شكل انعقاد المؤتمر المخصص لموضوع “التأثيرات الماكرو اقتصادية للتغير المناخي”، فرصة سانحة لتعبير صريح من المسؤولين الإسبان عن عمق الشراكة بين الرباط ومدريد، مُشيدين بكون التنظيم المشترك لمثل هذه الأنشطة يقوي متانة التعاون ويرتقي بمكانته لدى المملكتيْن.
واستضافت هذه الفعاليات، التي عرفت حضور شخصيات بارزة، محافظ بنك إسبانيا، بابلو هيرنانديز دي كويس، باعتباره المحاضر الرئيسي، “الذي جاء ليشاركنا أفكاره وتجربة بنك إسبانيا والنظام الأوروبي حول الإشكالية التي سنناقشها في هذا اللقاء”، وفق ما ذكره الجواهري في بداية حديثه مُرحِّباً بنظيره الإسباني.
كما كان لافتاً حضور سفير إسبانيا بالمغرب، ريكاردو دييز هوشلايتنر، على إثر انتهاء مهامه في المغرب، وهو ما دفع الجواهري إلى التعبير له “عن خالص الشكر والامتنان على الجهود التي بذلها من أجل تعميق وتوثيق العلاقات بين المغرب وإسبانيا على العموم، وبين بنك المغرب وبنك إسبانيا على الخصوص”، وأضاف قائلا: “معه تبلورت فكرة لقاء اليوم، وأنا سعيد أنها تحققت قبل أن يغادر إلى بلده”.
وخص الجواهري بالشكر كذلك المقاولات الإسبانية الفاعلة بالمغرب، وهي بالمئات، وتساهم بفعالية إلى جانب نظيرتها المغربية في تطوير بلدنا وفي تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسبانيا، الشريك الاقتصادي الأول للبلاد اليوم.
وفي كلمة مقتضبة قبل إلقاء المحاضرة الرئيسية للمؤتمر، أشاد سفير إسبانيا في المغرب، ريكاردو دييز هوشلايتنر، بما وصفه “عملا جاداً ينهض به البنك المركزي المغربي بقيادة وجهود عبد اللطيف الجواهري”، الذي قال إنه “يمثل نوعاً من الذكاء في التدبير المالي لهذه المؤسسة”.
وقال سفير مدريد بالرباط: “كنتُ شاهداً ومتابعاً عن كثب على تطور وتعزيز العلاقة الجيدة وحرارة التعاون بين البنكيْن المركزيين الإسباني والمغربي، وهو ما أثمر هذه الندوة التي تناقش قضية من قضايا المناخ الهامة وأبعادها الماكرو اقتصادية”، مشيرا إلى أن “قيادته للمسؤولية الدبلوماسية بسفارة بلده في المغرب جعلته ينخرط في حضور عدد من اجتماعات الشراكة والتعاون بين بنك المغرب وبنك إسبانيا”.
كما لم يفت المسؤول الدبلوماسي الإسباني أن يشدد على “نجاح باهر” تراكمه المملكة المغربية في تنظيمها لأنشطة وتظاهرات مالية واقتصادية عالمية، مستدلا على ذلك بـنجاحها في تحقيق رهانات المناخ العالمية عبر “كوب-22” ثم انعقاد “اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد” في مراكش أكتوبر الماضي.
من جهته، أشاد محافظ بنك إسبانيا، بابلو هيرنانديز دي كوس، بـ”الشراكة المغربية الإسبانية، لا سيما في شقها الاقتصادي”، معتبرا أنها شهدت تطورات ملموسة في العقد الأخير بالخصوص، قبل أن يتطرق، في عرض مطول، للأبعاد الممكنة والمحتملة لتغير المناخ، كاشفا بالإحصائيات والبيانات أن “التغيرات المناخية لا تخص قطاعا اقتصادياً دون غيره، بل تمتد تأثيراتها الاقتصادية إلى أبعاد ماكرو اقتصادية تمس الاقتصاد الكلي”.
“مخاطر الانتقال الأخضر”
بعدما لفت إلى أهمية الحرص على مراقبة التدفقات المالية والوقاية من “الغسل أو التمويه الأخضر” (Green washing) وتقليص هذه الظاهرة ما أمكن، قال المسؤول المالي عن البنك المركزي الإسباني إن “تغيرات المناخ لا تشكل فقط تأثيرات بدأنا نلمسها في فروع الأنشطة الاقتصادية التقليدية، بل تمتد انعكاساتها الوخيمة على الاستقرار المالي، وبالتالي فهي تعتبر من المخاطر المهددة”.
واستعرض محافظ بنك إسبانيا، بحضور الجواهري ومدراء بنوك مغربية، عددا من مؤشرات “مخاطر الانتقال الأخضر”، قبل أن يشدد على “ضرورة التعاون الدولي وكذا الثنائي لرفع التحديات المناخية القائمة”.
ومن جملة ما ذكره دي كوس، في حديثه ضمن الندوة ذاتها بالرباط، أن قطاعات وفروعاً للنشاط الاقتصادي تظل أكثر تضرراً من غيرها بإشكالية التغير المناخي وتداعياته الماكرو اقتصادية، لعل أبرزها، بحسبه، قطاعات “البناء والتعمير، ثم النقل، بحكم أنها معرّضة أكثر وفي مواجهة مباشرة مع تداعيات وأثر التغير المناخي”.
المصدر: وكالات