رغم إلحاق قطاع التعليم الأولي بالسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية، خلال الولاية الحكومية الحالية، في إطار الجهود المبذولة من طرف الدولة لتطوير هذا القطاع، مازال العاملون فيه، وأغلبهم من الإناث، يتخبطون في وضعية غير مستقرة، بسبب عدم توصل فئات مهمة منهم بأجورهم، التي لا تصل إلى الحد الأدنى للأجر القانوني، منذ أشهر.
وبحسب إفادات قدمتها مربيات يشتغلن في التعليم الأولي فإن فئة واسعة منهن وقَّعن على عقد العمل الثالث مع الجمعيات المشغّلة لهن (مُدّة كل عقد 6 أشهر)، دون أن يحصلن على أي مقابل طيلة ما يناهز سنة ونصف سنة؛ بينما لا يقدم لهن أيّ توضيح مُقنع عن سبب هذا التأخر من طرف الجمعيات، أو المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية.
وخاضت مربيات التعليم الأولي وقفات احتجاجية العام الماضي أمام وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وأمام مقرات المديريات الإقليمية للوزارة في مختلف مناطق المملكة، غير أن المشكل المتعلق بعدم التوصل بالأجور مازال عالقا، في وقت تضطرّ مربيات إلى الصمت، مخافة فقدان عملهن.
“شاركتُ، رفقة زميلاتي، في وقفة احتجاجية أمام المديرية الإقليمية، فاستدعانا رئيس الجمعية التي نشتغل معها، وهددنا بالطرد إذا استمررنا في الاحتجاج”، توضح “ف.ب”، مربية في التعليم الأولي، في تصريح لهسبريس، مشيرة إلى أنها لم تحصل، إلى حد الآن، على أي أجر من أجور الموسم الدراسي 2022-2023، في وقت انتصفت السنة الدراسية الحالية.
وأضافت المتحدثة ذاتها: “تَعبنا من هذا الوضع. تأتي الأعياد والمناسبات ولا نجد في جيوبنا ما نشتري به حتى ملابس أطفالنا، ولكنْ ليس لنا بديل عن هذا العمل”، لافتة إلى أنها وزميلاتها استفسرْن حول الموضوع في المديرية الإقليمية، حيث توجد المؤسسة التعليمية التي يشتغلن فيها، “لكننا لم نحصل على أي جواب”.
وإضافة إلى عدم التوصل بالأجور لشهور، يلفُّ الغموض مستقبل أستاذات التعليم الأولي، فرغم أنهن مسجّلات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلا أن هناك جمعيات لا تصرّح بهن، وهو ما أكده مصدر نقابي، معتبرا أن بعض الجمعيات “تستعبد المربيات وتنتهك حقوقهن الشغلية” .
المصدر ذاته أورد أن مربيات التعليم الأولي اللواتي يشتغلن في ظروف مزرية هن اللواتي يعملن مع الجمعيات غير التابعة لـ”لمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي”، التي تضمّ حاليا حوالي 80 في المائة من مجموع الجمعيات العاملة في القطاع، لافتا إلى أن الجمعيات التابعة للمؤسسة تشغل المربيات التابعة لها في ظروف حسنة، من حيث تمكينهن من الحد الأدنى للأجر، والتصريح المنتظم بهن لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، واستفادتهن من خدمات مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين.
وتم تأسيس المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، وهي جمعية غير ربحية تشتغل مع المرافق العمومية، في 10 مارس 2008، بمبادرة من المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وبتعاون مع وزارة التربية الوطنية ووزارة الداخلية، ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية في التربية والتكوين.
وإذا كانت الجمعيات المنضوية تحت لواء المؤسسة المذكورة توفر شروط عمل أفضل للمربيات فإن أغلب الجمعيات المشتغلة خارج هذا الإطار المؤسساتي “تمارس أشكالَ استعباد لا تُتصور في حق المربيات، ومن ذلك تأخر صرف الأجور، وعدم التصريح بهن لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، بحسب تعبير المصدر النقابي الذي تحدث إلى هسبريس.
وأولى القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي أهمية خاصة للتعليم الأولي، إذ جعله إلزاميا بالنسبة للدولة والأسر، كما أن السياسات المتعلقة بالقطاع جعلته ركيزة أساسية لتطوير المنظومة التربوية، غير أن المصدر النقابي اعتبر أن الوضعية التي تعيشها المربيات لا تشجع على تطوير هذا التعليم.
وأردف المصدر ذاته بأن “النقابات تطالب بإدماج المربيات في وزارة التربية الوطنية، لأن الوساطة التي تقوم بها الجمعيات تخلق طبقية داخل المؤسسات التعليمة”، لافتا إلى أن “الشغل الشاغل لبعض الجمعيات هو الأرباح المادية، وليس لديها الهاجس التربوي”.
المصدر: وكالات