنوا بخصوص “إمكانية وجود تحسن مرتقب في منسوب الصيد ابتداء من شهر شتنبر المقبل، على أن يتعزز ذلك خلال شهري أكتوبر ونونبر، بما يمكن أن يساهم في تخفيض سعر المنتجات البحرية؛ على رأسها السردين الذي يعتبر من أبرز مقتنيات المغاربة”.
وكانت ندرة السردين قد دفعت محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في يونيو الماضي، إلى ملاقاة ممثلي مهنيي الصيد و”باطرونا” القطاع من أجل تدارس الوضعية، حيث تم التوافق وقتها على عدد من التدابير التي تهم تنظيم الصيد بما يمكن من تجنّب القضاء على بعض الأنواع السمكية، موازاة مع تدارس سبل التكيف مع مشكل الندرة بعدد من المصايد الوطنية.
متفاعلا مع الموضوع، قال عبد القادر التويربي، فاعل مهني، إن “صيد شهر غشت للسنة الجارية مقارنة مع السنوات الماضية يبقى منخفضا، حيث صرنا أمام متغيرات مناخية جلية جعلت شهري يوليوز وغشت غير منتجيْن، في وقت كانت هذه الفترة من السنة فيما سبق أكثر إنتاجية”، منبها إلى “الحاجة الملحة إلى توفير دراسات محينة من قبل معهد الصيد البحري”.
أوضح التويربي، في تصريح لهسبريس، أن “ثمن الصندوق الواحد من السردين انتقل من 250 درهما إلى 350 في الوقت الراهن، وهو ثمن يبقى مرتفعا ويحيل على غلاء ناتج عن عدد من العوامل؛ بما فيها قلة المنتوج السمكي، وتغير المناخ، وارتفاع تكاليف الرحلة البحرية الواحدة بفعل ارتفاع ثمن الغازوال المستعملة”.
وبما يحيل على إمكانية وجود “انفراج مرتقب” في أثمنة السردين على سبيل المثال، بيّن الفاعل المهني ذاته أن “بداية شهر شتنبر من المنتظر أن تحمل البشرى للمغاربة وللصيادين كذلك، حيث من المرتقب أن يكون هناك تحسن في الكميات المفرغة من مختلف المنتجات البحرية التي يتم صيدها بالسواحل المغربية، خصوصا إذا استحضرنا أن البحر سيعرف نوعا من الهدوء وقتها”.
على النحو ذاته، سار تدخُّلُ بدر لعفر، مهني في قطاع الصيد البحري بميناء المهدية بمنطقة الغرب، الذي أورد أن “المُفرغ من المنتجات البحرية بالميناء يبقى قليلا جدا، وهو إذن عامل من العوامل المؤدية إلى غلائها بالأسواق الوطنية خلال الفترة الحالية”.
وأورد لعفر، مُصرّحاً لهسبريس، أن “الندرة حاليا هي عنوان المرحلة الحالية بخصوص منتج السردين على سبيل المثال، حيث إن هذه الفترة كما هو متعارف عليه تعرف دائما قلة في المفرغات؛ وهو ما رفعت التغيرات المناخية من منسوبه”، لافتا إلى أن “السردين الصغير هو المتوفر حاليا؛ لأن هذه الفترة هي فترة توالده، في نهاية المطاف”.
سيرا على نهج التويربي، أبرز المهني بميناء المهدية أن “الركود الحالي سيتلاشى تدريجيا خلال شهري شتنبر وأكتوبر، وسيرتفع حجم المفرغات وحجم المنتجات الذي سيتم صيدها خلال شهري نونبر ودجنبر المقبلين، بما سينعكس إيجابا على أثمنة البيع بالتقسيط، في الوقت الذي نطرح عددا من العوامل المرتفعة؛ بما فيها ارتفاع واجبات الرحلات البحرية، وارتفاع تكلفة المحروقات (الكاشطي).
المصدر: وكالات