هيمن موضوع اكتظاظ السجون والإكراهات الناتجة عنه على تقرير “المرصد المغربي للسجون”، معتبرا أن العدد الذي بلغه السجناء متم دجنبر من سنة 2023 “ناقوس خطر ينبغي التعاطي معه بجدّية”، لافتا الانباه إلى أن الموضوع شكل “اهتماما كبيرا لدى الرأي العام على ضوء بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون الصادر يوم 07 غشت 2023 بما يطرحُه من “ظروف الاعتقال والتأهيل لإعادة الإدماج”.
دفع هذا الوضع المرصدَ، ضمن خلاصات وتوصيات تقريره السنوي المنجَز حول “وضعية المؤسسات السجنية والسجينات والسجناء بالمغرب” بدعم من “منظمة محامون بلا حدود”، إلى اقتراحات وتوصيات قال إنها شكلت مدار مَطالبه وترافعه على مدى سنوات، مؤكدا “ضرورة تدبير التنزيل المسطري والمؤسساتي والإنساني للعقوبات البديلة بمنهجية تهدف إلى تسهيل الاستفادة من مختلف أصناف البدائل للمحكومين بها، وبمقاربة تعطي للمنظمات المعنية بالسجون وبحقوق الإنسان مجالا لمتابعة التطبيق والحرص على دورها في كل مراحل إعمال الأحكام المُقرَّر لها”.
“المستوى التشريعي والقانوني” تضمن أيضا توصية الهيئة ذاتها بـ”ضرورة ربط القانون المنظم للسجون بالقانون الجنائي وبقانون المسطرة الجنائية، وفق مقاربة شمولية تضمن الانسجام والتكامل بين المنظومة القانونية ذات الصلة بالسجون”، مناديا بـ”اعتماد مقاربة تشاركية تضمَن مساهمة جميع الفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني في صياغة وتفعيل وتتبع السياسات العمومية المتعلقة بالسياسة الجنائية وتضمن الحق في الولوج إلى العدالة”.
وفي توصية مستجدة قدمها المرصد مناديا بـ”رفع التجريم عن الجُنح البسيطة والجرائم المرتبطة بالهشاشة والفقر”، حسب تقديره، مضيفا أهمية “تفعيل دور المجتمع المدني لمواصلة الترافع من أجل إطار تشريعي وطني يتلاءم والمعايير الدولية”، مع “تسريع أجرأة وتفعيل القوانين المصادق عليها والنصوص التنظيمية والمراسيم التطبيقية المرتبطة بها”.
حقوق السجناء
لضمان “حماية حقوق الساكنة السجنية” التي ما زال يُهيمن عليها “الاكتظاظ واللجوء المُفرط للاعتقال الاحتياطي” و”ارتفاع مطّرد لعدد السجناء الذكور”، أضاف التقرير ذاته معددا مصفوفة من التوصيات؛ أبرزُها “مراجعة الإجراءات التأديبية، وعلى الخصوص ما يتعلق بهيكلة مكونات لجنة التأديب وضمان حق المؤازرة والطعن واحترام “مبدأ التناسبية بين القرارات التأديبية وحقوق السجين/ة المكفولة قانونا”.
كما نصّ على “إصلاح مقتضيات ومساطر الاستفادة من العفو للرفع من عدد المستفيدين/ات”، مُقترحا أن يتم المرور إلى “تفعيل مضامين الدليل المنجز حول الإضرابات عن الطعام في السجون”، إضافة إلى “ضمان الحق في الإفراج الصحي عبر إقرار مقتضى قانوني يؤطر هذا الحق”.
كما نادى المرصد المغربي للسجون، في تقريره، بـ”ضمان وتعزيز الحقوق الأساسية للسجناء؛ بما في ذلك حقهم في التكوين والتعليم والتواصل والإدماج، مشددا على “إقرار تدابير وإجراءات خاصة تستجيب لحاجيات الفئات الهشة (النساء، الأحداث، المسنين، الأجانب وأشخاص في وضعية إعاقة…)”.
ونبه التقرير ذاته إلى ضرورة “إيجاد حل الفوري لمعضلة السجناء ذوي الأمراض النفسية والعقلية”، مع تحميل المرصد للسلطات القضائية ووزارة الصحة “كامل المسؤولية في استمرار معاناة هذه الفئة السجنية ومصادرة حقوقها؛ وأهمها الحق في العلاج النفسي والعقلي”، وفق تعبيره.
كما شدد في السياق ذاته على “اتخاذ كل الإجراءات من أجل إيجاد حلول ناجعة لظاهرة الاكتظاظ وانعكاساتها الخطيرة على ظروف إيواء السجينات والسجناء والولوج إلى الخدمات الأساسية”.
ودعا المرصد إلى “تعزيز الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وفق مقاربة تشاركية”، مع “التزام اللجان الإقليمية لمراقبة السجون بالقيام بزيارات منتظمة للمؤسسات السجنية وإشراك فعلي لجمعيات المجتمع المدني”.
وفي مطلب متجدد، أكد “مرصد السجون” ضرورة الاستجابة الرسمية لمطلب إلغاء عقوبة الإعدام، عبر “الإلغاء النهائي لكافة المقتضيات القانونية التي تنص على عقوبة الإعدام وفقا للدستور”، مع “إلزامية إجراء خبرة نفسية في القضايا المرتبطة بالجرائم الأشد خطورة”.
أما على مستوى المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، فاقترح المرصد المذكور “رفع الميزانية العامة المخصصة للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ورعاية أوضاع أطر وموظفي المؤسسات السجنية وتوفير كل الضمانات التي ترفع من معنوياتهم أمام المهام المتعددة والصعبة التي يشتغلون في ظلّها”.
يشار إلى أن هذا التقرير، المقدم الثلاثاء بالرباط، قد استند، في صياغته وبلورة محاوره، على “المعلومات والمعطيات الإحصائية الرسمية الصادرة أساسا عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج والتقارير الصادرة عن مختلف الهيئات الرسمية التنفيذية والتشريعي وبيانات وتقارير ومواقف المرصد المغربي للسجون، علاوة على “شكايات وتظلمات” عدد من السجناء وعائلاتهم التي توصل بها المرصد المغربي للسجون، بالإضافة إلى التقارير والبيانات والمواقف الصادرة عن المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية.
المصدر: وكالات