58 سنة منذ اختطاف السياسي البارز المهدي بنبركة، و51 سنة منذ اختطاف النقابي البارز الحسين المانوزي، و17 سنة منذ صدور التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة؛ عقودٌ طُوِيت وتستمرُّ المطالبة بـ”الحقيقة الكاملة” في هذين الملفّين، وملفات أخرى لـ”الاغتيال السياسي” “والاختفاء القسري” زمنَ سنوات الرصاص في “اليوم الوطني للمختطف”.
وقالت أبرز الهيئات الحقوقية المدنية المغربية، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن البحث عن الحقيقة لم يكتمل في “ملفات المهدي بنبركة، والحسين المانوزي، وعبد الحق الرويسي، ووزان بلقاسم، وعمر الواسولي، ومحمد إسلامي، وعبد اللطيف زروال… وغيرهم من المختطفين مجهولي المصير”، بل “ويعرف عراقيل متعددة، بما في ذلك العراقيل القضائية. ولم يتم الكشف عن اللائحة الاسمية الكاملة لضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير وأماكن الدفن الخاصة بجزء كبير منهم، ولم تُكشَف نتائج التحليل الجيني التي خضعت لها أسر الضحايا.”
الحقيقة غير كاملة
قال عبد الكريم المانوزي، عن الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، إنه رغم صدور توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة منذ 17 سنة، إلا أن “الحقيقة جزئية وغير كاملة، فلم تُقَرَّ العدالة، ولا نعرف الحقيقة، ولم نتسلّم الرفات”.
وأضاف المانوزي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “ليس منطلق مطالبنا الحقد أو الانتقام، بل كون المغرب يحتاج استكمال خطوات تسوية ملفات حقوق الإنسان العالقة، وهو ما يتطلب الإرادة، علما أن توصيات الإنصاف والمصالحة قد أقرّها الملك بنفسه”.
وحول اللقاء الذي جمع مطالبين بالحقيقة بآمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قبل سنة، ذكر المانوزي أن بوعياش “وعدت باستكمال التحريات، لكن بقي الأمر حبرا على ورق، ولو أننا سلَّمنا أسماء المسؤولين الأحياء عن ملفاتٍ، ومن بينها كان اسم حميدو العنيكري الذي تُوُفّي مؤخرا، كما ذكرنا شهود عيان لم يُستمَع إليهم في ملف اختطاف الحسين المانوزي”.
وبما أن واقع الحال هو أن “الوقت يمرّ والأمور لا تزال على ما هي عليه، فالحقيقة غير كاملة”، يورد المصرّح، متشبثا بأن “الحقيقة في مصلحة الجميع”، معددا توصيات للهيئة لم تطبّق إلى الآن أو طُبّقت بشكل جزئي “مثل الحكامة الأمنية، واستكمال جبر الضرر الجماعي”.
ربطٌ للحاضر بالماضي
يرى عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن هذا الموعد السنوي مناسبة “لربط الحاضر بالماضي، باستحضار سنوات الجمر والرصاص، بمفاهيم الغرض منها القطع مع كل الممارسات الماضوية التي طبعت تلك المرحلة”.
وقال تشيكيطو في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “هذه مناسبة للمنظمات الحقوقية في إطار ائتلافاتها وتكتلاتها للمطالبة بالكشف عمّا وقع في الماضي، والمصالحة أيضا”، وهو ما يمكن أن يتحقق عبر “استحضار عدد من الأسماء التي لا يزال مصيرها مجهولا إلى اليوم مثل المهدي بنبركة والحسين المانوزي، وعدد من ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري”.
ثم تابع: “لا تزال عائلات المختطفين مجهولي المصير تطالب بحقيقة ما جرى لهم، ومكافحة كافة أشكال الإفلات من العقاب”.
وذكر تشيكيطو أن “تنزيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة لم يتم بشكل تام”، وعدَّد توصياتٍ لم تطبّق رغم اعتمادها، من قبيل “عدم الالتزام بجبر الضرر الجماعي والفردي والتأهيل الصحي لضحايا الانتهاكات، وعدم أجرأة الإصلاحات القانونية والتشريعية، وما سمي بالاستراتيجية الوطنية لمناهضة الإفلات من العقاب، والتوصيات المتعلقة بإصلاح المنظومة القضائية والحكامة الأمنية، والتصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وعلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية بشأن إلغاء عقوبة الإعدام”.
المصدر: وكالات