اعتبر فريد بلحاج، نائب الرئيس الإقليمي لمجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن الأخيرة “تعيش سياقا معقدا بشكل متزايد”، واصفا تعاقب الأزمات وتداخلها خلال السنوات القليلة الماضية بـ”العيش في عالم متعدد الأزمات”؛ وهو ما تمظهَر بقوة في اقتصاديات دول شمال إفريقيا.
وأشاد المسؤول الرفيع في البنك الدولي، خلال حلوله متحدثا من على منصة النسخة الثالثة من المؤتمر السنوي لـ”شبكة البحث التابعة للبنوك المركزية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” المنعقد بالعاصمة الرباط اليوم الخميس ويوم غد الجمعة، باختيار موضوع اللقاء المتصل بتحولات جارية في أسواق العمل والتشغيل، خاصة بعد مرور الجائحة الوبائية لـ”كوفيد-19″.
ونادى بلحاج، بحضور كل من والي بنك المغرب ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، بـ”رسم طرق جديدة وفتح آفاق أرحب تمكن من المضي قدُما بالنسبة للقطاع الخاص نحو خلق المزيد من فرص العمل وتشغيل الشباب”.
كما شدد، في معرض كلمته أمام جمع من الباحثين الاقتصاديين، على “أهمية ضمان تكوين وتدريب أفضل للرأسمال البشري المؤهل”. وقال: “ذلك يجعله يتكيف باستمرار مع التغيرات الطارئة وحاجيات سوق العمل وطنيا وخارج حدود الدول”.
“هجرة الشغل موضوعا للتفكير”
في هذا الصدد، أشار بلحاج إلى أنه “وعكس ما قد يشاع من أن الهجرات، بمختلف أنواعها، قد تساهم في تباطؤ نمو دول استقبال العَمالة المهاجرة؛ فإن الأثر الإيجابي لهذه الأخيرة غير خافٍ في تخفيف نسب البطالة وتخفيضها بعدد من الدول”.
واسترسل المتحدث ذاته مستدلا على كلامه بـ”خلاصات تقرير صادر في 2008 أكدت أثرا إيجابيا على انخفاض البطالة بنسبة 50 في المائة في دول بعينها خضعت للدراسة”، مفيدا بأن “منحنى فيليبس « courbe de Phillips » (منحنى يبين العلاقة بين البطالة ومعدل التضخم وتأثيراتهما المتبادلة) يمكن للهجرة المؤهلة مهنيا أن تترك بصماتها الجيدة عليه”؛ ما يستدعي، حسب بلحاج، “الانكباب جديا على دراسة مسارات هجرة الشغل كموضوعٍ للتفكير من طرف باحثي الاقتصاد”.
الدور الاقتصادي للدول
في موضوع ذي صلة، طرح نائب الرئيس الإقليمي في البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا موضوع “الأدوار الاقتصادية للدولة في مجموعة من بلدان منطقة مينا”، للتفكير بصوت مسموع مع مختلف الباحثين الحاضرين.
وقال شارحا: “هناك ضعف وهشاشة في معدلات النمو الاقتصادي تميز أغلب الدول في منطقتنا؛ إلا أن إعطاء نفَس جديد لأدوار القطاع الخاص بدوره سيسهم لا محالة في إقلاع اقتصادي مستدام النتائج”.
في هذا الصدد، ضرب فريد بلحاج مثالا بالتجربة المغربية التي وصفها بـ”الرائدة” في مجال “إقرار قوانين مبتكرة تُرسي شراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP)”، مسجلا أن “تهيئة مناخ الأعمال والاستثمار لا يتطلب بالضرورة مواثيق مكتوبة؛ لأن أغلب الدول المتقدمة في منظمة OCDE تخلو قوانينها من مواثيق للاستثمار”.
وختم مثيرا انتباه المشاركين: “علينا الاستعداد من الآن، لأنه بحلول سنة 2050 سيطرُق باب الشغل حوالي 300 مليون شاب من دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا؛ ما يجعل تغيير براديغمات التكوين والتعليم في بعض البلدان ضرورة مستعجلة، فضلا عن ضرورة تحلي بلداننا وصناع سياساتها بجرأة نقاش مؤشرات الفقر والهشاشة المتصاعدة”.
المصدر: وكالات