من قلب سفارة المملكة العربية السعودية بمدينة الرباط أجمع مسؤولون سعوديون ومغاربة على أهمية العلاقات الإستراتيجية التي تربط المملكتين الشقيقتين، قيادة وشعبا، والمعززة بارتباط ماضيهما وحاضرهما وامتزاج الديني بالسياسي والاجتماعي بالاقتصادي، بما يضمن استدامة هذه العلاقات في الزمان والمكان.
مناسبة هذه التأكيدات هي الاحتفاء بالذكرى الرابعة والتسعين لليوم الوطني للمملكة العربية السعودية الذي جمع ثلة من المسؤولين السعوديين والمغاربة وممثلي البلدان الأخرى، مع تواجد سياسيين مغاربة ورؤساء حكومات سابقين ووزراء ونواب برلمانيين كذلك.
وسعى كل طرف إلى الإشارة إلى منسوب التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين، بالموازاة مع توقيع اتفاقيات شراكة وتفاهم للتعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما يعود بالنفع على الجانبين ويقوي التفاهمات السياسية والمواقف المتقاربة للمملكتين بخصوص مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
علاقات مميزة قيادة وشعبا
أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أكد بداية أن “العلاقات بين البلدين يرعاها قائدا البلدين، أمير المؤمنين الملك محمد السادس وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وهي علاقات كالكلمة الطيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، إذ ليست مثلها علاقات أخرى بين بلدين في الدنيا”.
وركّز التوفيق، في كلمة تقديمية له، على “العلاقات الروحية للمغاربة بالمملكة العربية السعودية، إذ يعبر كل سنة حوالي 400 ألف مغربي عن رغبتهم واستعدادهم لأداء مناسك الحج، لكن ولدواعي تنظيمية يتم السماح لعشر هذا العدد أو أقل فقط؛ فالمغاربة متشبثون بمحبة ذلك البلد، وبمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
واعتبر المسؤول الحكومي ذاته أن “المغاربة كلما زاروا تلك الديار وشاهدوا علامات الرقي والمشاريع المتوالية هناك إلا وسعدوا بذلك، لأنه من عزتهم، فعزة المملكة العربية السعودية من عزة المملكة المغربية، وعزة المملكة المغربية من عزة المملكة العربية السعودية”، متابعا: “بهذا تكون العلاقات على ما يرام، ونبذل الغالي والنفيس من أجل تطويرها”.
كما أورد المتحدث ذاته: “في السنوات الأخيرة يتمظهر تطور العلاقات بين البلدين في أمور عديدة من التعاون وتخطيط المشاريع وتبادل كل ما ينفع الناس. والمحبة ينبغي أن تكون متجسدة كذلك في علاقاتنا، وهي سائرة إن شاء الله لتكون في مستوى هذه العلاقات الروحية. ونسأل الله أن يجعلنا إخوة ينفعون المسلمين وينتفعون بهم”.
التعاون يخدم الرباط والرياض
سامي بن عبد الله بن عثمان الصالح، السفير المفوض فوق العادة للمملكة العربية السعودية بالمغرب، قال في كلمته الترحيبية: “إن ما يضاعف فرحتنا هو أن نحتفل بين إخوتنا بالمملكة المغربية الشقيقة التي تربطها بالرياض علاقات عريقة تميزها الأواصر الوثيقة والمحبة والوفاء بين الشعبين الشقيقين ووشائج الأخوة المتينة بين قيادتي البلدين”.
وسجل السفير ذاته أن “العلاقات بين البلدين إستراتيجية تحُفها القيادتان من كلا الجانبين، وسعيهما إلى تنميتها وتطويرها وتعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وفق ما يسهم في خدمة المصالح المشتركة، ويمنح البلدين الدور الذي يضطلعان به على الصعيد الإقليمي والدولي بهدف دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة”.
ممثل الدبلوماسية السعودية بالمغرب بيّن كذلك أن “هذه العلاقات شهدت تطورا خلال السنتين الماضيتين بإبرام أكثر من 68 اتفاقية ومذكرة تفاهم تهم مختلف القطاعات”، وزاد موضحا: “على الصعيد الاقتصادي تمكنا من تحقيق رقم غير مسبوق بعدما وصل حجم التبادل التجاري إلى 4,4 مليارات دولار، في حين نطمح إلى المزيد في العام والأعوام المقبلة”، مسجلا “وجود حوالي 250 شركة سعودية بالمغرب و25 شركة مغربية بالسعودية”.
كما لفت المتحدث إلى أنه “تم خلال السنوات الماضية تبادل عدد من الزيارات بين مسؤولي البلدين، بما فيها زيارة وزير الصحة السعودي ولقاؤه مع نظيره المغربي لتعزيز التعاون في المال الصحي، فضلا عن زيارة وزير الصناعة والثروة المعدنية التي كانت ناجحة وتم خلالها تباحث آفاق التعاون الصناعي والتقني لبناء علاقات اقتصادية تكاملية بين البلدين، خاصة في القطاعات التي يتميز بها المغرب، بما فيها صناعة السيارات والفوسفاط وغيرها، مع محاولة تقديم الخبرة السعودية للمشاريع المغربية في مجال تحلية مياه البحر”.
وعاد السفير المفوض فوق العادة للمملكة العربية السعودية بالمغرب ليشدد على أنه “من المهم جدا أن يتزامن هذا الاحتفال بـ94 سنة من تاريخ المملكة مع الاحتفاء بالذكرى الخامسة والعشرين لتولي الملك محمد السادس الحكم بالمغرب؛ وهي فرصة سانحة للتوقف على هذا التحول التاريخي الذي نقل المغرب إلى مسار واعد يحتفي بالإنجازات التنموية الكبرى التي حملته إلى مصاف الدول المتقدمة من خلال مشاريع اقتصادية طموحة”، خاتما بالإشارة إلى أن “وجهات النظر بين البلدين تتفق حيال عدد من القضايا والمواقف السياسية”.
المصدر: وكالات