انتقلت دينامية التعاون الاقتصادي المغربي- الإماراتي إلى مستوى جديد، بعد إطلاق منتدى للأعمال بالدار البيضاء، بشراكة بين غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدار البيضاء و”غرف دبي” والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، حيث تم توقيع مذكرات تفاهم بين الجهات المذكورة، واتفاقيات تجارية بين مقاولات ورجال أعمال مغاربة وإماراتيين، على هامش المنتدى، الذي برمج لقاءات أعمال “B2B” همت قطاعات مختلفة، تنوعت بين العقار والصناعات الغذائية والطاقات المتجددة، وكذا الاقتصاد الرقمي.
وحرص تهاني سالم الرميثي، القائم بالأعمال في سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في الرباط، على تثمين قدم ومتانة العلاقات المغربية- الإماراتية، وانعكاسها على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، موضحا أن “تنظيم هذا المنتدى يمثل فرصة لعقد لقاءات ثنائية مباشرة بين رجال الأعمال المغاربة والإماراتيين، إذ سيشكل نقطة انطلاق لمزيد من التعاون بين رجال الأعمال والشركات الخاصة من البلدين، خصوصا أنهما يرتبطان باتفاقية تجارة حرة، توفر فرصا كبيرة، تظل غير مستغلة إلى حد كبير، علما أن طبيعة الاقتصاد الإماراتي والمغربي تتميز بتكامل وترابط كبير، يجب الاستفادة منه لتحقيق المصلحة العليا للطرفين”.
وفي افتتاح أشغال منتدى الأعمال، كشف محمد علي راشد لوتاه، مدير عام “غرف دبي”، عن بعض الإحصائيات التي أكدت تطور العلاقات التجارية بين المغرب والإمارات العربية المتحدة، خصوصا إمارة دبي، حيث بلغت قيمة مبادلاتها مع المملكة 886 مليون دولار أمريكي السنة الماضية، مؤكدا ثقته في زيادة هذا الرقم، مع استمرار تعزيز الروابط بين مجتمعات الأعمال في البلدين، ومشيرا إلى أنه بحلول نهاية الفصل الأول من السنة الجارية تم تسجيل ما مجموعه 850 مقاولة من المغرب كأعضاء نشيطين في غرفة تجارة دبي، حيث انضمت إلى الغرفة 99 مقاولة جديدة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2024 فقط، ما يعكس الاهتمام المتزايد بإمارة دبي من قبل رجال الأعمال المغاربة، ومنبها في السياق ذاته إلى أن المغرب يعد موطن أكبر عدد من الشركات الأعضاء النشطة في إفريقيا، ما يبرز أهمية المملكة بالنسبة إلى الشركات الإماراتية.
مجالات استثمار مغرية
كشف حسن بركاني، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدار البيضاء، في تصريح لهسبريس، على هامش منتدى الأعمال، عن استهداف منتدى الأعمال الجديد تجديد الفهم المغربي- الإماراتي حول دور رجال الأعمال والشركات من البلدين في إعادة التوازن للعجز التجاري الحاصل اليوم، موضحا أن المعطيات الواردة عن مكتب الصرف تشير إلى عجز لصالح الإمارات العربية المتحدة بقيمة 13.187 مليار درهم، مقابل 2.109 مليارات درهم للمغرب برسم 2023، ومنبها إلى أن المؤهلات التي تتوفر عليها المملكة تساعد على الترويج لمجالات استثمار مغرية، تهم قطاعات العقار والصناعات الغذائية، والاقتصاد الرقمية والبنية التحتية، وكذا الطاقات المتجددة.
وأضاف بركاني أن الشركات المغربية تسعى إلى تعزيز الاستثمارات في الإمارات العربية المتحدة، خصوصا في قطاع الصناعات الغذائية، حيث تمثل دبي منصة للانفتاح على الأسواق الآسيوية، مشددا على أن دينامية الأعمال بين البلدين ستستفيد من جهود المغرب لتنظيم حدثي نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، ومؤكدا أن المقاولات المغربية تحظى بدعم كبير في ظل النموذج التنموي الجديد، خصوصا على مستوى تمويل الاستثمار، الذي تصل نسبته إلى 25 في المائة من إجمالي التمويلات.
واعتبر محمد علي راشد لوتاه، مدير عام “غرف دبي”، في تصريح لهسبريس أيضا، أن اللوجستيك والتخزين وتقنيات المعلومات والعقار والطاقات المتجددة شكلت أبرز القطاعات التي لاقت اهتماما من قبل المستثمرين الإماراتيين، الذين استغلوا اليومين الماضيين في عقد لقاءات مباشرة مع رجال أعمال ومقاولات مغربية، من أجل استيضاح فرص الأعمال الممكنة، ودراسة مشاريع التعاون الاقتصادي والتجاري المستقبلية، مشددا على أهمية دعم الاستثمارات الخاصة برواد الأعمال الرقميين في المغرب، حيث تحظى التجارة الإلكترونية باهتمام متزايد من قبل الشباب العرب، ومنبها إلى أن غرفة التجارة في دبي توفر مجموعة من التحفيزات للمقاولين المغاربة، من خلال مساعدتهم على تأسيس أعمالهم وتمكينهم من استكشاف فرص الأعمال المتاحة في الإمارة وأسواق الإمارات العربية المتحدة.
تعاون اقتصادي واعد
ركز مدير عام “غرف دبي”، مخاطبا حضور منتدى الأعمال المغربي- الإماراتي، على توضيح فرص التعاون الاقتصادي الواعد بين البلدين، من خلال التأكيد على الإمكانيات التي يزخر بها الاقتصاد المغربي، إذ أشار إلى التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي حول الآفاق الاقتصادية العالمية، الذي أكد المملكة في طريقها لتكون سادس أكبر اقتصاد في إفريقيا خلال 2024، موضحا أنها تمثل سوقا ذات أهمية إستراتيجية كبيرة لدبي، ومضيفا في السياق ذاته أن البعثة التجارية هذا الأسبوع حرصت على توقيع مذكرات تفاهم مع عدد من الكيانات المغربية الرئيسية، واستكشاف الاستثمارات المستقبلية، وإقامة وجود محلي، وتعزيز التعاون مع شركاء تجاريين جدد.
ومن جهتها، أفادت آسيا بن سعد، مديرة التعاون والشركات بالوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، في عرض تلته نيابة عن علي صديقي، مدير عام الوكالة، بأن الاستثمارات الإماراتية المباشرة في المغرب قفزت إلى 17 مليار دولار، ما جعل الدولة الخليجية أول مستثمر عربي في المملكة، مشيرة إلى توقيع البلدين 90 اتفاقية للتعاون الثنائي منذ 1999، مع حضور وزان للشركات الإماراتية في مختلف مجالات الاستثمار في البلاد منذ 2003، بما مجموعه 69 شركة، ومؤكدة توفر المملكة المغربية على بيئة سياسة وأمنية وتجارية مستقرة، وبنيات تحتية تستجيب للمعايير الدولية، وكذا فرص لولوج سوق واسعة تضم 2.5 مليارات مستهلك.
وأوضحت بن سعد في السياق ذاته أن رأس المال البشري يمثل أحد أهم عوامل الجذب الاستثماري بالنسبة إلى المغرب، الذي تمكن من بلوغ الريادة خلال السنوات الأخيرة على مستوى الطاقات المتجددة، وكذا البنية التحتية واللوجستيكية، حيث يتوفر على أول قطار سريع “تي جي في” في إفريقيا، يربط بين الدار البيضاء وطنجة، و18 مطارا دوليا تتيح الربط مع 130 وجهة، إضافة إلى 1800 كيلومتر من الطرق السيارة، ناهيك عن واجهيتن بحريتين، تطلان على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وموانئ تجارية بإمكانيات ضخمة، تعالج 9 ملايين حاوية سنويا.
وفي سياق متصل، تدير غرفة دبي الدولية، إحدى الغرف الثلاث تحت مظلة “غرف دبي”، حسب محمد علي راشد لوتاه، سبعة مكاتب تمثيلية دولية في إفريقيا. وتربط هذه المكاتب الأسواق عبر القارة بفرص تعزيز التجارة والاستثمارات الثنائية، فيما تظل إفريقيا أولوية رئيسية، خصوصا المغرب، الذي يتميز باعتباره بوابة رابطة بين أوروبا والقارة السمراء، تتيح مزايا استثنائية للمستثمرين، ومناخ أعمال مثالي لنمو الاستثمارات.
المصدر: وكالات