“لا سلام دونَ التحرر من الاستعمار” في فلسطين المحتلة، و”للشعب الفلسطيني حقّه في التحرير”، و”سُعار التقتيل” لم يبدأ بـ”طوفان الأقصى”، بل “مع خلق دولة عنصريّة، بكلّ ما يحمله هذا الوصف من ابتذال لأفعال سلخ الفلسطينيين من إنسانيتهم”.. أفكار ومواقف جمعت مفكرين وجامعيين وفنانين ونشطاء مدنيين بارزين من المغرب والمغارب وجنوب الصحراء الإفريقية وبقية أنحاء العالم.
وتلبية لنِداء “زملائنا بجامعة بير زيت الفلسطينيّة” جاء موقف “شبكة إزالة الاستعمار بشمال إفريقيا” هذا، ومن بين الموقعين على العريضة الداعمة له من المغرب: فاضمة آيت موس، محمد نور الدين أفاية، نجيب أقصبي، يونس أجراي، مهدي عليوة، عبد الأحد السبتي، وليد أيوب، ماحي بينبين، رحال بوبريك، مبارك بوحشيشي، لطيفة البوحسيني، ياسمين الشامي، شوقي الهامل، علي الصافي، نادية جسوس، هشام حذيفة، إدريس كسيكس، صلاح الدين المعيزي، خالد اليملاحي، دنيا مسفر، كريمة ندير، حسن رشيق، محمد سموني وعبد الله الطايع.
ولفتت الشبكة الانتباه إلى أن “سُعار التقتيل لا يبدأ بتاريخ السّابع من أكتوبر 2023، كما أنّه لم يبدأ مع تاريخ السّادس من أكتوبر 1973. لقد بدأ مع التوسع المتواصل والمُتدرِّج للمُستعمرات الإسرائيليّة في الأراضي المحتلّة. ولقد كان، في كلّ موجة من موجاته، مرفقاً بأشكال مُعقّدة للالتفاف على الأراضي ولطرق استلابه وقمعه للفلسطينيين”، مشيرة إلى أنه “من الطبيعي في منطق القوى الاستعماريّة أنها دوماً ما تجعل التّاريخ يبدأ مع بداية الهجوم على محميّيها، وهي تسعى بذلك لمحو خزّان مفعولات الضّغط، من خلال الإهانة والخسف المتواصل الذي تنتجه سياسات المَيز العنصريّ.”
وأدان الموقعون “السّياسة الاستيطانيّة العمياء التي تعتمدها دولة إسرائيل، والخرق المُستمرّ للقانون الدّولي، وعدم احترام كلّ اتفاقيّات السّلام”، مع تشديدها على أن هذه السّياسة “تطهيرٌ عرقيّ صريحٌ.”
وأضافوا “في الوقت الذي نكتب فيه هذا النص، تصعق إسرائيل مليون ونصف مليون من السكان بإجلائهم من شمال غزة خلال 24 ساعة، بدفعهم إلى اللّجوء نحو الجنوب. وتعتبر كلّ من لم ينسحب في هذه الآجال عضواً من أعضاء حماس، وتهدده بالتصفية من طرف القوى المسلحة الإسرائيلية. بهذا تكون الإنسانيّة جمعاء، في يوم الجمعة الماضي، 13 من أكتوبر 2023، ولأولّ مرّة في التاريخ، شاهدة على الإعلان المباشر عن قيام مجزرة مبرمجة”.
وتابعت العريضة العالمية أن “القِوى الغربيّة بتضامنها مع هذه المجزرة، سواءٌ بطريقة صريحة أو مبطّنة، تكون قد فقدت كلّ مشروعيّة للتدخل في مسار السّلام الدائم. إنّ الغرب، وهو يقدم للعالم نظامه القيمي بهذه الهندسة غير الثابتة، وبهذا الكيل بمكيالين، يكون قد أبان، مرّة أخرى، عن احتقاره للقيم الكونيّة التي يتشدّق بها.”
وسجلت أن “الوحشيّة التي تنهجها إسرائيل تستفحل كلّ يوم، أكثر فأكثر. ففي يوم الجمعة 13 أكتوبر، وبينما ساكنة غزة تفرّ إلى الشمال، قصف الجيش الإسرائيلي المدنيين وسيّارات الإسعاف، بل واقتحم هذا الجيش، في نفس المساء، كلّ أراضي الضفة: جنين والخليل ونابلس ورام الله وبيت لحم… بالإضافة الى أنه ومنذ أيّام، كان الإسرائيليون من سكان المستعمرات مُسلحّين علنا من طرف الدّولة الإسرائيلية ومشجّعين بقوة على تصفية أيّ فلسطيني كان من كان.”
“جرائم الدّولة” هذه تُقترف في ظل “إفلات تام من العقاب، بتزكية وتبرير بروباغندا تذيعها وسائل الإعلام الغربيّ، ويُعتبر إلصاق تهمة مذبحة أربعين طفلاً إسرائيليّاً نموذجاً مُخزياً في هذا السياق؛ فاعتماداً على تحقيق قام به صحافيو قناة “الجزيرة”، اضطرّت قناة “سي. إن. إن” إلى تقديم اعتذارها علناً واعترفت أنّ هذه الوقائع لم تكن حقيقيّة البتّة.”
وأكد المثقفون الموقعون أن “الصّمت المُدوِّي للمجتمع الدّولي عن جرائم الحرب المُقترفة اليوم في فلسطين هو حُجّة إضافيّة على أنّ التفاضل العِرقيّ بين الأجناس كان دوماً في قلب المشاريع الاستعماريّة والإمبرياليّة الغربيّة. بل إنّ على أساس هذا التفاضل تمّ على الدّوام تبرير أكبر مجازر وإبادات عاشتها الشّعوب التي عانت من هذا التمييز العُنصريّ”، مشيرين إلى أن “ما يقع في فلسطين خلال الأزمنة الرّاهنة لا يعدو أنْ يكون إلاّ استمراراً للعُنف الاستعماريّ الذي يتمدّد ويتأبّد.”
كما ذكّرت العريضة بـ”الأهميّة الأخلاقيّة والسياسيّة للتراجع عن اتفاقيّات التطبيع التي لا تزيد إسرائيل إلاّ شعوراً بقدرتها على الإفلات من العقاب”، قبل أن تختم بالقول: “لا وجود إذن لسلام دائم في المنطقة ما دام تجاهل الحقوق والآمال المشروعة للشّعب الفلسطينيّ طافحاً، وما دام التمادي في العبث بمقتضيات العدالة وحرية التنقل المتكافئ مُتصاعداً. في العمق، يمكننا استيعاب المعادلة بسهولة، بيد أنّها تُحارب وتُنكَر بضراوة: لن يتحقّق السّلام دون التحرر من الاستعمار”.
المصدر: وكالات