في تقرير حديث له، سلط معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي الضوء على العلاقات بين الرباط وتل أبيب في ظل الحرب الدائرة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس منذ السابع من أكتوبر الماضي، مسجلا أن “المصالح المشتركة تشكل الأساس الذي تقوم عليه العلاقات بين البلدين، إلا أنها ليست كافية لتعزيز هذه العلاقات”، في ظل الوضع الحالي.
وأوضح مركز التفكير العبري أن “إسرائيل يجب أن تعترف أولا بتأثير تطورات صراعها مع الفلسطينيين على علاقاتها مع المملكة المغربية، وكذلك مع العالم العربي بشكل عام، حتى تتمكن من توسيع دائرة التطبيع وتعميق علاقاتها مع هذه الدول؛ كما يجب عليها أن تُظهر استعدادا لبدء تحرك سياسي تجاه الفلسطينيين، ويُفضل أن يكون ذلك في إطار عربي ودولي وأن تُظهر التزاما بالسلام رغم أهوال الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم السابع من أكتوبر”، بتعبيره.
وأشارت التقرير إلى أن ردود الفعل العربية في الأسابيع الأخيرة، على غرار رد الفعل المغربي، أصبحت “تتحدى الاعتقاد السائد بأن إسرائيل قادرة على تعزيز علاقاتها مع الدول العربية بمعزل عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، مسجلا أن تاريخ العلاقات الإسرائيلية المغربية يؤكد هذا الأمر، إذ إن التقدم نحو إيجاد حل لهذا الصراع يساعد في تعزيز العلاقات بين البلدين والعكس صحيح.
في هذا الصدد، لفت المصدر ذاته إلى زيارة رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين إلى المغرب واستقباله من طرف الملك الراحل الحسن الثاني مباشرة بعد توقيع اتفاقيات أوسلو في شتنبر من العام 1993، ثم قطع المغرب علاقاته مع تل أبيب وإغلاق مكتب اتصالها في الرباط بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية؛ ثم أخيرا اتفاقيات أبراهام نفسها التي انخرطت فيها المملكة في فترة هدوء نسبي عرفه هذا الصراع، إذ سجل عام 2020، سنة التوقيع على هذه الاتفاقيات، أدنى عدد من القتلى الفلسطينيين حسب بيانات الأمم المتحدة.
وشددت الوثيقة عينها على أنه “رغم تشابك المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية بين المغرب وإسرائيل، وقيام العلاقات بين البلدين على أساس المصالح الثنائية المشتركة، إلا أن هذه المصالح لا يمكن أن تحجب التأثير السلبي للصراع في الشرق الأوسط على هذه العلاقات”، موردة في هذا الصدد أن “المغرب يواجه ضغوطا كبيرة على الساحة الإقليمية والداخلية من أجل إعادة النظر في علاقاته مع تل أبيب، وبالتالي فالرباط لا ترغب في أن يُنظر إليها على أنها تدعم إسرائيل أو أنها تخلت عن الفلسطينيين، مع ما يعنيه ذلك من انحراف عن الإجماع العربي وتأجيج للغضب الداخلي”.
في السياق نفسه، أشار معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إلى خروج العشرات من المظاهرات الداعمة للفلسطينيين في المغرب، والداعية إلى قطع العلاقات مع تل أبيب، مع “انتقاد هذه العلاقات من داخل النظام السياسي المغربي، على غرار موقف حزب العدالة والتنمية الذي تأسس مثل حماس بإلهام من حركة الإخوان المسلمين”، موضحا أن “المغرب يبذل جهودا للحفاظ على موقفه التقليدي من هذا الصرع، حيث أدان مسؤولون مغاربة إسرائيل بشدة، ودعوا إلى وقف إطلاق النار، بمن فيهم الملك محمد السادس ووزير الخارجية ناصر بوريطة؛ فيما لم تدن المملكة حركة حماس”.
وفي استعراضه للمصالح المشتركة بين المغرب والدولة العبرية، أورد التقرير ذاته أن “البلدين يتقاسمان مجموعة من المصالح التي قد تمنع في الوقت الحالي إلحاق الضرر بعلاقاتهما”، فعلى المستوى السياسي يُعد البلدان حليفين قويين لواشنطن التي اعترفت بمغربية الصحراء كما فعلت تل أبيب مؤخرا، على أمل أن تؤدي هذه الخطوة الإسرائيلية إلى رفع مستوى مكاتب الاتصال إلى سفارات. غير أن هذه الخطوة “تبدو الآن بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى”، يؤكد مركز التفكير الإسرائيلي.
كما تجمع البلدين مصالح أمنية مرتبطة بمواجهة النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويشتركان كذلك الحرب ضد الإرهاب والتطرف، إذ يواجه المغرب محاولات من طهران لزعزعة استقراره من خلال وكلائها في المنطقة، أبرزهم جبهة البوليساريو الانفصالية، إضافة إلى التعاون العسكري الذي تبلور بشكل جلي بعد توقيع اتفاقيات أبراهام. غير أن هذه المصالح مجتمعة لا يمكن أن تساهم في تحقيق تقدم في العلاقات المغربية الإسرائيلية دون انخراط إسرائيل في العملية السياسية لإيجاد حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وفق المصدر ذاته.
المصدر: وكالات