كشف مصدر مسؤول مطلع لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “مجلس النواب يواجه تحديات قوية تتعلق بتطبيق النظام الداخلي للغرفة البرلمانية الأولى، ولا سيما في ما يخص إجراء تلاوة أسماء النواب المتغيبين عن الجلسات العامة”، معتبرا أن “هناك صعوبة في العودة إلى هذا الموضوع، رغم أنه منصوص عليه في القانون؛ لأن رؤساء الفرق لم يتحملوا المسؤولية في ضبط الأمر”.
واعترف المسؤول ذاته ضمنيا بنهاية العمل بتلاوة الأسماء، قائلا: “قمنا بجميع الإجراءات اللازمة لضبط الحضور؛ لكن التنفيذ مرتبط بالتوازن داخل المجلس، وليس مرتبطا بمكتبه حصرا”، وزاد: “إنه مرتبط بالأحزاب السياسية والنخب الحزبية، وبمدى تمثل التحمل الحقيقي للمسؤولية النيابية أمام المواطنين الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع للتصويت عليهم”.
ومنذ المصادقة على النظام الداخلي الجديد، جرى تطبيق تلاوة الأسماء مرة واحدة فقط، في 14 نونبر 2024، خلال جلسة عمومية خُصصت للمناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025، علما أن المادة 395 من هذا النظام تنص على أن “أعضاء المجلس ملزمون بحضور اجتماعات اللجان والجلسات العامة”.
وحسب منطوق المادة نفسها، فإنه “لا يجوز لأي عضو التغيب عن هذه الاجتماعات والجلسات إلا بعذر مقبول طبقا لمقتضيات المادتين 137 و166 من هذا النظام الداخلي”، مبرزة أنه “إذا ثبت تغيب عضو عن جلسة عامة دون عذر مقبول، يوجه الرئيس تنبيها كتابيا إليه، وإذا ثبت تغيبه مرة ثانية دون عذر عن جلسة عامة في الدورة نفسها يوجه إليه الرئيس تنبيها كتابيا ثانيا ويأمر بتلاوة اسمه في افتتاح الجلسة العامة الموالية”.
وأوضح المصدر لهسبريس أن “مكتب الغرفة الأولى اشتغل من أجل الاستعانة أكثر بالكاميرات لرصد النواب الحاضرين بدقة؛ لكن التوازنات السياسية ما زالت عائقا”، مبينا أن “النقاشات داخل الغرفة لا تنتهي بشأن هذا الموضوع، ويتم التنبيه دائما إلى هذا الخلل وإلى أن النساء هن الأكثر حضورا باستمرار؛ غير أن رؤساء الفرق مطالبون أيضا بتحمل المسؤولية في هذا النقاش”.
وذكر المتحدث ذاته أنه “خلال مناقشة مشروع قانون تنظيمي رقم 53.25 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، تم اقتراح تجريد النائب الذي يتغيب دورة كاملة من عضويته”، موردا أن “الفرق والمجموعة النيابية لم تقدم هذا المقترح كتعديل، رغم أن نائبا أو أكثر قد لا يُشاهد خلال دورة كاملة؛ وهو ما يحرج المؤسسة التشريعية أمام الرأي العام الوطني”.
من جهة أخرى، اعتبر إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن “اختصاصات المجلس، سواء تعلق الأمر بالمكتب أو الرؤساء أو الفرق أو اللجان، معروفة وواضحة”.
وتابع السنتيسي، في تصريح لهسبريس، قائلا: “إذا كانوا قادرين على ضبط الوضع فليقوموا بذلك، وإذا لم يكونوا قادرين فليعلنوا ذلك صراحة؛ لأن النظام الداخلي للمجلس واضح، وما يحدث يُعد خرقا له، والجميع يعرف من يتولى تطبيقه”.
واستحضر رئيس فريق حزب “السنبلة” بالغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية المادة 94 من النظام الداخلي، التي تشير إلى أن “الأمناء يشرفون على إعداد محاضر الجلسات العامة ومسكها وتوقيعها”، كما “يتولون مراقبة عمليات التصويت التي تتم خلال الجلسات العامة، وكذا نتائج سائر الاقتراعات التي تجري فيها، وضبط حالات غياب النائبات والنواب في الجلسات العامة. ويُعد الأمناء تقريرا حول سير كل جلسة ومدى احترام مدونة الأخلاقيات البرلمانية، ويُعرض هذا التقرير على مكتب المجلس”.
أما المادة 395 سالفة الذكر، فتشير أيضا إلى أنه في حال ثبوت تغيب النائب دون عذر للمرة الثالثة أو أكثر في الدورة نفسها “يُقتطع من التعويضات الشهرية الممنوحة له مبلغ مالي بحسب عدد الأيام التي وقع خلالها التغيب دون عذر مقبول”، على أن “تُنشر هذه الإجراءات في الجريدة الرسمية للبرلمان، والنشرة الداخلية للمجلس، وموقعه الإلكتروني. كما تتم جميع التبليغات إلى النائب أو النائبة المتغيب(ة) بمقر فريقه(ها) أو مجموعته(ها) النيابية أو بالعنوان المصرح به لدى إدارة مجلس النواب”.
من جانبه، قال رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إن “الرؤساء لا يعارضون تطبيق القانون في هذا الشأن”، معتبرا أن “ما وقع السنة الماضية من احتجاج لم يكن بسبب تلاوة الأسماء؛ بل بسبب الخطأ الذي حدث، إذ كانت هناك أسماء نواب حاضرين تمت تلاوتها على أنهم غائبون”.
وأضاف حموني، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه “حتى من الناحية المسطرية، كان واضحا أن مقتضيات المادة 395 لم تُحترم بالشكل المطلوب”.
وتابع رئيس فريق حزب “الكتاب” بالغرفة الأولى من البرلمان: “نحن نطالب فقط بتطبيق النظام الداخلي حرفيا. لسنا ضد القانون ولا ضد الإجراءات التي صوتنا عليها لتؤطر عملنا كنواب للأمة؛ ولكن شريطة احترام المسطرة وعدم الوقوع في الأخطاء، لأن تلاوة اسم نائب وهو حاضر أمر غير مقبول”.
وخلص رشيد حموني إلى أن “اعتماد الكاميرات لضبط الحضور بشكل أدق لم نعترض عليه، لما يوفره من مزيد من الشفافية في رصد الغياب”.
المصدر: وكالات
