خلد العالم، أمس السبت، اليوم العالمي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 69/323 المؤرخ في الـ29 شتنبر من العام 2015، باعتباره مناسبة لإعادة تذكير المنتظم الدولي بمسؤولياته في الوقوف بكل حزم ضد جرائم الإبادة التي تتعرض لها بعض الشعوب والعرقيات في بقاع مختلفة من الكرة الأرضية، وفق ما نصت عليه اتفاقية سنة 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وقد تزامن تاريخ إقرار هذه الاتفاقية مع “النكبة الفلسطينية” التي بدأت في الـ15 من ماي من العام ذاته؛ ليشكل بذلك هذا اليوم العالمي فرصة لإعادة فتح صفحات من تاريخ الشعب الفلسطيني وكفاحه المتواصل من أجل تحقيق حلم إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية جنبا إلى جنب مع الدولة العبرية، هذه الأخيرة التي يواصل جيشها عملياته العسكرية في قطاع غزو منذ أكتوبر الماضي، وسط دعوات دولية لوقف “حملة التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين”.
في هذا الصدد، قال أنيس سويدان، مدير دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية والأمين العام للجنة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، إن “اليوم العالمي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الابادة الجماعية ومنع تكرار هذه الجرائم مناسبة يستذكر من خلالها الفلسطينيون تاريخ إسرائيل الدموي بارتكاب هذه الجرائم منذ مجزرة دير ياسين والدوايمة والطنطورة عام 1948 مرورا بمجازر قبيا وكفر قاسم ومخيم جنين، وصولا إلى حرب الإبادة التي يتم ارتكابها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبدعم أمريكي مطلق”.
وأشار المسؤول الفلسطيني ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن “هذه الحرب أسفرت عن سقوط نحو 18 ألف شهيد، إضافة إلى سبعة آلاف ما زالوا يقبعون تحت الأنقاض، إضافة إلى 50 ألف جريحا وتشريد 1.9 مليون مواطن فلسطيني ونزوحهم في شتى أنحاء قطاع غزة”، مشددا على أن “هذه الجرائم الدموية يجب أن تنتهي فورا، وأن تتم محاكمة مرتكبيها؛ وعلى رأسهم القيادتان السياسية والعسكرية لإسرائيل أمام محكمة جرائم الحرب الدولية، أسوة بمحاكمة المتهمين بجرائم حرب في البوسنة وكوسوفو وغيرهما”.
وتفاعلا مع سؤال حول الدور المغربي في الضغط من أجل وقف “حرب الإبادة”، قال مدير دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية إن “الفلسطينيين يعولون على الدول المؤثرة في السياسة الدولية، كالمملكة المغربية، في حشد تحالف دولي سياسي وقانوني من أجل رصد وتوثيق هذه الجرائم لملاحقة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية”.
وأورد سويدان، في ختام حديثه مع هسبريس، “لا شك في أن للمملكة المغربية مواقفها المشرقة في تاريخ القضية الفلسطينية ودعمها في المحافل الدولية، على مدى سنوات طويلة. ونتمنى استمرارها بتأثير المغرب الإقليمي والدولي، خصوصا على الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل وقف جرائم الاحتلال، وعقد مؤتمر دولي للسلام يفضي إلى اعتراف كافة دول العالم بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع استصدار قرارات دولية ملزمة تفضي إلى هذا الحل”.
من جهته، قال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن “العالم يحتفل اليوم بهذه الذكرى في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني واستمرار إعفاء الاحتلال الإسرائيلي من مسؤوليته في ارتكاب هذه الجرائم وبتواطؤ وحماية من واشنطن”، مسجلا أن “جرائم إسرائيل لم تبدأ فقط مع السابع من أكتوبر وإنما ارتكب في مرات عديدة في إطار محاولة الاحتلال لكسر إرادة الشعب الفلسطيني المتمسك بحريته وحقوقه رغم كل الظروف”.
وأدان المسؤول الفلسطيني ذاته “الفيتو” الأمريكي، الذي أحبط مشروع قرار تقدمت به الإمارات العربية المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن وقف إطلاق النار في غزة، لافتا إلى أن “هذا الأمر يؤكد بالملموس أن شعبنا الفلسطيني يواجه حرب إبادة جماعية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ضدنا”.
وأضاف أبو يوسف، في تصريح لهسبريس، أن “الاحتلال الإسرائيلي يرتكز كذلك إلى صمت دولي تجاه ما يقع في غزة للأسف الشديد؛ ذلك أنه وبدون ضغط جدي على إسرائيل مع الدفع في اتجاه محاكمتها أمام المحكمة الجنائية الدولية على جرائمها، فإن هذا الاحتلال سيمضي قدما في مساعيه في تطهير الفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم”، مشددا على أن “كل الدولة العربية والإسلامية مطلوب منها اليوم أن تمارس ضغطا أكبر على إسرائيل وداعميها، وإقرار حزمة من العقوبات على دولة الاحتلال، وقطع الطريق أمام مواصلة هذه الجرائم والمذابح التي ترتكبها في غزة، تمهيدا لمحاكمتها دوليا”.
المصدر: وكالات