استقبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الأربعاء 14 يونيو الجاري بمقر المجلس بقلب العاصمة الرباط، وفدا عن تنسيقية المسيحيين المغاربة، بعدما وصلت التنسيقية سالفة الذكر إلى قناعة مفادها أن “التقدم في إيجاد حلول لمطالب المؤمنين المسيحيين المغاربة يمر بالضرورة عبر التواصل والعمل والمرافعة”.
مصطفى السوسي، الكاتب العام والناطق الرسمي باسم تنسيقية المسيحيين المغاربة، قال إن “اللقاء مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان فرصة رائعة لكي نجدد رفع مطالبنا إلى المجلس باعتباره مؤسسة دستورية تعنى بحقوق كل المغاربة مهما كانت اختلافاتهم أو عقائدهم، من خلال ما يتيحه الظهير الملكي المؤسس للمجلس”، مشيرا إلى أن اللقاء كان أيضا فضاء للتذكير بالأسباب المشروعة لمطالبنا، والدوافع الإنسانية والاجتماعية والعقدية التي دفعتنا إلى المطالبة بهذه المطالب التي نعتبرها بسيطة ولا تشكل أي تهديد لأية جهة”.
وقال الكاتب العام للتنسيقية إنهم “يطالبون بحقهم في الاعتراف وفي الوجود”، وزاد: “من مطالبنا أن يتم السماح لنا بإقامة الطقوس المسيحية بالكنائس الرسمية، والاعتراف بالزواج الكنائسي أو المدني، مع انتصارنا للأخير، لكونه مدخلا يعترف بكل أشكال الزواج”.
وأضاف السوسي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أنه “تمت المطالبة أيضا بالحق في تسمية أبنائنا بالأسماء التي نرتضيها دون أن تفرض علينا أسماء بعينها، تلغي حقنا في أن نكون مختلفين”، مشددا في الوقت ذاته على “مطلب أن تفعيل الطابع الاختياري لدراسة التربية الإسلامية أو الدينية، بشكل عام، بالإضافة إلى مطلب الدفن عند الممات بالطريقة المسيحية”.
وسجل الناطق الرسمي باسم تنسيقية المسيحيين المغاربة أن “هذا الاستقبال هو فرصة لاستئناف النقاش، وللتذكير بأهمية العيش المشترك والانتصار للحق في الاختلاف”، موضحا أن “النقاش ركز على الطابع المغربي الصرف للنقاش، أي أننا مغاربة، ولدنا مغاربة، ونشبه كافة المغاربة، ونعيش في إطار “التمغربيت” كقيمة حصرية”.
وتابع المتحدث ذاته قائلا: “نرغبُ في أن نعيش كمسيحيين في وطننا المغرب رغم اختلاف عقيدتنا الدينية، ولا نقبل الوصاية الأجنبية أو الإملاءات؛ لأننا لا يمكن أن نقف ضد وطننا على طرفي نقيض أو أن نسمح لجهات خارجية باستغلال ظروفنا، لابتزاز دولتنا”، موضحا أن هذا الاستقبال الرسمي يعكس رغبة المغرب في الحفاظ على الأمن الروحي، خصوصا أن الملك محمدا السادس سبق أن قال إنه أمير للمؤمنين في كل الأديان”.
من جانبه، قال عبد الرفيع حمضي، مدير الرصد وحماية حقوق الإنسان بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن “اللقاء مع تنسيقية المسيحيين المغاربة يمثل مسألة روتينية وعادية، بما أن المجلس في النهاية يستقبل مواطنين مغاربة، مهما كانت عقائدهم”، مشيرا إلى أن “التنسيقية التجأت إلى المجلس عبر مراسلة الرئيسة آمنة بوعياش، وتمت تلبية طلبهم بكل بساطة، وجرى استقبالهم”.
وأوضح حمضي، لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مسألة الأقليات الدينية في المغرب، بشكل عام، هي من بين المواضيع التي يترافع عليها المجلس ضمن استراتيجيته الحقوقية الشاملة التي تنتصر لكافة حقوق الإنسان دون تجزئة، بما فيها حرية العقيدة”، ذاكرا أن “المجلس يتابعُ شؤون كل الأقليات من أجل معرفة هل يواجهون صعوبات في ممارسة حقوقهم الطبيعية أو يلقون تضييقات في المجتمع أو من طرف الجهات الرسمية بسبب اختياراتهم الدينية المختلفة”.
وشدد مدير الرصد وحماية حقوق الإنسان بمجلس بوعياش على أنه “تم الاستماع إلى مختلف الإشكالات التي طرحتها تنسيقية المسيحيين المغاربة، وكانت هناك توجيهات من طرفنا”، مبرزا أنهم “طرحوا، أيضا، مشكل صعوبات في الذهاب إلى الكنيسة بالمغرب؛ لكن المجلس قام برصد المسألة وتتبعها، واتضح أنهم بالفعل يواجهون مشكلة أن غالبية الكنائس في المغرب تمارس طقوسها التعبدية باللغات الأجنبية، التي لا يتقنها بعض المسيحيين المغاربة”؛ لكن “الحق في اللجوء إليها ليس مقيدا، وليس محط تمييز أو تضييق”، وفق تعبير المتحدث ذاته.
ولم يفوت حمضي أن يذكر أن “التنسيقية طرحت مثلا مسألة صعوبة تأسيس جمعيات؛ لكننا شرحنا لهم أن قانون الحريات العامة بالمغرب يمنع تأسيس جمعيات ذات صبغة دينية، في حين أن تأسيس الجمعيات إجمالا ليس فيه إشكال من الناحية المبدئية”.
وفي ختام تصريحه، قال الفاعل الحقوقي إن “النقاش كان جديا وهادئا سمح للمغاربة المسيحيين بالتعبير عن أنفسهم، وأكدنا لهم أننا نقف جميعا ضد التمييز أو الإقصاء، على اعتبار أن المجلس الوطني منخرط في المنظومة الدولية المتعلقة بحرية العقيدة”.
المصدر: وكالات