تترقب مدينة ورزازات أو كما تلقب بـ”هوليوود إفريقيا” أن تعود الحياة إلى قاعاتها السينمائية بعدما عاشت الإغلاق لسنين طويلة، وسط تبريرات متعلقة بالإقبال وعوامل العرض والطلب الاقتصادية.
وعاشت العديد من الأجيال بالمدينة دون أن تلج إلى قاعات السينما، وهي تراها موصدة بدون حياة، على الرغم من استمرار استقطاب المدينة الجنوب الشرقية إنتاجات سينمائية عالمية مكنتها من اكتساب شهرة واسعة على الساحة الدولية.
ويترقب “الورزازيون” أن تنتهي هاته المفارقة العجيبة بعد إعلان وزير الشباب والثقافة والتواصل عن ضم مدينة ورزازات إلى مشروع افتتاح 150 قاعة سينمائية عبر أنحاء المملكة.
الآمال تتعزز
عز الدين تستيفت، رئيس النسيج الجمعوي للتنمية بورزازات، قال إن “المدينة بالفعل تعيش لعقود وسط مفارقة عجيبة وغير مفهومة، كونها موطنا للإنتاجات العالمية للأفلام، فيما قاعات السينما موصدة وتئن تحت وطأة الموت البطيء”.
وأضاف تستيفت، ضمن تصريح لهسبريس، أن الساكنة والمجتمع المدني متشوق بالفعل إلى عودة القاعات السينمائية، مشيرا إلى أن “القرار الوزاري الذي يشمل المدينة يجب ألا يكون فقط مؤقتا، عبارة قاعة على شكل معرض؛ بل من خلال تجديد عمل قاعتي “الأطلس” و”الصحراء””.
وفي هذا الصدد، نبه المتحدث ذاته إلى أن “القاعتين اللتين تعيشان على وقع الإغلاق لعقود في ورزازات كانتا في ملك الخواص، وهم إلى حدود اللحظة رغم الإغلاق ممنوعون من استغلال القاعات، بحكم التعقيدات القانونية التي يفرضها المركز السينمائي المغربي””.
وأكد رئيس النسيج الجمعوي للتنمية بورزازات “وجود إرادة سياسية في ورزازات بعد المشروع الوزاري، الذي يعد خطوة محمودة لإنهاء هاته المفارقة التي عاشتها المدينة لعقود”.
قراءات سينمائية
في المقابل يطرح نقاد سينمائيون مسألة جذب عروض الأفلام للجماهير في المدينة، بما يتجاوز مسألة افتتاح القاعات، إذ قال محمد بنعزيز، كاتب وناقد سينمائي، إن “أول ما ينبغي إقامته في قاعة وارزازات هو عرض ومناقشة أهم الأفلام التي صورت في المدينة خلال القرن العشرين”.
وأشار بنعزيز، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن هذا الاحتفال لا يخفي مشكل القاعات السينمائية في المغرب؛ فالإشكال ليس قلة القاعات بسبب الإغلاق بل تراجع عدد المتفرجين بسبب عوامل متعددة”.
وأورد الكاتب والناقد السينمائي أن “ورزازات (هوليود إفريقيا)، حيث يعشق ريدلي سكوت أن يصور، هي في الحقيقة بدون قاعة سينمائية لسنوات”، مبينا أن هذا “تناقض بالفعل”.
وزاد: “يشخص المغاربة عادة هذا التناقض في المثل الشعبي: “الفقيه اللي نتسناو براكتو دخل الجامع ببلغتو”، وهو ما ردده المعلقون والمهنيون طويلا، إذ يجب على المهنيين تقديم أفلام أكثر جاذبية للجمهور لكي تشتغل القاعات السينمائية”.
“والآن أطلقت وزارة الشباب والثقافة والتواصل مشروع إعداد وتحديث وتجهيز المركبات الثقافية ودور الشباب التابعة لها لتصبح جاهزة للعرض، وهذا حدث ثقافي مهم جدا سيمكن آلاف الشباب المغاربة من دخول قاعات العرض بطقوس سينمائية، ولهذه الطقوس أثر جمالي ونفسي. وشخصيا، أعتبر قاعة السينما، بطقوسها وألوانها وإضاءتها، هي محراب الفن الحديث”، أردف بنعزيز.
وحول ما إن كان هذا المشروع سيحل التناقض الذي عاشت فيه ورزازات لعقود، شدد المتحدث ذاته على أن “هذا الأمر ينهي التناقض بالفعل”، مستدركا بالحديث عن معضلات تراجع الإقبال من خلال الاستشهاد بـ”حكاية فيلم داوود أولاد السيد “في انتظار بازوليني”، حينها وصل بازوليني ليصور فيلمه عن الكومبارس في ورزازات كان بطل الفيلم التهامي (محمد مجد) يصلح التلفزيون في دكان الحلاق (محمد بسطاوي)”.
ويستعرض بنعزيز هذا التحول قائلا: “وبعد شاشة التلفزيون جاءت شاشة الهاتف، هنا سبب التحول، فكل شخص يحمل شاشة في جيبه فهو لا يذهب إلى السينما”، مشيرا إلى أن “القاعات التي فتحتها وزارة الشباب والثقافة والتواصل ستحقق إشعاعا أكثر، إن احتضنت مناقشات وتكوينات في السينما”.
المصدر: وكالات