لا يزال المغاربة محتفظين بموقعهم من بين أبرز الجنسيات التي تستقر على رادار الكنديين بغرض التشغيل، إذ يظلون معنيين بشكل مباشر ببرامج حكومية رسمية تدرس كيفية استقدام المهرة منهم والحرفيين ضمن عدد من المجالات بُغية إنعاش قطاعات كندية معينة.
مقاطعة نوفوبرونزويك الكندية تتطلع في هذا الإطار إلى استقدام يد عاملة ماهرة من كل من المغرب وتونس، إذ تبحث عن يد عاملة في مجالات الصحة والرعاية الطبية والتكنولوجيا والهندسة والنقل، حيث جرى فتح التسجيل الأولي إلكترونيا خلال الفترة الماضية قبل إغلاقه بشكل نهائي، في انتظار دعوة المترشحين الذين تم انتقاؤهم إلى لقاءٍ بمدينة الدار البيضاء بتاريخ 18 من شتنبر المقبل، بحضور مسؤولين كنديين.
بدورها تستعد مقاطعة كيبيك الكندية لإقامة “الأيام المفتوحة لسنة 2024” خلال يومي 26 و27 أكتوبر المقبل بالمغرب، بهدف الاستجابة لنقص العمالة في جميع مناطق المقاطعة واستهداف القطاعات ذات الأولوية بخصوص الاقتصاد المحلي، وفقا لما أفادت به حكومة مقاطعة كيبيك عبر موقعها الإلكتروني.
بحسب المصدر ذاته، فإن “مهمة التوظيف هذه تستهدف مجموعة عمالة مؤهلة مغربية لتلبية احتياجات الشركات بالمقاطعة ذاتها، ما دام أنها تبقى وجهة شعبية لليد العاملة المغربية بالنظر إلى كون 68 ألف مغربي مقيمين بها”، في وقت من المنتظر استهداف مجالات الفنادق والمطاعم والرعاية الاجتماعية والتصنيع والبناء ومجالات أخرى.
شروط صارمة ودقيقة
تفاعلا مع الموضوع، قال رشيد العلوي، مستشار في الهجرة إلى كندا، إن “مختلف عمليات طلب اليد العاملة المغربية يأتي امتدادا لعدد من التجارب التي كان فيها المغاربة على موعد مع طلبات من أجل التشغيل بأوروبا، تحديدا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، قبل أن تبرز الولايات المتحدة الأمريكية وكندا كوجهتين جديدتين للمغاربة”.
وأضاف العلوي، في تصريح لهسبريس، أن “ما يميز التجربة الكندية في جذب اليد العاملة، هو أنها تتبنى نظام الاختيار، بمعنى أنها تضع شروطا محددة أمام كل راغب في العمل بترابها، فهناك اليوم تركيز من قبلها على المهن والحرف والصحة والسياقة والتكنولوجيا والهندسة”.
وأكد المتحدث أن “كندا تسعى إلى الاستجابة للخصاص الذي تعرفه قطاعات بعينها، وتقوم لذلك بتوفير عقود عمل حصرية من أجل تمكين طالب الشغل منها هنا بالمغرب خلال اللقاء الذي يجري مع كل واحد على حدة بعد استيفائه للشروط التي تضعها؛ فعقد العمل في نهاية المطاف يُسلّم من قبل رب العمل إلى طالب الشغل”، قبل أن يشير إلى أن “لقاءات العمل التي تتم بشكل دوري يحضرها مُشغلون خواص أو ممثلون عن القطاع العام”.
وذكر المستشار في الهجرة إلى كندا أن “الأمور في نهاية المطاف تتّبع مجموعة من المراحل الخاصة والمحددة، حيث يؤكد الجانب الكندي دائما على عنصر التوثيق، بمعنى أن أي تجربة أو فترة تدريبية أو مستوى جامعي يجب أن يكون معززا بالوثائق التي تثبته”، مبرزا أن “منح فرد مُعيّنٍ عقد عمل لا يتم إلا بعد التأكد من حظوظه في التأقلم ضمن المجتمع الكندي”.
مغاربة مطلوبون
من جهته، قال عمر أزوكار، خبير قانوني محام بمونتريال الكندية، إن “المغاربة من بين أبرز الجنسيات المطلوبة كعمال بالمقاطعات الكندية إلى جانب التونسيين، لعدد من الاعتبارات الموضوعية، منها كفاءتهم واشتغالهم بجد وسهولة اندماجهم داخل المجتمع الأمريكي الشمالي”.
وأضاف أزوكار، في تصريح لهسبريس، أن “هذه البرامج الخاصة بجلْب طالبي العمل هي برامج حكومية رسمية، تُوفر للمقبولين مختلف الوثائق الأولية من أجل انتقال سلس إلى المحيط المجتمعي والاقتصادي الجديد، بما فيها التكوين المستمر كذلك”، مبينا أن “هذه البرامج تُلزم اليد العاملة بتمضية مدة العقد كاملة بمقاطعة ترابية معينة قبل الانتقال إلى مقاطعة أخرى”.
واعتبر المتحدث أن “من حسنات هذه البرامج أنها ليست مشابهة لبرامج أخرى تشهد انتشار واسعا للمحتالين والوسطاء الذين يبتزون طالبي العمل مقابل عمولات، مع إمكانية عدم توصل المعني بالأمر بعقد عمله في نهاية المطاف”، مشيرا إلى أن “المغاربة يتوفرون على سمعة جيدة بكندا، وهو ما يساهم في استمرارية طلبهم للعمل هناك، بخلاف الجزائريين الذين فشلوا في هذا الاختبار قبل سنوات”.
ولفت المتخصص في قانون الهجرة إلى أن “توجُّه المقاطعات الكندية صوب دول بعينها، بما فيها المغرب وتونس، رهين بحجم الخصاص الذي تعيشه بعض القطاعات الحيوية والأساسية واحتياجها للحرفيين”، مسجلا وجود “تقدير كندي لليد العاملة المغربية وتقديم تشجيعات لها، خصوصا على مستوى الأجور”، مؤكدا أن “النقطة الأساسية في هذا الصدد، هي أن برامج الهجرة هذه مراقبة ومحصنة من قبل الدولة من أي تلاعب من قبل وسطاء”.
المصدر: وكالات