رغبة في تعزيز وتطوير العلاقات بين المملكة السعودية والمملكة المغربية، ثناء على تجربة المغرب في مجال التعايش بين الأديان، وقصة أول لقاء تاريخي جمع السنة والشيعة في العراق، كان نقطة تحول طائفي وحد العراقيين ضد داعش، وتداعيات مخيم الهول، ونقاش مع مسؤول فلسطيني عن حل الدولتين والحوار “الفلسطيني الإسرائيلي”، محاور وأخرى شكلت خلاصات مقابلات صحفية أجرتها هسبريس مع سياسيين من مختلف الدول على هامش مؤتمر الحوار بين الأديان المنعقد مؤخرا بمراكش.
ممثل البرلمان الإسباني
خوصيه إيغناسيو تشاينيز، عضو البرلمان الإسباني، ورئيس الوفد الممثل لمنظمة IPU، قال إن المغرب قد بذل جهدا كبيرا لجلب الناس من جميع أنحاء العالم وجمعهم حول وجهات نظر سياسية ودينية مختلفة، منوها بتواجد سياسيين ومشاركين من الكنائس المسيحية، والعالم الإسلامي، وكذلك اليهود والبوذيين وغيرهم من مختلف الأديان.
وشدد تشاينيز على أهمية حلقات النقاش التي عرفها المؤتمر في تعزيز الروابط التي ستسمح في المستقبل بالحصول على أدوات ووسائل للقيام بعمل أفضل لمحاولة تعزيز الروابط بين الحيوات الروحية المختلفة لهذه الأديان بالعالم الحقيقي والمعقد الذي نعيش فيه الآن.
وتابع المتحدث “سعداء بالتواجد بالمغرب في مؤتمر كان منظما بشكل جيد، وتعلمنا الكثير من الأشياء حول كيف يمكن للحوار الديني أن يحسن قدرة البشر على العيش بطريقة أفضل وسلمية في عالم معقد للغاية، وأعتقد أن هذه الخطوات إيجابية للغاية لمنظمتنا لأنها مرتبطة ببقية أعضاء الطوائف والمنظمات المختلفة التي تعمل من أجل الناس ويجب أن نواصل العمل في هذا المجال في المستقبل”.
علاقات مغربية سعودية لم تصل لحجم الفرص المتاحة
من جهتها أكدت البروفيسور زينب مثنى أبو طالب، عضو مجلس الشورى السعودي، على أن العلاقات المغربية السعودية قائمة على روابط أسرية وتاريخية، ونسب وزواج، ودين ومصالح مشتركة، كما أن المغرب بلد مسالم.
وأشارت إلى أن الزيارات المكثفة المتبادلة بين البلدين وضعت خارطة طريق لتحديد أولويات التعاون الاقتصادي الثنائي، والاستغلال الأمثل للتكامل الاقتصادي والصناعي بين البلدين، مؤكدة أن الجوانب الاستثمارية والاقتصادية والتجارية لا ترقى حاليا إلى حجم الإمكانيات والفرص المتاحة بين بالبلدين، خاصة في ظل الإمكانيات والفرص الكبيرة التي توفرها اقتصاداتهما.
من هنا ترى المتحدثة ضرورة الاستثمار في الثروة البشرية المغربية وتأهيل كوادر فنية وهندسية وطبية وغيرها لتكون شريكا في التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية، مشددة أن على رجال الأعمال في كلا البلدين تحويل بوصلة الاستثمار في مشاريع تنموية وربحية لتنمية التكامل الاقتصادي بين البلدين، وتعزيز العلاقات الاقتصادية البينية لخلق منظومة صناعية متكاملة وخلق قيمة مضافة لاقتصاد الدولتين.
من جهة أخرى قالت البرلمانية السعودية إن “الإختلاط مع الشعب المغربي تجربة جميلة، رأينا شعب بشوش، كريم، بأخلاق راقية، وحسن تعامل، واستعداد دائم للمساعدة، وهي أمور اجتمع عليها الوفود”.
وتنتظر مثنى أبو طالب تطبيق التوصيات الصادرة عن المؤتمر، وخاصة فيما يتعلق باحترام عقيدة ودين الأفراد في المجتمعات، مضيفة في هذا الإطار أن البلدان الإسلامية لا تشجع التعصب، “لكم دينكم ولي دين”، “لا إكراه في الدين”، فلكل دين عباداته، “نحن مثلا كمسلمين مأمورون بعبادات معينة، ونطالب المجتمعات أن تحترمها وتحترم تطبيقات كل إنسان لدينه، خاصة البلدان التي تمنع الحجاب والنقاب.
من جانب آخر شددت المتحدثة على ضرورة تعزيز التشريعات للسلم وتجريم إهانة الكتب السماوية وحرقها، والإساءة إلى الرسل، ومنع الأفلام المسيئة للمقدسات، وسن قوانين ضد الإعلام المؤجج، مبرزة أنه في السعودية توجد قوانين تجرم استعمال الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي لتأجيج حتى مشاعر المجتمع الواحد فيما بين أفراده.
الحوار وحل الدولتين
موسى حديد، نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، أكد أن المؤتمر الذي يعقد لأول مرة، يعد خطوة إيجابية لتعزيز العلاقات بين شعوب العالم، في وقت يشهد فيه العالم الكثير من النزاعات، مؤكدا أن البعض يستتر خلف الأديان في محاولة لنشر العنف والكراهية بين الشعوب.
كما أن اللقاء عبر عن رغبة عند رجال السياسة ورجال الدين ومؤسسات المجتمع المدني لكشف اللثام عن هذا التغول في مجال نشر الكراهية، مشيرا أن التوصيات كانت على قدر عالي من المسؤولية ولابد من تعميم التجربة من ناحية والعمل كل من موقعه من أجل تطبيق التوصيات.
وتابع “نحن مع حوار الأديان، وفلسطين دائما وبحكم موقعها كمهد للديانات السماوية كانت الأكثر فهما لهذا التقارب بين الأديان، ولأن هذه الحالة التي نعيشها في فلسطين، كانت ومازالت عنوان وحدة الشعب الفلسطيني”.
وأوضح أن “السلام هو أحد الأدرع المهمة في عملية وقف الكراهية والعنف بين الشعوب، وفلسطين لازالت ترزح تحت الإحتلال، وبدون السلام لا يمكن أن نتحدث بشكل حقيقي عن مخرجات حوار الأديان، هذا الحوار مهم، لكن حتى نتمكن من العمل الحقيقي على تطبيق هذه التوصيات لابد للشعب الفلسطيني أن ينال حريته حتى يتمكن من مشاركة شعوب العالم أيضا في رفع الوعي وتحقيق ما تسعى له البشرية”.
وأوضح المصدر ذاته أن “يد فلسطين لازالت ممدودة، والفلسطينيون وافقوا طواعية بأن يكون هناك حل للدولتين فلسطين وإسرائيل، وتنازلوا في هذا الموضوع، خاصة أن ما كان مطروحا هو دولة فلسطينية على إثنين بالمئة من الأرض الفلسطيني”.
“للأسف لازلنا لا نجد شريكا حقيقيا للسلام، من الطرف الآخر، وهناك حكومة يمينية متطرفة، تسعى إلى توسيع رقعة الإستيطان ومصادرة المزيد من الأراضي، ناهيك عن عمليات القتل والدمار”، يضيف موسى حديد، مبرزا أن “هذا نداء لكل الدول والبرلمانيين في العالم من أجل دعوة إسرائيل للإلتزام بالقرارات الشرعية ومواثيق الأمم المتحدة، ولجان حقوق الإنسان والعمل على إيجاد مساحة للحوار والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس الشرعية الدولية والحق الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس”.
ونوه المتحدث الفلسطيني بجهود المغرب والملك محمد السادس من داخل لجنة القدس، مبرزا أنه ‘”لولا هذا الدعم العربي الذي نشهده منذ سنوات ولولا وقوف الدول العربية لكان الوضع مختلف، وطموحنا كبير في الموضوع، ونعلم تماما حجم التعقيدات التي يعيشها العالم هذه الأيام، ولكن بعد 75عاما بعد النكبة نعتقد أنه آن الأوان لينعم الفلسطينيون بالإستقلال”.
وقال موسى حديد إن هناك فهما حقيقيا بكل مستوياته لطبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من طرف المغرب، ولا يمكن إنكار الدور الفاعل الذي تلعبه المملكة أسوة بأشقائنا الآخرين العرب، وهذا أمر مهم لأن وحدة الموقف بين الشعوب العربية هي أحد مكونات وقود صمود الفلسطينيين على أرضهم، و”نأمل أن تحمل الفترة القادمة مبادرات لجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات من أجل إيجاد حل”.
أول لقاء تاريخي بين الشيعة والسنة
إذا كان الحوار بين الأديان مهما على صعيد العالم، فإن للعراق تجربة خاصة في الموضوع، خاصة مع بعد مسار من الحروب بين السنة والشيعة، وفي هذا الإطار قال حيدر الخوي، ممثل الوفد العراقي خلال المؤتمر، إن الصراعات في المنطقة التي تشاع أنها دينية بين المسلمين والمسيحيين، والسنة والشيعة، بالأصل سياسية وليست دينية، وفي العراق لم يكن هناك صراع لا اليوم ولا قبل من هذا النوع، لكن أحزاب سياسية وبعض من رجال الدين، يستغلون التوترات الدينية والهويات الطائفية لمصالح ضيقة، لا رابط لها بالدين.
وتحدث حيدر لهسبريس عن أول لقاء اعتبره العراقيون تاريخيا لكون جمع لأول مرة كبار الشيعة والسنة، بمسجد الإمام الأعظم أبو حنيفة، وأكد أن الللقاء كان غير ودي نهائيا، حيث دب علماء السنة اللوم على الشيعة بخصوص كل ما حدث بعد 2003، من حروب طائفية وقتل، من الطرفين، والشيعة كذلك لاموا السنة على الجرائم المرتكبة في ظل النظام السابق قبل 2003، والمقابر الجماعية، “كانت ميلشيا الشيعة تقتل إذا كان الشخص إسمه عمر أو عثمان، وكذلك إذا إسمك علي، أو حيدر، أو جعفر تهاجم من طرف السنة”.
واستدرك حيدر الخوي مؤكدا “بالرغم من ذلك كان اللقاء ناجحا بالنسبة لنا، لأن المهم هو الجلوس مع بعض، كما أنه بعد 10 سنوات صار طرفي النزاع أصدقاء، وبعدها أقاموا شراكة مؤسساتية بين المؤسسة الدينية في النجف، والمؤسسة الدينية في بغداد، وتم طبع كتاب بعنوان الطوائف والأديان في العراق، حيث كل جزء كتبه الممثل والمؤسسة الدينية المعنية بهذا الدين”.
قبل داعش لم تكن هناك أي علاقات من هذا النوع، يضيف المتحدث، والطرفين كانوا يجهلون بعضهم، لكن معاناة الشعب مع هذا التنظيم المتطرف دفعتهم لمواجهة تهديده، فتوحد العراقيون بشكل غير مسبق.
وأضاف “مثلا بعد تحرير الموصل وهزيمة داعش من المدن الكبيرة العراقية، أول وفد علماء شيعي من مدينة النجف في التاريخ العراقي، ذهب إلى مذهب الإيزيديين في لالش، وفي نفس الوقت ممثلوا الشيوخ الإيزيدية باتوا يزورون النجف وبغداد، وهو الأمر الذي كان مستحيلا في السابق”.
وأشار حيدر إلى أن التقارب الشيعي السني على مستوى الشعب متطور أكثر من المستوى السياسي، حيث لازال العراقيون يعانون من المحاصصة، ليس بناء على الكفاءة وإنما على الدين، مضيفا “اليوم ملايين الشباب صارت لديهم ردة فعل عنيفة من الدين والطائفية، وهو أمر نلاحظه على السوشل ميديا، وعلى مستوى بعض المؤسسات التي يشكلها الشباب ويختارون لها إسم عراقي قبل الإسلام تجنبا للحساسيات”.
وحول مخيم الهول، الذي يعد بؤرة لتفريخ المتطرفين كما نبه إلى ذلك عدد من الباحثين والخبراء الأمنيين، قال حيدر إن هذا موضوع خطير ومن المهم تسليط الضوء عليه إعلاميا، لأن آلاف الأطفال موجودين هناك من آباء مجهولي الجنسية، والحكومة العراقية لا تمنحهم الجنسية ولا يلجون المدارس.
وأكد أنه “إذا بقي الوضع كما هو عليه اليوم، بعد سنوات من المستحيل ألا يتحول أولئك الأطفال إلى متطرفين، لكونهم محرومون من التعليم”.
وتابع المتحدث “هذا الملف ليس فقط نتاج إهمال من الحكومة العراقية، وإنما كذلك لتقصير عدد من الدول الأوروبية وأمريكا ودول عربية غسلت يدها من الموضوع”.
المصدر: وكالات