أصدر الكاتب عبد العلي معزوز كتابا جديدا تحت عنوان “الفلسفة في العالم المعاصر.. نماذج نقدية” عن دار سليكي أخوين طنجة، وقال إنه يندرج في سياق الاشتغال الفلسفي وفي إطار استفهام دلالة فعل التفلسف في الزمن المعاصر.
وقال الكاتب: “إذا اتفقنا مع جيل دولوز على تعريف الفلسفة بأنها فن صناعة وإنتاج المفاهيم، فمن المحقق أن هذا الكتاب يستجيب لمقتضيات استنباط مفاهيم فلسفية معاصرة تسعفنا في التفكير في قضايا الحاضر وإشكالات الزمن المعاصر؛ ولماذا التأكيد على أهمية المفاهيم؟ لأنها تناوئ الكليشيهات والشعارات، وتعري زيف البديهيات، وتدحض كذب الأوهام والمغالطات. المفاهيم تبْنى ولا تعْطى، تبْدع ولا تحاكى”.
وأضاف معزوز، في توضيحاته حول إصداره الجديد، أن “الكتاب ركز على تأزيم المفاهيم بما يسمح بإعادة بنائها على مستوى ما تولده من إشكالات، وما تخْصبه من إحراجات”، مشيرا إلى أن “المفاهيم ليست آلات سحرية، وإنما أدوات فكرية تسمح بالنقد والتفكيك؛ مثل إعادة التفكير في العقل واسْتقالته واستسلامه للنزعة الارتيابية والعدمية، وتوشحه برداء النزعة الكلبية (سلوترديك)”.
وركز الكتاب أيضا على “استئناف النظر في الرأسمالية، وفي آخر صيغها ومراحل تطورها والمتمثلة في اصطلاحيْ ‘القصر الزجاجي’ و’الفقاعات’، وفي أزماتها وآخر أشْكالها الانْتكاسية، وفي أحْدث فقاعاتها المالية، وفي سرابها الإيديولوجي، ونزعاتها الإمبراطورية، وفي هيمنتها على مستوى الكوكب الأرضي، وفي وعودها الخادعة، وفي جنانها الزائفة وفراديسها الاصطناعية”.
ومن بين المفاهيم المفتاحية التي اعتنى بها هذا الكتاب، والتي اقتضت إعادة تحيينها وتفعيلها، “مفهوم الحدث الذي يكسر حلقات العلل والمعلولات، وتسلسل المقدمات والنتائج، ويضعنا وجها لوجه أمام اللامتوقع، وفي السياق نفسه إعادة التفكير في الرعب بوصْفه من تجليات الحدث”.
وأهم ما وجه الكتاب سؤال وصفه الكاتب ببالغ الأهمية، وهو “ماذا يمكن للفلسفة تقديمه من بدائل وحلول، وإلى أيّ مدى تذهب مسؤولية الفيلسوف؟ إذ ليس من مهام الفلسفة تغيير العالم كما استبشرت الماركسية وإنما إعادة تأويله، من خلال النقد الجذري للأساطير والحكايات الكبرى”.
وفي المقابل، يحاول الكتاب- عبر حواره مع أهم الفلاسفة المحْدثين والمعاصرين- “تحسس المنافذ والبدائل الممكنة التي تحشد الطاقات التحررية، وتراكم رأسمال الغضب الذي من شأنه تفجير تلك الطاقات من الداخل، ولا يهم مديح العدمية المتفشية في عالمنها المعاصر، ولا ذمها وتسفيهها، وإنما توظيفها بكيفية فعالة، واستثارة قواها الخلاقة حسب رؤية ‘فاتيمو’ الفيلسوف الإيطالي”.
يشار إلى أن “الكتاب اهتم بصياغة نظرات الفلاسفة في المجتمع والسياسة، وبفحص ما طرحوه من زوايا نظر، مثل مفهوم المتخيل الاجتماعي للتدليل على أن الإنسان هو صانع شروط وجوده الاجتماعي وليس ضحية حتميات الفيزياء الاجتماعية، وهذا ما رام بيانه في دراسة المتخيل الاجتماعي عند ‘كاستورياديس’. وفي السياق نفسه سعى الكتاب إلى إعادة النظر في السياسة بوصفها حقل صراع، ومجال تعارض الأهواء، وميدان اصطدام قوى ونوازع الشر”.
ولم يفت الكتاب التطرق إلى “محاولات أهم الفلاسفة المعاصرين صياغة نظريات في العدالة ضدا على أشكال الظلم والتمييز (جون راولز)، ونظريات في الاعتراف ضد أنواع الاحتقار (أكسيل هونيت)، ونظريات في التواصل ضد أشكال سوء التفاهم وما يستتبعها من عنف (هابرماس)”. كما لم يفت الكتاب “التطرق لنظريات نقد السلطة التي تطرح مقاومات تدبير الذات للأنظمة السلطوية الجبارة (فوكو)”.
وخُصص في الكتاب حيز مهم لـ”نقد جهاز الدولة عندما تجنح إلى التسلط”، وخصص لـ”مراجعة للمنظومات الحقوقية بناء على مبدأ العدالة، ولضبط معايير الحق على أساس الإنصاف، ولتحديد منزلة الاعتقاد الديني من الحقل السياسي”.
المصدر: وكالات