بعد مباشرة مهامه رئيسا جديدا للديبلوماسية الفرنسية، من خلال زيارة “مكوكية” إلى أوكرانيا وألمانيا، تتجه الأنظار في الوقت الحالي إلى ستيفان سيجورني ووصفاته من أجل تفعيل سياسة التوازن بين الرباط والجزائر.
هاته السياسة التي سجلت في “خزان إخفاقات” الرئيس، إيمانويل ماكرون، سيكون سيجورني واحدا من محركات تجاربها الجديدة من أجل تحقيق الهدف الأكثر صعوبة.
ويجد سيجورني نفسه وسط إجماع واضح من النخب الفرنسية على ضرورة الاعتراف بمغربية الصحراء، وهي الحلقة الأكثر تعقيدا في سياق العلاقات الفرنسية مع الرباط والجزائر.
وفي سياق آخر، يرى مراقبون أن سيجورني لن يكون فاعلا حقيقيا في هاته السياسة، التي يحتكرها ماكرون في مطبخ قرارات الإليزيه، مع توقعات باستمرار الجمود الحاصل.
وفي هاته الحالة، ومع سجله “العدائي” في البرلمان الأوروبي ضد المغرب، يطرح في الأساس سؤال الوسائل التي سيستخدمها وزير الخارجية الفرنسي لكسب ثقة الرباط.
ضرورة التفاؤل
قال محمد الطوسة، محلل سياسي مختص في الشأن الفرنسي، إن “مجيء ستيفان سيجورني يجب ألا يحمل نوعا من التشاؤم الحاصل بسبب ماضيه في البرلمان الأوروبي”.
وقال الطوسة، في تصريح لهسبريس، إن السبب الرئيسي لضرورة التفاؤل حول هذا الأمر، هو أن “السياسة الفرنسية تجاه المغرب تتم صناعتها في قصر الإليزيه”.
وأوضح أن “الأوامر والتعليمات فيما يخص السياسة الخارجية تأتي من إيمانويل ماكرون، وإذا أراد هذا الأخير أن يعطي زخما للعلاقات مع المملكة المغربية، فإن أيا كان على رأس الديبلوماسية سيقوم بتطبيق هاته التعليمات”.
ولفت المحلل السياسي ذاته إلى أن أي لقاء بين سيجورني وبوريطة “لا يمكن أن يحصل قبل الإفصاح عن نوايا الإليزيه، ويمكن أن يكون سيجورني مجبرا على تقديم اعتذار للرباط على هاته الحركة العدائية في البرلمان الأوروبي”.
وأبرز المختص في الشأن الفرنسي أن “التساؤل هو حول مبادرات ووسائل سيجورني من أجل إعادة العلاقات مع المغرب، حتى يفتح حوارا سياسيا طبيعيا مع الرباط”.
ونوه الطوسة إلى أن “الكل ينتظر كلمات سيجورني الأولى تجاه المغرب والجزائر، لأن ذلك لن يعبر عن مواقفه الشخصية، بل عن سياسة قصر الإليزيه التي تتحكم في التوجهات الديبلوماسية”.
الوفاء لماكرون
قال عمر المرابط، محلل سياسي مختص في الشأن الفرنسي، إن “الحديث عن نجاح سيجورني في إقرار سياسة التوازن بين المغرب والجزائر، يصطدم بكون وزير الخارجية الفرنسي الحقيقي هو ماكرون”.
وأوضح المرابط، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذا المعطى يتجسد بشكل واضح في كون سيجورني وفيا لماكرون وزوجا سابق لرئيس الحكومة الحالي، غابرييل أتال”.
وبين المتحدث أن “سجل سيجورني سيء في البرلمان الأوروبي، ولا يتوقع أن يكون هناك جديد في سياق العلاقات بين باريس والرباط، وعلاقة فرنسا بالجزائر”.
وشدد المحلل السياسي ذاته على أن “وزير الخارجية سينفذ ما يقوله ماكرون فيما يخص العلاقات مع المغرب والجزائر، ولا يتوقع أن يكون هناك جديد في هاته المسألة المعقدة”.
وحول انعكاس وفاء سيجورني لماكرون على العلاقات بين باريس وكل من الرباط والجزائر، قال المتحدث إن “الحالة القادمة ستكون عبارة عن ستاتيكو في هاته العلاقات، ولن تأتي بجديد يذكر”.
وأجمل المرابط بأن “هذا الوضع القادم سيكون بفعل سياسة ماكرون التي لا تنعكس فقط على المستوى الخارجي، بل تتعداه إلى الداخلي، إذ يحرص على علاقات قوية مع الجزائر والمغرب في حين يظهر أنه منحاز لطرف آخر”.
المصدر: وكالات