خرج العشرات من المواطنين من منطقة بونوال التابعة لجماعة ناوور بإقليم بني ملال، الثلاثاء، في مسيرة احتجاجية من أجل الإنصاف وإعادة النظر في ما وصفوها بـ”التعويضات الهزيلة”، وبأداء مستحقاتهم قبل الشروع في العمل بمشروع سد تاكزيرت.
وأكد المحتجون، في تصريحات متطابقة لهسبريس، أنهم ليسوا ضد إنجاز مشروع سد تاكزيرت بالمنطقة، وإنما “ضد أي مبادرة تروم هضم حقوقهم وتشريدهم”، في إشارة إلى ما تتحدث عنه السلطات من تعويضات مالية عن أراضيهم الفلاحية.
زايد(م)، واحد من المحتجين من منطقة آيت ويرة، قال في تصريح لهسبريس: “إننا بقدر ما نرحب بمشروع سد تاكزيرت وبكل مبادرة ملكية تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، بالقدر ذاته نأمل من هذا الشكل الاحتجاجي السلمي أن يصل صوتنا الى ملك الفقراء من أجل الالتفاتة إلينا”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن التعويضات الحالية التي تقدر بحوالي 26 مليون سنتيم للهكتار غير منطقية، ولا يمكن أن تضمن حتى السكن، مشيرا إلى أن “الأرض المعنية بقرار نزع الملكية فلاحية، وتقدر بالملايين، والقبول بهذه التعويضات يعني التشريد الفوري لعشرات الأسر”.
من جانبه قال مُباعوش موحى: “إن الهكتار بهذه المنطقة يساوي حوالي 80 مليون سنتيم، فيما بعض الجهات من ضمنها السلطات المحلية تتحدث عن تعويض هزيل”، مشيرا إلى أن “الأشغال انطلقت منذ حوالي عام، ومع ذلك مازالت الساكنة تنتظر مستحقاتها، علما أن هناك من لم يعد يقدر على العيش بسبب صوت الآليات والمتفجرات”.
وأضاف موحى، وهو القاطن على بعد أمتار من منطقة الأشغال: “هذه التعويضات لن تحل مشاكلنا ونحن لا نتقن غير الفلاحة وتربية الماشية، لذلك فما نطلبه من الدولة هو أن تعوضنا بشكل يسمح لنا باقتناء قطع أرضية تخول لنا العودة لممارسة هذه الأنشطة التي لا نعرف سواها”.
واستغرب صالح أويوحنى، وهو من شباب بنوال، تصرفات المسؤولين عن المشروع “الذين حلوا بالمكان وأطلقوا العنان للأشغال دون استشارة الساكنة”، مردفا بأن “الجهات المعنية لم تكلف نفسها عناء النزول عند الساكنة أو الجلوس معها، ما جعل هذه الأخيرة تحس بـ’الحكرة’ والغبن”.
وتابع المتحدث ذاته: “إلى حد اليوم، ورغم بدء الأشغال منذ حوالي ثمانية أشهر، لا أحد من الساكنة يعرف السّعر الحقيقي لهذه الأرض التي سيُقام فوقها سد تاكزيرت، وكانت تتميز بزراعة أشجار التفاح والخروب والبرقوق والسفرجل والخضراوات، وتُعدُّ المصدر الرئيسي لعيش أغلب القاطنين بالمنطقة”.
من جانبه، قال محماد بن موحى، وهو من المحتجين، إن “السلطات المحلية تتهرب من الموضوع، ولا ترغب في التفاوض بشأن التعويضات”، لافتا إلى أن “الساكنة طالها الضرر والقهر وينتابها الخوف من الآتي في ظل هذا الوضع”، وزاد: “من الأسر من انتزعت من أراضيها أشجار الخروب والتفاح دون طمأنتها أو على الأقل الحديث معها للتخفيف من وطأة القلق والأفق المجهول لديها”.
وأكد المتحدث أن “ساكنة آيت ويرة استبشرت خيرا بمشروع إنشاء هذا السد في هذه الظرفية التي تتسم بالجفاف، ما سيساهم لا محالة في دعم مسلسل السقي بالجوار، إلا أن الجهات المسؤولة بدأت إنجاز الأشغال دون احترام بعض الإجراءات والمساطر القانونية المعمول بها في هذا الإطار”، موضحا أن “السكان وقعوا على أوراق يرجح أن لها علاقة بموضوع التعويضات، غير أن الجهات المعنية لم تقدم ما يكفي من التوضيحات بهذا الشأن، وحول الوقت المحدد لإفراغ البنيات والمنازل، وهو ما جعل الجميع يعيش حالة من القلق والتوتر النفسي”.
ولإبلاغ صوتهم والتعبير عما ينتابهم من قلق وأسى، قطع المحتجون الذين من ضمنهم مسنون حوالي 67 كلم من دوار بونوال إلى مدينة القصيبة، في ظروف صعبة تخللتها تساقطات مطرية؛ ناهيك عن صعوبة.
وخلال هذه الرحلة السيزيفية، حاول ممثل السلطة بأيت ويرة رفقة أعوانه التدخل أكثر من مرة من أجل إقناع المحتجين بالعدول عن شكلهم الاحتجاجي، وتشكيل لجينة للحوار، إلا أنهم أصروا رغم الظروف المناخية على لقاء والي جهة بن ملال خنيفرة.
وبعد مضي حوالي ست ساعات مشيا على الأقدام، حلت لجنة مختلطة من عمالة بني ملال، على مستوى مدينة القصيبة، الى جانب سلطات أيت ويرة والدرك الملكي ورؤساء المصالح المعنية، حيث تم فتح حوار مع ممثلي المحتجين، وجرى إبلاغهم-وفق مصادر هسبريس- بالمساطر المعمول بها في هذا الإطار، وبدور القضاء في ضمان حق السكان وبالإجراءات التي تمت من قبل (وقف عمليات التفجير)؛ كما تم إشعارهم بأنه ستتم مراسلة الجهات المختصة بشأن ملتمس الزيادة في التعويضات.
وذكرت المصادر ذاتها أنه من أجل استكمال الحوار والإنصات إلى باقي مقترحات الساكنة تقرر عقد لقاء، الأربعاء، بمقر ولاية جهة بني ملال خنيفرة مع سبعة أشخاص من ممثلي سكان أيت ويرة (بونوال).
المصدر: وكالات