أرجعت فاطمة الزهراء غالم، الكاتبة العامة للجمعية المغربية للصحافيين الشباب، أسباب تأسيس التنظيم المدني الذي تنتمي إليه إلى الإكراهات التي يعانيها الصحافيون في الميدان، وبهدف المساهمة بإضافة نوعية والنهوض بالمجال الصحافي والإعلامي عموما، وكذا المساهمة في تكوين الصحافيين الصاعدين.
وقالت غالم التي كانت تتحدث خلال ندوة بالمركب الثقافي سيدي بليوط بالدار البيضاء، الجمعة، إن اختيار موضوع “أخلاقيات مهنة الصحافة” يهدف إلى إبراز التحديات التي تواجه الصحافيين في عملهم اليومي، مبرزة أن أخلاقيات المهنية تلعب دورا محوريا في توجيه سلوك الصحافيين وضمان نزاهة وصدق التقارير الصحافية.
وأوردت أن القواعد الأخلاقية تضمن تعامل الصحافي بمهنية في احترام الأفراد والمؤسسات، وتساعد في بناء ثقة الجمهور في وسائل الإعلام، مشددة باسم الجمعية المغربية للصحافيين الشباب على أن هذه الندوة تروم تعزيز الوعي بأهمية الأخلاقيات الصحافية ودورها في بناء مجتمع إعلامي نزيه وموثوق.
وانصبت المداخلات حول تشخيص الإكراهات والتحديات المرتبطة بأخلاقيات المهنة التي تواجه الصحافيين، خاصة في ظل المتغيرات الراهنة المرتبطة بالتحول الرقمي السريع، الذي يفرض على الصحافي تحديات أخرى تتعلق باستخدام الوسائل التقنية الحديثة في جمع ونشر الأخبار، مما يتطلب توازنًا بين السرعة في نقل الأخبار والدقة في المعلومات.
من جانبه، شدد عبد الكبير اخشيشن، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، على أن مستقبل الصحافة ينطلق من الشباب، داعيا الصحافيين الشباب إلى السير بخطوات تسهم في الرقي بالمهنة.
وأشار إلى أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تؤمن بدور الجمعيات في مجال الصحافة التي تساهم في تقوية منسوب المهنية بين الصحافيات والصحافيين، خاصة وأننا مقبلون على مرحلة جد حاسمة في المغرب ستحدد مستقبل الصحافيين، ذكر منها مناقشة القوانين المُشلكة لمدونة الصحافة والنشر.
وأبرز اخشيشن أنه من الضروري حضور نفس الشباب في الأجوبة التي ستقدمها النقابة في مراجعة قوانين الصحافة والنشر، بهدف توفير بيئة مهنية وآمنة تحترم كرامة الصحافيات والصحافيين، لأن بيئة مهنية ونظيفة ومشجعة من الناحية المادية ستضمن وجود صحافيين في المستوى، موردا أن مسألة التكوين والتكوين المستمر هي مسؤولية المؤسسات الإعلامية والمنظمات المهنية كالنقابة الوطنية للصحافة المغربية.
من جهته، تطرق محمد الشمسي، محام بهيئة الدار البيضاء صحافي سابق، في مداخلة بعنوان: “من أجل ممارسة صحافية آمنة: حاجة الصحافي لاستيعاب قانون الصحافة والنشر”، إلى بروز ممارسات لا تمت للصحافة بصلة، معتبرا تأسيس الجمعية المغربية للصحافيين الشباب على أساس مهني، يعكس التوجه المسيطر على الساحة الذي يطبعه التطاحن والتسابق نحو الخبر.
وأورد محمد الشمسي أن أخلاقيات مهنة الصحافة تتجسد من خلال التكوين المهني، وليس بالضرورة ولوج معهد متخصص وإن كان ذلك هو أفضل وأضمن، بل البحث في الإنترنت، وحضور الندوات وكل الأنشطة ذات الصلة، ثم قراءة كبريات الجرائد، ومشاهدة كبريات القنوات لاكتساب بعض المهارات وضبط تقنيات الخبر وشروطه.
وشدد على ضرورة صياغة الخبر بالقواعد التي تنص عليها المهنية، مع احترام تقنية الهرم المقلوب وتجنب السرد الكرونولوجي العادي، والإلمام بالأجناس الصحافية، حتى لا يتداخل الربورتاج بالتحقيق والتقرير والبورتريه وغيره من الأجناس الصحافية.
كما وقف المتحدث عند ضرورة الإلمام بقانون الصحافة، وبعض الجرائم المقترفة بواسطة الصحافة، ذكر منها “المس بقرينة البراءة، والقذف الموجه للأفراد والسب والتشهير، والتدخل في الحياة الخاصة باختلاق وقائع أو إفشاء وقائع أو صور أو تسريب أفلام حميمية لأشخاص تتعلق بحياتهم الخاصة”.
وتحدث الصحافي السابق عن جرائم قد تتخطى قانون الصحافة وتدخل في دائرة الجرائم المعاقب عليها في مجموعة القانون الجنائي، معتبر أن المشرع احتفظ ببعض الفصول في القانون الجنائي التي يمكن أن تطال الصحافيين، وهي مرتبطة بصميم العمل الصحافي وبكل عمل يعتمد على النشر، موردا أنه ليس في القانون ما يمنع النيابة العامة المختصة من متابعة الصحافي بالقانون الجنائي أو قانون النشر.
ودعا محمد الشمسي إلى احترام الرأي المخالف والتقيد بمبادئ ميثاق الشرف الخاص بالصحافي، مشيرا إلى أن الصحافي المهني يستمد مقومات شرف المهنة من المبادئ الكونية لحرية التعبير وحقوق الإنسان، ويلتزم بالبحث عن الحقائق وإعلام الرأي العام بها بصدق وأمانة، مبرزا أنه لا يمكن الحديث عن أخلاقيات المهنة مع الصحافي دون أن تكون المؤسسة طرفا.
من جهته، تطرق عبد الفتاح مومن، أستاذ مكون صحافي بالقناة الثانية، إلى الأخلاقيات المهنية من زاوية “الأخلاقيات والذكاء الاصطناعي”، وشدد على أنه في عصر الذكاء الاصطناعي يجب أن تكون المؤسسات الإعلامية شفافة، وأن يكون استخدامها للتكنولوجيا يتطلب الإفصاح عن زمان ومكان وكيفية استعمال الذكاء الاصطناعي في جمع المعلومات، سواء أثناء التحليل أو إنتاج المحتوى، ثم الشفافية التي تبني الثقة بين الجمهور والمؤسسات الإعلامية وتساعد في تقليل الشكوك والقلق حول الاعتماد على التكنولوجيا.
وأشار مومن إلى أهمية التقيد بمجموعة من المبادئ والأخلاقيات، منها المصداقية والدقة، في ظل الانتشار الواسع للأخبار الزائفة والمضللة، داعيا المؤسسات الإعلامية إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة للتحقق من صحة الأخبار والمصادر، وأن تتبع هذه العملية بفحص بشري للتأكد من دقة النتائج وتجنب الاعتماد الكلي على التكنولوجيا فقط.
وأكد الأستاذ المكون أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة للمؤسسات الإعلامية لتحسين كفاءتها وجودة محتواها، غير أن هذه الفرصة تأتي مع مسؤولية كبيرة للحفاظ على أخلاقيات المهنية والالتزام بالمعايير الأخلاقية.
يشار إلى أن هذا النشاط اختتم بتكريم ثلة من الصحافيين المهنيين الذين ساهموا في تكريس أخلاقيات مهنة الصحافة عبر مؤسساتهم الإعلامية، أمثال الصحافية المحررة عزيزة آيت موسى، ومحمد حيحي، قيدوم المصورين الصحافيين، والصحافي المصور ابراهيم الزكري.
المصدر: وكالات