علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع بشروع فريق مراقبين لدى مكتب الصرف في تنفيذ عملية تدقيق نوعية بشأن تحويلات مالية “تائهة” بقيمة 870 مليون درهم (87 مليار سنتيم)، رخصت بها شركات مغربية لاستثمارها في بلدان إفريقية، خاصة السنغال وكوت ديفوار ومالي، دون أن يظهر لها أي أثر بالمغرب مرة أخرى، من خلال إعادة التوطين وفق التزامات وقيود ضوابط الصرف.
وأفادت المصادر ذاتها بأن المراقبين أخضعوا خلال مرحلة أولى وثائق تحويلات وتراخيص وكشوفات بنكية خاصة بـ 12 شركة مغربية للافتحاص، في سياق تتبع حركة رؤوس الأموال التي لم توطن عائداتها بالمغرب، رغم إلزام القانون بذلك، موضحة أن التدقيق على الورق مكن من رصد مؤشرات اشتباه قوية حول استغلال مستثمرين تسهيلات تشجيع الاستثمار بإفريقيا في تهريب مبالغ ضخمة خارج المملكة.
وأكدت مصادر الجريدة تركز أنشطة الشركات المستفيدة من تراخيص تحويلات للاستثمار بدول إفريقية في قطاعات الصناعات الغذائية والأشغال والبناء والتهيئة والخدمات التكنولوجية والهندسة، مشددة على أن مراقبي مكتب الصرف طلبوا معطيات دقيقة من مجموعات بنكية تتوفر على فروع في بلدان إفريقية، لغاية تعقب حركة تحويلات مالية مهمة أنجزت من قبل الشركات المعنية بين أكثر من بلد.
وكشفت المصادر نفسها عن استفسار المراقبين شركات بخصوص مآل تحويلات مرخصة لأغراض الاستثمار استفادت منها خلال السنوات الثلاث الماضية، قبل أن يقدم بعضها تبريرات تفيد بأن مشاريعها لم تصل بعد إلى مرحلة المردودية، وبأن الأرباح المحققة تمت إعادة استثمارها لتوسيع أنشطتها، مدلية بفواتير تؤكد نفقاتها.
وقدمت شركات أخرى، تحت طلب مصالح المراقبة، وثائق أظهرت عجزا في الحسابات، في حين عجزت شركات مستثمرة عن تبرير عدم توطين الأرباح داخل الآجال القانونية، لينتقل المراقبون للبحث في مآل مبالغ محولة من المغرب بدعوى الاستثمار، علمًا أن عددا من مسيري هذه الوحدات مقيمون بصفة شبه دائمة في البلدان التي تستثمر فيها.
ومعلوم أن مكتب الصرف كان أقر في 2022 مقتضيات جديدة رفعت المبالغ المالية المسموح للمستثمرين المغاربة بتحويلها إلى الخارج، بغرض توظيفها في مشاريع، إلى 200 مليون درهم سنويا، دون تحديد الوجهة؛ علما أن القانون السابق كان يسمح بتحويل 100 مليون درهم فقط لتمويل مشاريع في إفريقيا، و50 مليون درهم للاستثمارات خارج القارة الإفريقية، أي إن المبالغ الإجمالية التي كان مسموحا باستثمارها بالخارج كانت 150 مليون درهم سنويا، قبل أن يقضي منشور جديد للصرف برفع المبلغ بـ 50 مليون درهم، مع إلغاء بند تحديد الوجهة.
وتعززت شكوك مراقبي مكتب الصرف حول التلاعب بمسار استثمارات مغربية، وفق مصادر هسبريس، بعد تلقي معلومات من مؤسسات رقابية شريكة على المستوى الدولي بشأن تحويلات مالية منسوبة لرجال أعمال مغاربة في إفريقيا نحو وجهات خارجية مصنفة كـ”جنات ضريبية”، وذلك باستغلال شركات “أوفشور”.
ويستفيد مكتب الصرف من الاتفاقية التي وقعها المغرب مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، الخاصة بتبادل المعلومات بين أجهزة الرقابة المالية ومكافحة تهريب الأموال، فيما تمكن هذه الاتفاقية المكتب من استغلال آليات تتيح له الوصول إلى مصادر المعلومات الضرورية لأداء مهامه الرقابية بشكل ناجع.
المصدر: وكالات
