نددت فعاليات حقوقية بـ”الوضعية الكارثية” التي تتخبط فيها المؤسسات الصحية العمومية بإقليم طاطا، على رأسها المستشفى الإقليمي الذي أكدت أنه يعاني من خصاص مهول على مستوى الموارد البشرية واللوجستية والأدوية، إضافة إلى تردي الخدمات التي يقدمها للمرتفقين، ما حوله حسبها إلى مجرد “محطة استراحة” للمرضى قبل التوجه إلى مؤسسات استشفائية أخرى خارج الإقليم، مطالبة في وقت ذاته بتشييد مستشفى عسكري في طاطا من أجل ضمان الخدمات الصحية الأساسية للمواطنين.
هذا وعلمت جريدة هسبريس من مصادر محلية بإقليم طاطا أن طفلا توفي أمس في طريق نقله من المستشفى الإقليمي بطاطا إلى المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، وقبله توفيت أستاذة في الطريق ذاته، أوائل الشهر الجاري، إثر تعرضها لنزيف نتج عن عملية ولادة تطلب نقلها إلى مستشفى عاصمة سوس، وهو ما أرجعته المصادر ذاتها إلى “الاستهتار بأرواح المواطنين، والحالة المزرية لمستشفى طاطا الذي يفتقر إلى أبسط وسائل العلاج والتطبيب”.
في هذا الإطار قال فريد الخمسي، رئيس المكتب الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بطاطا، إن “الإقليم يعاني من خصاص مهول في الموارد البشرية الطبية، ومن تردي الخدمات الصحية المقدمة في المستشفى الإقليمي الذي أصبح مجرد محطة لتوقف واستراحة سيارات الإسعاف التي تقل المرضى على قلتها، قبل التوجه إلى المستشفى الجهوي بأكادير”، مضيفا أن “العديد من المرضى توفوا في الطريق بين المستشفيين بسبب غياب الأجهزة والمستلزمات الطبية في المرفق الإقليمي”.
وأضاف الفاعل الحقوقي ذاته أن “القطاع الصحي بالإقليم يعاني من مجموعة من المشاكل والإشكاليات، على غرار نقص الأطباء والتخصصات الطبية، ما ينطبق على المراكز الصحية والمستوصفات”، مؤكدا “ضرورة إعادة هيكلة البنية الصحية في طاطا، وتشييد مستشفى عسكري في الإقليم، سيكون قيمة مضافة للقطاع الصحي المحلي، في ظل توفر القوات المسلحة الملكية على أطر طبية قامت وتقوم بعمل جبار بكل مسؤولية في العديد من المناطق النائية بالمغرب”.
وأوضح رئيس المكتب الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بطاطا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تأهيل المستشفى الإقليمي المدني وإحداث مستشفى عسكري بطاطا بات أمرا ضروريا، ولن يستفيد منه المدنيون فقط، بل أيضا موظفو السلك العسكري المتمركزون بالمنطقة”، مشيرا إلى أن “ما يقرب من نصف سكان الإقليم باتوا يفضلون اللجوء إلى خدمات القطاع الصحي الخاص، ما يؤشر على فقدان الثقة في القطاع العمومي”.
وبين المتحدث ذاته أن “طاطا منطقة مهمشة ومقصية في السياسات العمومية، رغم أنها ضحت بالغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن الحوزة الترابية للوطن”، معتبرا أن “الفيضانات التي ضربت المنطقة عرت واقعها”، ومشددا على ضرورة “الاهتمام بالقطاع الصحي وتخليق المرفق العمومي الصحي، ذلك أن الكل في طاطا اليوم يعاني في صمت وسط استخفاف من الجهات المسؤولة”.
من جهته أكد مبارك أوتشرفت، رئيس منتدى “إفوس” للديمقراطية وحقوق الإنسان، أن “إقليم طاطا مقصي من السياسة العمومية الصحية، حيث يسجل تراجع مهول في عدد الأطباء على مستوى الإقليم، وفي الجنوب الشرقي عموما، في ظل غياب توزيع عادل للأطر الطبية على المستوى الوطني”، مشيرا إلى أن “الوزارة عمدت لتجاوز هذا الخلل إلى تحفيز الأطر الصحية على الاستقرار في المناطق النائية، غير أن مثل هذه الإجراءات تبقى غير فعالة”.
وشدد المصرح لهسبريس على أن “الذي سيضمن ديمومة واستمرار الخدمات الصحية المقدمة للسكان هو تشييد مستشفى عسكري في طاطا على غرار المستشفى العسكري الحسن الأول بكلميم، وفتحه في وجه المدنيين للاستفادة من خدماته بأثمان رمزية، خاصة أن طاطا منطقة حدودية تعرف تواجد ثكنات عسكرية، وزاد: “سيفيد وجود مستشفى من هذا النوع ليس السكان المحليين فقط، وإنما الجنود والضباط وذويهم أيضا”.
وسجل الفاعل الحقوقي ذاته أن “معضلة الصحة تهم جميع الجماعات التابعة للإقليم، الذي لا يتجاوز فيه عدد الأطباء سبعة على أكثر تقدير”، مقترحا في الوقت ذاته “إلزام الأطباء بقضاء مدة معينة في المناطق النائية من أجل ضمان حق المواطنين في الصحة باعتباره حقا دستوريا”.
المصدر: وكالات