تجاوز وصول المنتخب المغربي لكرة القدم، إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022، حدود ما هو كروي ورياضي، إذ أثار مشاعر الوحدة العربية والأفريقية والتضامن العربي الإسلامي، لتنجح الكرة في لم شمل ما فرقته السياسة.
وأثنى العديد من المحللين والمتابعين، على الروح القتالية التي لعب بها المنتخب المغربي المكون من لاعبين محليين وآخرين يلعبون في دوريات أوروبية كبرى، لكنهم فضلوا تمثيل بلادهم رغم تلقيهم عروضا بتمثيل البلاد التي يلعبون فيها.
كما أشادوا بخطط الركراكي المحكمة للانتصار على أقوى الفرق الأوربية التي واجهها المنتخب، والتي كانت من ضمن المرشحين للفوز بكأس العالم في نسخته الحالية.
المنتخب المغربي وحّد الجماهير العربية
تمكن المنتخب الوطني المغربي من توحيد الجماهير العربية، بعد الإنجاز الذي حققه في نهائيات كأس العالم باحتلاله المركز الرابع، معيدا بذلك الهيبة للمنتخبات العربية والأفريقية ورسم هوية جديدة للكرة العربية.
انتصارات الفريق المغربي التي لم تتحقق منذ مشاركته في المكسيك 1986، عندما فاز على البرتغال وتأهل إلى الدور الثاني، لم تُخرج المغاربة فحسب إلى الشوارع للاحتفال بنشوة النصر في هيستيريا أنستهم أزماتهم الاجتماعية، وعلى رأسها غلاء المعيشة، وإنما أدخلت السرور على نفوس العرب جميعا.
وتلقى الملك محمد السادس التهاني من رؤساء دول عربية وإفريقية بالإنجاز الذي حقفه المنتخب المغربي في نهائيات كأس العالم، ليستطيع بذلك أسود الأطلس في توحيد الأمة العربية والإفريقية.
وتواصلت التهنيئات، هذه المرة أخذت طابعا دوليا، بعدما هنأ رجل الأعمال الأمريكي ومالك تويتر الجديد إيلون ماسك المنتخب المغربي لتأهله للدور قبل النهائي، كما هنأه السفير الأمريكي في الرباط وظهر وهو يرتدي قميص المنتخب المغربي خاتما تهنئته بعبارة “سير سير” التي تشتعل بها مدرجات الدوحة لتحفيز المنتخب وتعني “امض قدما لتسجيل الأهداف”.
بنزاكور: الفرحة المغربية العربية لا يمكن حصرها في الجانب الرياضي فقط
اعتبر محسن بنزاكور، أستاذ في علم النفس الاجتماعي في تصريح لرويترز، “هذه الفرحة المغربية العربية لا يمكن حصرها في الجانب الرياضي فقط، لأن الجانب الرياضي يمكن أن يعبر عنه الإنسان فقط بالتهاني وانتهى الأمر، لكن أن تخرج الشعوب إلى الشوارع وأن تهدي الحلويات وترفع الأعلام.. وغيرها، سيكون من الغباء أن نتحدث عن فرحة كروية فقط، هناك أشياء لابد من الوقوف عندها”.
وأضاف، أن للأمر بعدين “بعد الوحدة العربية حيث تبين أنها لازالت في العقول وفي العواطف وتنتظر فقط من يحققها، والبعد الثاني هو أن العالم العربي يعيش احباطات تأسست على المستوى الاقتصادي والسياسي، ولكن أيضا على مستوى كرة القدم، فالعالم العربي كان يُنظر إليه على أن له فرقا صغرى وأنها لم تحقق أبدا حتى الصعود إلى الدور الأول”.
وأضاف بنزاكور، “هذا الإقصاء النفسي والإعلامي كان دائما حاضرا وبالتالي جاء هذا الانتصار لرد الاعتبار بأننا لسنا أقل قدرة أو كفاءة من الآخرين، وتجاوز عقدة الدونية”.
درس في الترابط الأسري
يرى محللون أن المنتخب المغربي لم يعط درسا في اللعب الجيد وتحقيق النصر فقط وإنما أعطى دروسا للعالم، خاصة الغربي، في القيم والارتباط الأسري.
ودللوا على ذلك بما قاله مذيع ألماني من أن “هذه المشاهد الحميمية مع العائلة لم نعد نراها في مجتمعاتنا الغربية التي تسودها الأنانية والمثلية الجنسية واندثار مفهوم الأسرة”، في إشارة إلى مشاهد معانقة بعض اللاعبين كأشرف حكيمي وسفيان بوفال لأمهاتهم وتقبيلهن بعد انتهاء المباريات.
وقال بنزاكور “الذي لا نستطيع أن ننكره هو أنه رغم أن هؤلاء تربوا في الدول الغربية استطاعوا أن يحافظوا على لحمة الأسرة وهذا ما تحدث عنه الإعلامي الألماني”.
وأضاف أن الفضل في تشبث هؤلاء اللاعبين بهويتهم “يرجع إلى الأمهات بالأساس والآباء حتى لا نبخسهم حقهم.. هذا الذي فرح بحضن أمه وسط الجماهير العربية، لم يترب في بيئة مغربية بل في أوروبا، لكن الأم هي من تحافظ على هذه اللحمة
خلاصات وتوصيات
إنجاز المنتخب الوطني المغربي في نهائيات كأس العالم قطر 2022، خرج بالعديد من الخلاصات، مفادها أن الاعتماد على الأطر الوطنية ومنح الثقة للشباب والطاقات المغربية، وعدم الانتقاص أو التشكيك من قدرات وطاقات البلاد، يساهم فعلا في بلوغ المراد وتحقيق الأهداف المسطرة، عكس ما يكون عليه الحال عندما يتم منح المسؤولية للأجنبي.
ولم يخلوا إنجاز أسود الأطلس في العرس المونديالي من التوصيات من أجل مواصلة التألق رياضيا وكذا في العديد من القطاعات، لكي لا يتم الوقوف على هذا الإنجاز لوحده لسنوات، كما حصل في مونديال 1986 وكأس إفريقيا 2004.
ووجهت العديد من الجماهير المغربية والفعاليات الرياضية من مدربين ولاعبين، توصيات إلى الجهات المسؤولة بالاستمرار في التكوين الرياضي، وإعطاء أهمية كبرى للبنيات التحتية، لتنظيم أعتد التظاهرات العالمية والقارية في المستقبل القريب لوضع المغرب في الصفوف الأمامية ومواصبة كتابة التاريخ رياضيا، وفي شتى المجالات الأخرى.
المصدر: وكالات