يخصّص أحدث أعداد مجلة “بيت الشعر في المغرب” كلمته للإبادة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني بقطاع غزة المحتل، وهو عدد يستهله بيت للشاعر محمود درويش: “أَلَا تَحفَظُونَ قَلِيلًا مِنَ الشِّعْر كَيْ تُوقِفُوا المَذبَحة؟”.
ويتضمّن العدد الجديد في “أراض شعريّة” قصائد “خطاب أوليس” للشاعر الكوبي أليكس باوسيديس، “حرب مُعلنة” للشاعر السلفادوري أوتونييل غيفارا، “اِغتراب” للشاعر البرازيلي تياغو بونسي دي مورايش، “قداس فاطمة” للشاعر المصري جرجس شكري، “رفقة بوب كوفمان” للشاعر العماني خميس قلم، “أقنِعة في سِفر الرّمل” للشاعر جمال أزراغيد، “طقطوقة الأشباح” للشاعر ميمون الغازي.
أما باب “مؤانسات الشعريّ” فيتضمن “في معنى الشّعر”، وهي ترجمة أنجزَها أحمد الويزي للفَصل الثاني عشر من رواية “الشاعر” التي ألّفها الكاتب الكوري الجنوبي يي مونيول، وينشر مقالات نقدية، هي: “تخطيطات أدونيسيّة” لرشيد المومني، “نقص الكينونة” لإبراهيم أولحيان، “العلامة والانتثار: الكتابة عند الخطيبي” لمحند كديرة، “التأويل الأورفي للأرض” لنبيل منصر.
في حين يقيم في باب “مقيمون في البيت” الشاعر الإسباني خوسي لويس بويرطور، بعنوان: “تِسع بصمات في شهر مارس”. وقد قدّمَ لهذا الباب وترجم قصائده الكاتب إبراهيم الخطيب؛ في حين تقرأ في باب “بوارق روحيّة” مُقتَطفات مِنْ حِكم ابن عطاء الله السكندري.
ويتساءل تقديم العدد 45: “أتَتَحَدّى الوَحشيّةُ التي تُديمُ مَأساةَ قطاعِ غزّة الضّميرَ الإنسانيّ أمْ تُفْصِحُ، في العُمْق، عَن الجَانب المُظْلِم في العَقل الغربيّ الذي لمْ يتَمكّن إشْعاعُ فِكر الأنوار مِنْ بَثِّ النّور فيه، ومِنْ تَفكيكِ أوهامِه وأساطيره؟ أَلَا تَكشِفُ فظاعاتُ المَأساةِ الفلسطينيّة والمُبَارَكةُ التي تُديمُها وتُحصِّنُ مُرتَكِبيها هَشاشَةَ الجانِب المُضيءِ في هذا العَقل وحُدُودَ اختراقِ الأنوار لعَتماته؟ ألَيْسَت المَأساةُ الفلسطينيّة، التي يَعيشُها القطاعُ في أدقِّ تَفاصيل اليَوميّ، تَعريَةً للاستِقوَاء والتّفوّق والتّميّز وغَيرها مِنَ الأوهام التي ظلّت تُشكّلُ نواةً صُلبَةً في تَصوُّر هذا العَقل عن الذّات وعن عَلاقَتِها مع آخَرها؟ أَلَا تفضَحُ فَظاعاتُ القتْلِ اليَوميّ عَجزًا راسخًا عن إمكانِ تَصَوّر هذه الذات للآخَر مِنْ خَارج علاقةِ الاستِعمار والاحتلال؟”.
وزاد المصدر ذاته: “كُلّ القيَم تَنهارُ اليومَ في جُرم الإبادَة الذي يَرتَكبُهُ الكيانُ الصّهيونيّ على مَرأى العالَم. انهيارٌ دالٌّ على أنّ العالمَ يَعيشُ أحَد أزمنَته المُظلِمَة، وعلى أنّ ما دافعَ عنهُ الفكرُ الحُرّ داخل العقل الغربيّ ظلّ هشًّا، وتَحوّلَ إلى شعارات تُجسَّدُ في خطابات جَوفاء أو تُنحَتُ في صُورَة أنصابٍ وتَماثيلَ تُخفي تَحتَها تاريخَ الإبادات”.
ويستشهد “بيت الشعر” بقصيدة درويش “خُطبَة الهنديّ الأحمَر ما قبْل الأخيرَة أمام َالرّجُل الأبيَض”، التي “يَستَحضرُ فيها إبادَةً مُضاعَفةً أو إبادةً في طيْفِ أخرى، نَقرأُ جُزءًا مِن تاريخِ الأقنِعَة، وَمَلمَحًا مِن الاصطِناع الذي يُحَوِّلُ القيَم إلى تَماثيلَ شاهِدَة على ادّعاءٍ أجوَف. مِنَ الأمثلةِ الدّالّةِ على ذلك في القَصيدَة قولُ درويش على لِسانِ “الهنديّ الأحمر”:
(…) فارْفَعْ على جُثّتي
تَماثيلَ حُرّيّةٍ لا تَرُدُّ التّحيّة.
المصدر: وكالات
