تحيي مكتبة الملك عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء الذكرى المئوية الأولى لولادة المؤرخ المغربي الراحل محمد حجي، واصفة منسق موسوعة “معلمة المغرب” بالمؤرخ “المعلمة”.
وتنظم المؤسسة التي تعنى بالأبحاث في الدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية معرضا لمؤلفات “المؤرخ والموسوعي والكاتب والباحث الجامعي المغربي محمد حجي”، اعترافا بـ”جهوده في البحث التاريخي، وفي تحقيق التراث العربي الإسلامي، وفي إصدار “معلمة المغرب” التي تمثل موسوعة علمية حول مختلف الجوانب التاريخية والجغرافية والبشرية والحضارية للمغرب”.
كما عممت المؤسسة بيبليوغرافيا مؤلفات ودراسات محمد حجي، وما كتب عنه، باللغات العربية والإسبانية والفرنسية، يمكن الاطلاع عليها عبر الموقع الرسمي لمكتبة آل سعود بالبيضاء.
قال المعرض إن محمداً حجي “سليل أسرة عريقة في الصلاح، والثقافة والوطنية المغربية بمدينة سلا. دَرَسَ علوم الدين والأدب والتاريخ على الطريقة التقليدية بإشراف فقهاء سلا (…)، وتعلَّم اللغة الفرنسية فنال سنة 1958 دبلوم الترجمة من معهد الدراسات العليا المغربية بالرباط (الذي صار يُسَمَّى فيما بعد كلية الآداب والعلوم الإنسانية)، التي حصل منها على الإجازة في اللغة العربية وآدابها سنة 1961، وعلى دبلوم الدراسات العليا في التاريخ سنة 1963، وفي العام 1976 حصل على دكتوراه الدولة في التاريخ من جامعة السوربون”.
وأضاف: “كان هاجس التأسيس مهيمنا على عطاءات محمد حجي التربوية والعلمية والثقافية، فقد انخرط في مجال التدريس مبكرا منذ العام 1943، إذ عمل في مؤسسات تعليمية متنوعة بسلا والرباط، كما تولى إدارة مدرسة تكوين المعلمين بمراكش، وتَقَلَّدَ وظائف مؤثرة في الإدارة المركزية بوزارة التربية الوطنية، أسهم من خلالها في تأسيس مشروع “الكتاب المدرسي”، تأليفا ونشرا، لمقررات التعليم العمومي من المرحلة الابتدائية والثانوية إلى قسم الباكالوريا (1956-1974)، كما شارك في تعريب مادتي التاريخ والجغرافيا في التعليم الثانوي ثم الجامعي، والتمهيد لتعريب مادتي الفلسفة وعلم النفس في الجامعة المغربية”.
وذكّرت المؤسسة بأن الفقيد قد عُين أستاذا مساعدا، ثم محاضرا، ثم أستاذا للتعليم العالي بكلية الآداب بالرباط، بين سنتي 1965 و1979، فعميدا لها بين سنتي 1979 و1981، ثم مديرا للمدرسة المولوية إلى حدود سنة 1984.
وواصلت: “يُعتبر حقلُ التاريخ الإطارَ الناظمَ للإنتاج الفكري لمحمد حجي”، لأن رسالته عن “الزاوية الدلائية” سنة 1963 هي “أول عمل جامعي رصين ينشر بعد إنشاء جامعة محمد الخامس”، تجلت فيه “معرفته العميقة بالنصوص وإحاطة تاريخية نقدية، مشفوعة بتحريات ميدانية، ساهمت في الكشف عن الموقع التاريخي للزاوية الدلائية. وقد كانت هذه الرسالة تمرينا مونوغرافيا أتاح لمحمد حجي في أطروحته للدكتوراه إنجاز عمل تركيبي واسع شمل الإنتاج الفكري بالمغرب في عصر السعديين تحت إشراف شارل بيلا، أظهر حجي في أطروحته عن تَبَحُّر علمي كبير، وانشغال بالجرد والتصنيف الموضوعاتي الحديث، والإحاطة القصوى بالنصوص قبل وضع الإشكاليات.”
وتابعت: “انعكس هذا الوعي على الاهتمامات الكبرى لحجي، الذي انشغل أولا بالتعريف بالتراث المدون في المغرب والأندلس فهرسةً وتكشيفاً وتحقيقاً، وخاصة تراث النوازل الفقهية (معيار الونشريسي، البيان والتحصيل لابن رشد الجد، الذخيرة للقرافي، النوادر والزيادات لأبي زيد القيرواني)، وثانيا بتحقيق مدونات تراجم الأعلام والمؤلفين وسِيَرهم (دوحة الناشر، نشر المثاني، فتح الشكور، فهرس المنجور، فهرس الروداني، موسوعة أعلام المغرب …)، كما أن اهتمامه بالترجمة كان موجها لتعريب نصوص تاريخية ذات فائدة قصوى في البحث التاريخي بالمغرب (مثل وصف إفريقيا للحسن الوزان، إفريقيا لمارمول كاربخال، فاس قبل الحماية لروجي لوطورنو …).”
ومن بين ما تميز به محمد حجي أيضا، وفق المعرض، “قدرته على إدارة العمل الجماعي، فساهم مع ثلة من الأساتذة والباحثين في تأسيس الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، وتولى رئاستها من سنة 1980 إلى سنة وفاته 2003”.
هذه الجمعية كانت الإطار الحاضن لمشاريع علمية وثقافية وطنية كبرى، منها إصدار دورية “الكتاب المغربي”، وهي أول مجلة مغربية بيبليوغرافية نقدية للمنشورات المغربية، صدر منها 18 عددا بين سنتي 1983 و2000، ومنها أيضا (…) إصدارُ “معلمة المغرب”، وهي موسوعة تحيط “بالمعارف المتعلقة بمختلف الجوانب التاريخية والجغرافية والبشرية والحضارية للمغرب الأقصى”، صدر منها في حياة محمد حجي 16 مجلدا، ثم أكملت الجمعية بعد وفاته إصدار باقي المجلدات، التي وصلت حتى الآن 31 مجلدا.
ويؤكد معرض مئوية محمد حجي أن إنتاج وإصدار “معلمة المغرب” هو “أهَمّ مشروع ثقافي أَثْمَرَتْه الجامعة المغربية، تحقيقا لطموحٍ لطالما رَاوَدَ المثقفين المغاربة منذ ثلاثينات القرن العشرين.”
المصدر: وكالات