كشفت معطيات جديدة عن مشروع قانون قيد الإعداد داخل أروقة بنك المغرب يجيز للبنوك تفويت القروض معلقة الأداء بذمة الزبائن إلى أطراف ثالثة. ويتعلق الأمر بخطوة غير مسبوقة في مسار تنظيم سوق الديون المتعثرة بالمغرب، قبل إطلاق مرتقب لسوق ثانوية لهذا النوع من الديون خلال السنة الجارية، وفق تأكيدات مسؤولي البنك المركزي.
وأفادت مصادر مطلعة بتنسيق بنك المغرب مع البنوك ومؤسسات التمويل بشكل مكثف طيلة أشهر، من أجل التفاهم حول مجموعة من النقط الحساسة في مشروع القانون، موضحة أن أهمها ارتبط بحماية المعطيات الشخصية للزبائن، وصحة الشروط التعاقدية حول القروض بين البنوك والمقترضين، وكذا قيمة العمولات ومستوى المخاطر في السوق الجديدة للقروض معلقة الأداء.
حماية الزبائن
توقع مراد بدير، مستشار في المنازعات البنكية، في تصريح لهسبريس، مواجهة بنك المغرب والبنوك وشركات التمويل مجموعة من التحديات المرتبطة بالتنزيل الفعلي للنص القانوني على أرض الواقع، موضحا أن عقود القروض تعتبر “عقود إذعان” في المادة المدنية، وشكلت خلال الفترة الماضية سببا مباشر وراء أغلب النزاعات بين البنوك والزبائن، مشددا على ضرورة تضمين أي مشروع قانون يجيز بيع البنوك القروض معلقة الأداء الخاصة بزبائنها إلى الغير أحكاما تحمي مصالح الزبون بالدرجة الأولى، بعيدا عن مساعي الربح وتحصيل العمولات بين الأطراف الأخرى.
وأضاف بدير أن المشروع الجديد يجب أن يتضمن أحكاما تضمن حماية المعطيات الشخصية للزبائن، وفق مقتضيات القانون 09-08، والمحافظة على السر المهني البنكي، وذلك خلال مختلف مراحل عملية تفويت القرض معلق الأداء الخاص بالزبون من قبل البنك المقرض، وصولا إلى المشتري الذي يمثل طرفا ثالثا في هذا المسلسل، مشيرا في السياق ذاته إلى أن الزيادات في التكاليف التي سيتحملها المدينون المتعسرون ستشكل تحديا أمام جميع الأطراف من أجل إنجاح مثل هذا المشروع.
وأظهرت الإحصائيات النقدية الصادرة عن بنك المغرب أخيرا تفاقم القروض معلقة الأداء بذمة الزبائن لفائدة البنوك لتصل إلى 94.6 مليار درهم، أي 9460 مليار سنتيم، فيما ارتفعت قيمة القروض معلقة الأداء بذمة الأسر إلى 38.7 مليار درهم، أي 3870 مليار سنتيم
سوق ثانوية
تحول تواتر الأرقام حول تفاقم القروض المتعثرة إلى جرس إنذار، يستعجل أكثر من أي وقت مضى فتح سوق ثانوية للديون المتعثرة، التي مازالت مشروعا على الورق، مع وعود بإطلاقها خلال السنة الجارية من قبل بنك المغرب.
وسلمت الشركة المالية الدولية SFI، فرع البنك الدولي، بنك المغرب قبل أشهر دراسة حول السوق الثانوية، تضمنت جميع الجوانب القانونية والجبائية والتشغيلية الضرورية، فيما تقدم المشروع المغربي لإحداث السوق الجديدة خطوات مهمة، بعدما شارفت اللجنة بين المؤسساتية التي يقودها البنك المركزي، تحت إشراف الأمانة العامة للحكومة، وضمت وزارات المالية والعدل والصناعة والتجارة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكذا الوزارة المنتدبة المكلفة بالاستثمار والالتقائية والسياسات العمومية، على الانتهاء من إعداد المشروع، الذي يرتقب أن يرى النور في 2024.
وفي هذا الصدد أوضح عبد الرزاق الكوني، مستشار مالي وخبير في قانون الأعمال، في تصريح لهسبريس، أن مشروع إحداث سوق ثانوية للديون المتعثرة واجه مجموعة من نقط الخلاف والتصورات المتناقضة في الطريق إلى وضع تصور مبني على قواعد قانونية وجبائية وتنظيمية صارمة، تسمح بإحداث فضاء ملائم لتثمين القروض معلقة الأداء، والتخفيف من حدة تأثيرها السلبي في محفظة البنوك، من خلال تفويتها إلى المستثمرين المهتمين، بما ينعكس إيجابا على قدرة المؤسسات الائتمانية على تمويل الاقتصاد.
جدير بالذكر أن حجم الديون المستحقة اليوم كبير بما يكفي لتنشيط سوق ثانوية. وبلغة الأرقام، فمبلغ الديون المتعثرة قفز من 84.8 مليار درهم بنهاية 2021 إلى 89.5 مليار درهم بنهاية 2022، وذلك بزيادة قدرها 5.5%، فيما لم يتوقف جاري هذه الديون عن الزيادة السنة الماضية، ليصل إلى 94.6 مليار درهم.
المصدر: وكالات