“البوفا” أو كوكايين الفقراء مخدر أرعب الجميع بسبب انتشاره الواسع وتأثيراته الخطيرة، فقد قضى على مستقبل شباب كثر. جرعة واحدة فقط تكفي للسقوط في براثن إدمان يصعب التخلص منه.
قابلت هسبريس بعض من تعاطوا هذا المخدر، وأكدوا جميعهم أنه كان سبب خراب صحي ونفسي ومعنوي لهم، ضيع حياتهم وحياة أحبابهم.
وقال شاب مستهلك في العشرينات من عمره إنه، كما العديد من الشباب، جرب “البوفا” لأول مرة في جلسة مع أصدقاء، عرضوا عليه المخدر فأغرته التجربة التي دمرت حياته.
وأضاف الشاب الذي فضل عدم ذكر اسمه: “الشباب يضيعون بسبب هذا المخدر. من أعمارهم 15 سنة فقط يتعاطونه.. عرفناه من قبل المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء أول مرة؛ هم من كانوا يروجونه ومنهم نشتريه”.
أما عن أسباب الإقبال على “البوفا” فأورد الشاب ذاته: “قلة الوعي ما يدفع الشباب إلى تعاطي مخدر يودي بحياتهم ويدفعهم إلى ارتكاب جميع الجرائم الممكنة”.
مستهلك سابق يعيش حاليا مرحلة العلاج أكد أن “البوفا دمر العديد من الناس”، متابعا في حديثه مع هسبريس: “من يتعاطاه يمكن أن يبيع ملابسه أو أي شيء مقابل الحصول على جرعاته”، وهو ما عايشه فعلا، وزاد: “هو مسحوق شيطاني…. من يستفيد من بيعه في الغالب هم المروجون القادمون من إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة هنا في الأحياء الشعبية والمناطق الفقيرة”.
تقول رشيدة المقرئ الإدريسي، رئيسة الائتلاف الوطني لمكافحة المخدرات، إن “المخدرات تنقسم إلى ثلاثة أصناف، الطبيعية ونصف المصنعة والمصنعة، والبوفا من المخدرات المصنعة”.
وشرحت الإدريسي ضمن حديثها مع هسبريس أن المخدر “يصنع من بقايا مادة الكوكايين، ويضاف لها حمض الأمونياك وبيكاربونات الصودا، وتطبخ على نار هادئة، وفي بعض الأحيان يضاف لها حتى القنب الهندي أو ‘الحشيش’، ما يجعل أعراض المخدر وتأثيراته صعبة جدا”.
ومن بين الأعراض التي ذكرتها المتحدثة: “الهيجان، الهلوسة، العجز الجنسي التام، فقدان النوم، الجنون المؤقت الذي قد يتحول إلى جنون دائم بعد تناول جرعات كبيرة”، وزادت: “الخاص في هذا المخدر أنه يؤدي إلى الإدمان بعد جرعتين أو ثلاث جرعات”.
من جانبه قال عبد الرزاق سكات، رئيس جمعية مواهب المنصور بيعقوب المنصور بالرباط، إن “البوفا” بات “آفة تنتشر في الأحياء الشعبية… سم قاتل يتم تسريبه من جميع النواحي”.
وتابع سكات ضمن حديثه مع هسبريس: “نحن ضد انتشاره، ونطالب السلطات بإيجاد حل. لم نعد نعرف هل مروجوه هم المهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء أو المغاربة”.
وطالب الفاعل الجمعوي ذاته بضرورة القضاء على “هذا السم الذي يتسرب في العروق… خاصة أن من يتعاطاه قد يرتكب أي جريمة من أجل جلب المال لشرائه”.
وبحسب معطيات صادرة عن وزارة الداخلية فإنه خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2020 إلى متم ماي 2023 تم تسجيل ما مجموعه مائتي قضية تتعلق بمخدر “البوفا”، جرى خلالها حجز حوالي ثلاثة كيلوغرامات من المخدر المذكور، وتوقيف مائتين واثنين وثمانين شخصا وإحالتهم على العدالة.
التحدي اليوم هو القضاء على انتشار “البوفا” الواسع حتى لا يدمر مستقبل مزيد من الشباب، وتوعيتهم لتجاوز الرغبة الأولى التي تسقط صاحبها في مسار قد لا يخرج منه أبدا.
وفي هذا الصدد قالت الإدريسي: “يجب سن القوانين التي يمكن أن تحجم هذه الظاهرة التي لها نصيب في الهدر المدرسي والعنف المدرسي وشغب الملاعب والمهرجانات، وتدني جودة التعلمات والاغتصابات وزنا المحارم والتحرشات وجميع أنواع الجرائم”، ونبهت إلى أنها “من عوائق التنمية وهدر رأس المال البشري، وتقضي على بناة المستقبل المغربي”.
وطالبت المتحدثة بضرورة “تفعيل قانون منع التدخين في الأماكن العامة، ومنع الإشهار، لأن التدخين هو البوابة الأولى للولوج إلى عالم المخدرات المجهول: الداخل إليه مفقود”، كما طالبت بضرورة “حماية المؤسسات التعليمية بتفعيل دوريات لها من الصلاحيات ما يمكنها من الضرب على يد الجناة بمحيط وداخل هذه المؤسسات”.
المصدر: وكالات