كرّس منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان، وهو محطة تمهيدية للمنتدى الدولي لحقوق الإنسان المزمع انعقاده في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس في شهر مارس المقبل، السعي الحثيث للفاعلين الحقوقيين في دول الجنوب للتخلص من التبعية للغرب في مجال حقوق الإنسان.
هذا المنحى أكدته التوصيات الختامية لمنتدى الرباط المنظم من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بتعاون مع المركز الدولي للنهوض بحقوق الإنسان-اليونسكو، في مجال العدالة الانتقالية.
فقد شدّد المشاركون في المنتدى على أن تحديد معايير العدالة الانتقالية من طرف دول الشمال، في حين إن دول الجنوب هي المعنية بها أساسا، يخلق سوء فهم حول ما يُفترض القيام به، على اعتبار أن لكل دولة خصوصياتها الثقافية والاجتماعية وحتى السياسية، داعين إلى خلق تفكير جنوب-جنوب، لإيجاد حلول ملائمة وقابلة للتطبيق من طرف الدول المعنية.
وأكد المشاركون أن العدالة الانتقالية التي تعني طيّ صفحة انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي والحاضر وجبر ضرر الضحايا، والانتقال بعد ذلك إلى مرحلة جديدة تسود فيها حقوق الإنسان بمختلف أبعادها، تتداخل فيها مسارات معقدة يتفاعل فيها ما هو محلي وما هو دولي، وأنه لا يوجد نموذج عالمي موحد لإنجاح مسلسل العدالة الانتقالية، وأن هذه الغاية يجب أن تكون محصّلة للتوافقات الممكنة بين مختلف الفرقاء والفاعلين المعنيين في كل مجتمع.
وفيما يتعلق بحفظ الذاكرة التي أولاها منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان أهمية خاصة، باعتبارها “تيمة جوهرية وأولوية كبرى، ليس من السهل أحيانا إيجاد كلمات لتحديد ماهيتها أو حصر مختلف حيثياتها، لأنها رمز تمتلكه شعوب وأمم بأكملها، وهي موضوع معقد للغاية تتطلب مقاربته إحاطة تامة بكافة تجلياته”، بتعبير أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأوصى المشاركون في المنتدى بتقوية الجهود المبذولة لحفظ الذاكرة، وذلك بإدماج طرائق مبتكرة، كاستثمار التعبيرات الفنية كالمسرح والرسم، وغيرهما من الفنون، والاعتماد على التربية على حقوق الإنسان، من أجل تملّك مخرجات توافقات المصالحة كضمانة لعدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان، حاضرا ومستقبلا.
وتمحورت أشغال منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان، الذي شارك فيه أكثر من 500 فاعل حقوقي ينتمون إلى 50 دولة، حول ثلاث قضايا رئيسية، هي، علاوة على العدالة الانتقالية والذاكرة، التغيرات المناخية والهجرة.
في هذا الإطار، دعا المشاركون في المنتدى إلى الترافع من أجل حث دول الشمال على المصادقة على المواثيق الدولية المتعلقة بحماية المهاجرين وأسرهم، من أجل صوْن حقوقهم الأساسية، لا سيما في ظل تقييد دول الشمال حق المهاجرين الوافدين من الجنوب في الدخول إلى أراضيها.
ونبهت التوصيات الصادرة عن منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان إلى أن التغير المناخي تتبعه تأثيرات سلبية على عدد من مناحي حياة الإنسان، ذلك أنه يؤدي إلى الهجرة وعدم الاستقرار، ما يُفضي إلى تعريض النازحين لانتهاك حقوقهم، واستغلالهم من طرف عصابات تهريب البشر والاتجار بهم.
وبالرغم من أن الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب-27″، المنعقد في مصر، اتفقت على إنشاء صندوق لدعم الدول الفقيرة المتضررة من تغير المناخ، فإن النشطاء الحقوقيين المشاركين في منتدى الرباط اعتبروا أن الدول المتقدمة لا تريد “الإنفاق أكثر” لجبر الأضرار المترتّبة عن التغيرات المناخية، داعين إلى مزيد من الترافع من أجل تمكين الدول المتضررة من التمويلات.
المصدر: وكالات