مع قرب دخول فصل الصيف الذي يكثر خلاله الطلب على الماء، يثار نقاش الخطوات الممكنة أمام السلطات للتشديد في استهلاك هذه المادة الحيوية، فيما يحث خبراء في المجال على “ضرورة خفض الصبيب”.
وخفض صبيب المياه هو نقاش أصبح موسميا في المغرب مع توالي سنوات الجفاف. وخلال هذا العام، اتضحت للرأي العام الصعوبات المائية الكبيرة التي تواجه المملكة ودفعت السلطات المحلية لاتخاذ إجراءات متعددة، لعل أبرزها “منع سقي المساحات الخضراء بالمياه الصالحة للشرب، وإغلاق جزئي للحمامات”.
وقبل أيام، أعلن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب-قطاع الماء بإقليم برشيد عن اتخاذ خطوة خفض صبيب المياه، بداعي تردي الوضعية المائية وتراجع حقينة السدود المزودة للمدينة.
وخفض صبيب المياه بالمغرب يتراوح حسب الوضعية المائية لكل منطقة، ومع قرب موسم الصيف يؤكد خبراء مائيون “أهمية وضرورة اتخاذ هذا القرار في جميع المناطق، بما فيها المدن الكبرى، بالنظر للوضعية الصعبة التي تعرفها بلادنا”.
أهمية خفض الصبيب
إدريس أوزار، مهندس متخصص في مجال الهندسة المائية، قال إن “الوضعية صعبة للغاية. وفصل الصيف القادم ستكون فيه السلطات مدعوة لخفض صبيب المياه”.
وأضاف أوزار، ضمن تصريح لهسبريس، أن فصل الصيف يرتفع فيه الطلب على الماء، ويتزامن هاته السنة مع ضعف واضح في عملية تحسيس المواطنين بأهمية تغيير سلوكهم في استهلاك المياه، مشيرا إلى أن “ما يتم رصده هو أن غالبية المواطنين يستهلكون الماء بالطريق العادية، وأحيانا بإسراف”.
وأورد المتحدث أن السلطات المغربية حاليا مدعوة للتفكير في حل لتسريع وتقوية تحلية مياه الصرف (المياه العادمة)، التي تعتبر “حلا جوهريا، لكنها بعيدة المنال حاليا وقبل فترة الصيف”.
وأوضح المهندس المتخصص في مجال الهندسة المائية أن خفض صبيب المياه أصبح أمرا ضروريا في فصل الصيف القادم، مضيفا أن “الوضعية الحالية تؤشر خلال فصل الصيف على أن تقوم السلطات باتخاذ إجراءات أكثر تشددا في مجال تدبير الماء بجهات المملكة”.
وتابع بأن “التحسيس أيضا أمر مهم، ويجب أن يكون أكثر قوة مما هو عليه، خاصة وأن فصل الصيف يرتفع فيه الطلب كثيرا على الماء لعوامل متعددة، وعلينا تحذير المواطن بأن الوضعية صعبة”.
وأجمل المتحدث بالقول إن “مواضيع حساسة لدى المواطن حول سلوكه الاستهلاكي للمياه يجب أن نفتحها معه مع دخول موسم الصيف؛ فالأمور صعبة للغاية ويجب أن نتحرك جميعا”.
“قرار عادي” اتخذته عدد من الدول
من جانبه، أكد فؤاد العمراوي، أستاذ بكلية العلوم عين الشق بالدار البيضاء خبير مائي، “أهمية اتخاذ خطوة خفض صبيب المياه مع حلول فصل الصيف، خاصة وأن العديد من الدول اتخذت هاته الخطوة لتواجه ندرة هذه المادة”.
وأوضح العمراوي، ضمن تصريح لهسبريس، أن تدبير وضعية الماء في فصل الصيف بالمغرب ستختلف حسب وضعية كل جهة ونسبة ملء السدود بها، موردا أن “في جهة الشمال ومحور الرباط الدار البيضاء، وحتى الحوز، الوضعية المائية مناسبة ويمكن ألا تتجه السلطات فيها لخفض صبيب المياه، على عكس مناطق أخرى سيكون فيها عدم اتخاذ هذا القرار خللا كبيرا”.
وأردف المتحدث بأن “أمطار مارس كانت مهمة، لكنها همت مناطق محددة، وغالبية المياه ذهبت إلى البحر، ولو سقطت في تادلة والحوز كنا سنستفيد أكثر، ما يعني أن الوضعية المائية مختلفة، لكنها بالفعل لا تخفي ضرورة خفض صبيب المياه”، مشددا على أن “السلطات تتابع الأمر”.
ولفت الخبير المائي إلى أن فصل الصيف يكون فيه استهلاك الماء كبيرا، إذ الفنادق تنتعش، والقطاع السياحي عامة، وغيرها من مرافق الاستجمام التي يكون الإقبال عليها كبيرا.
وخلص العمراوي إلى أن “عدم اتخاذ خطوة خفض صبيب المياه بجميع المناطق يحرمنا من اقتصاد وتوفير مياه للشهور التي تأتي بعد الصيف”، مبرزا أن “خفض صبيب المياه إجراء عادي تتبعه العديد من دول العالم”.
المصدر: وكالات