في فرنسا لن تتمكّن التلميذات اللواتي يرتدن المدارس وهن يرتدين عباءات من الالتحاق بالصفوف، إذ أعلن وزير التربية والتعليم الفرنسي غابريال أتال حظر ارتداء العباءة من التلميذات، والقميص من الذكور، مع بداية العام الدراسي الحالي.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تمنع فيها فرنسا ارتداء “زي إسلامي”، بل لها سوابق عديدة في هذا المجال.
وقال أتال الذي أعلن عن المنع: “وراء العباءة والقميص هناك فتيات وفتيان صغار، وهناك عائلات.. هناك بشر يجب أن نتحاور معهم ونقوم بدورنا في التربية”، وتابع: “سيستقبلن ويستقبلون (في المؤسسات التعليمية)، وسيكون هناك حوار معهم لشرح معنى هذه القاعدة لهم، لِمَ اتّخذ هذا القرار، لِمَ لا يمكننا ارتداء العباءة والقميص في المدرسة”، معلنا أنه “اعتبارا من الإثنين لن يتمكن أي من هؤلاء التلاميذ من دخول الحصص الدراسية”.
وفي هذا الإطار قال منتصر حمادة، الباحث في مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، إن “هذه القضية تطرح أسئلة جديدة ومؤرقة حول تدبير الدولة الفرنسية لإشكالية التعددية الدينية، أخذا بعين الاعتبار نماذج أخرى في تدبير المسألة نفسها في الساحة الأوروبية، ومن ذلك أننا نعاين اندلاع هذه القضايا في فرنسا بالتحديد، بينما لا نسمع عنها في أغلب الدول الأوروبية، وحتى في المجال الأمريكي”.
وعدد حمادة ضمن تصريح لهسبريس القضايا المماثلة، قائلا إنه “في فرنسا أيضا اندلعت أزمة الحجاب منذ ثلاثة عقود ونيف، كما اندلع النقاش المجتمعي حول ‘البوركيني’ منذ سنوات، ابتداء من صيف 2016، إضافة إلى دلالة التشريع الفرنسي الصادر سنة 2004، القاضي بمنع ارتداء الأزياء والرموز الدينية في المدارس والمؤسسات التعليمية بشكل عام، بصرف النظر عن اختلاف القراءات بخصوص لباس العباءة، أي القراءة الثقافية والقراءة الدينية”.
وتحدث الباحث ذاته عن ثلاثة محددات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في هذا السياق، “أولها أنه جرت تحولات همت مؤشر الخطاب اليميني في فرنسا، الذي كان سائدا من قبل هو الآخر، بدليل وقوع عدة أحداث ذات صلة بالعنصرية وحتى الاعتداء، وأغنية مونبارناس للمطرب المغرب عبد الدكالي دالة في هذا السياق”، مستدركا: “لكن مؤشر هذا الخطاب اليميني كان متواضعا حينها مقارنة مع ما نعاينه منذ عقد تقريبا، ومن ذلك تأمل الأرقام التي حققها المرشح اليميني إريك زمور في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي جرت في أبريل 2022”.
ثاني هذه المحددات، يقول حمادة، “أننا نعاين تحولات في أنماط التدين الإسلامي التي تمر منها فرنسا، كما تمر منها مجموعة من الدول الأوروبية، حيث انتقلنا إلى حضور جلي لتدين الأجيال الأولى من الهجرة. وأخذا بعين الاعتبار أن مسلمي فرنسا ينحدرون من الدول المغاربية وبعض دول الساحل فإن تدين هذه المنطقة حينها هو عينه الذي كان سائدا في فرنسا، ولم نكن نسمع قط عن هذه القضايا، لكن جرت تحولات”.
وآخر هذه المحددات، حسب المتحدث ذاته، “يهم دور هذه القضايا في صرف النظر عن قضايا أولى تهم المجتمع الفرنسي، وتهم الأزمات السياسية المركبة التي تمر منها الدولة الفرنسية، بما فيها تراجع شعبيتها ونفوذها في الساحة الإفريقية، كما نعاين مع عدة أمثلة؛ فالأحرى أزمات الداخل، السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.
المصدر: وكالات