نبه مشروع بحث علمي جديد إلى تزايد الضغط على موارد المياه الجوفية بسبب التغير المناخي من جهة، والاستغلال المفرط لهذه الموارد من جهة أخرى، مشددا على الأهمية القصوى للبحث عن حلول لتدبير المياه بشكل رشيد ومستدام.
يتعلق الأمر بمشروع البحث العلمي “PRIMA-eGroundwater” الذي تنسقه جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، ويقوم بإجراء دراسات هيدرو-جيولوجية وزراعية وسوسيو-اقتصادية في هذا المجال منذ أكثر من ثلاث سنوات.
قدمت كل من زهور بوزيدي، منسقة مشروع البحث “egroundwater”، وعبد الوهاب النجاري، عضو في المشروع، بعض خلاصات المشروع، متحدثين ضمن ورقة توصلت بها هسبريس عن كون مستويات المياه الجوفية في المغرب خلال سنة 2023 عرفت “انخفاضا مثيرا للقلق بسبب توالي عدة سنوات من الجفاف الحاد”.
وحسب الباحثين، تعتبر الفترة الممتدة من 2019 إلى 2022 من السنوات الأكثر جفافاً منذ ستينات القرن الماضي، “وأكدت في هذا الصدد بيانات المديرية الوطنية للأرصاد الجوية لسنة 2023 تسجيل عجز مطري بنسبة 32% خلال هذه الفترة مقارنة بالمعدل العام للتساقطات. وتشكل هذه السنوات الأربع السنوات الأكثر جفافاً على التوالي منذ الستينات من القرن الماضي”، توضح الورقة.
وأبرز الأستاذان أن “الانخفاض الملحوظ في معدل التساقطات يعود إلى تفاقم حالة الاستغلال المفرط للمياه الجوفية بسبب الضغط على الفرشة المائية. وقد تزايدت حدة هذا الضغط في التسعينات مع اعتماد تقنيات الحفر الحديثة في استخراج المياه الجوفية وتضاعفت في السنوات الأخيرة مع الاستعمال المتزايد للطاقة الشمسية في ضخ المياه. وقد أدى هذا الاستغلال إلى الزيادة في الانخفاض العام للموارد المائية والاستنزاف المفرط لعدد كبير من الفرشات الباطنية على المستوى الوطني كما هو حال الفرشة الباطنية لمنطقة عين تيمكناي-إغزران وأولاد مكودو الواقعة برباط الخير بإقليم صفرو”.
ونبه الباحثان إلى أنه “بالإضافة إلى تزويد السكان المحليين والمناطق المجاورة بالماء الصالح للشرب، عرفت المنطقة على مدى ثلاثين عامًا الماضية تطورا مهما للفلاحة المسقية والمكثفة التي تعتمد أساسًا على الأشجار المثمرة، خاصة التفاح والبرقوق، وهو ما أدى إلى استمرار انخفاض مستويات المياه الجوفية خلال العقد الأخير بشكل مقلق جفت بسببه العديد من الآبار سنتي 2022 و2023، خاصة بعد الموسمين الشتويين الجافين”.
مشروع البحث العلمي “PRIMA-eGroundwater” يهدف إلى إنجاز أبحاث وتجارب على مستوى توافر المياه الجوفية واختبار أنظمة معلوماتية مرقمنة تسمح بالتدبير التشاركي والمستدام لهذه الموارد المائية. وتتعلق بعض هذه الأساليب بالأدوات والتقنيات الجديدة (على سبيل المثال استخدام صور الأقمار الصناعية)، وكذلك بإشراك المستعملين في جمع وتدبير البيانات وفق مقاربة علمية مواطنة “Citizen.Science”.
وحسب الباحثين، فقد “تم التخطيط لتطوير واختبار تطبيق للهواتف الذكية، حيث سيتمكن المعنيون بالأمر من إدخال البيانات (على سبيل المثال فيما يتعلق بمستويات المياه) والحصول على معلومات مستنبطة حول الوضع الهيدرولوجي أو حول المساحات المزروعة”.
يذكر أن وكالة الحوض المائي لسبو وجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، وضمن هذا الإطار المتعلق برقمنة الماء والأرض، نظمتا مؤخرا ورشة تشاورية بمقر المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية برباط الخير، الهدف منها بدء الحوار بين الأطراف المعنية (السلطات المحلية، المؤسسات المسؤولة عن تدبير المياه والفلاحة، الفلاحين، وفعاليات من المجتمع المدني) حول الإمكانيات المتاحة لإعداد “عقدة الفرشة المائية” لضمان تدبير المياه الجوفية واستدامة الفلاحة المسقية بمنطقة عين تيمكناي-إغزران-أولاد مكودو.
المصدر: وكالات