ثمّن متضررون وفاعلون مدنيون بمنطقة الجنوب الشرقي إعلان الحكومة عن تخصيص مساعدات مالية مباشرة لإعادة تأهيل المنازل المتضررة من الفيضانات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، ناشدين التعجيل بصرفها في “أقرب وقت ممكن” و”دفعة واحدة” عوض صيغة الصرف على دفعات التي جرى اعتمادها بالنسبة للمتضررين من زلزال الحوز، “وأدت إلى عجز بعضهم عن إتمام منزله حتى الآن، بسبب عدم استفادته من الدفعات الأخرى”.
ولفت هؤلاء، في حديثهم لهسبريس، إلى أن “إشكالا آخر يؤرق المتضررين يتمثّل في عدم علمهم بعد بالأماكن التي سيشيدون عليها منازلهم الجديدة، بالنظر إلى أن المناطق التي يقطنون بها، المحاذية للشعاب والأودية، لم تعد آمنة، لأن الفيضانات الكارثية التي عرفتها هذه الأخيرة قد تتكرر، مما قد يؤدي إلى خسائر مادية وبشرية ثقيلة”، وهو ما تقول السلطات المحلية في طاطا تحديدا، أحد أبرز الأقاليم المتضررة، إنه “لن يطرح إشكالا، وسيتم التنسيق بشأنه مع الجماعات السلالية”، مؤكدة عزمها “التشدد في منح الرخص حتى لا يتمكن متضرر واحد من البناء في هذه المناطق الخطرة”.
في هذا الإطار، ثمّن إبراهيم المودن، متضرر من دوار تيكسلت، “هذه البادرة الإيجابية التي ستمكّن من منح 14 مليون سنتيم لمن انهارت منازلهم كليّا مثلي، وهو مبلغ سيكون كافيا على الأقل لبناء منزل بطابق أرضي يمكّن من إسكان الأسر وينتشلها من الظروف المزرية التي تعيشها بسبب فقدان منازلها”، مردفا أنه “في حالة دوار تيكسلت، فإن المتضررين الذين جرى إيواؤهم مؤقتا بمدرسة الدوار مهددون بمواجهة ظروف أصعب في حال اضطروا إلى السكن في الخيام”.
وأضاف المودن، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه الظروف واضطرار العديد من المتضررين إلى التوقف عن عملهم مؤقتا من أجل مواكبة أسرهم في هذا الوضع، تجعلهم يناشدون السلطات التعجيل بصرف هذا الدعم في أقرب وقت ممكن”، ملتمسا “منح هذا الدعم دفعة واحدة وعدم تكرار صيغة الدفعات التي اعتمدت في زلزال الحوز لكي لا يضطر المتضررون إلى توقيف عمليّة البناء عند الأساس، مثلا، في حال تمّ تسجيل أي غلاء في أسعار مواد البناء خلال عمليّة إعادة الإعمار”.
وقال إبراهيم، مهني في بيع مواد البناء بطاطا، إنه “بالنظر إلى كون طاطا منطقة نائية، فإن أسعار مواد البناء بالإقليم تكون دائما مرتفعة مقارنة بعدد من المناطق المغربية حيث يصل سعر الرمال، على سبيل المثال، إلى 400 درهم للحمولة الواحدة”، مستبعدا “تسجيل زيادات في أسعار مواد البناء في الوقت الحالي أو الأسابيع المقبلة”، إلا أنه لفت إلى أن “كلفة النقل تضاعفت كثيرا جراء تضرر شبكة الطرق بالإقليم حيث يضطر المهنيون إلى تبديل إطارات الشاحنات عند جلب عدد محدود من الفياجات (الحمولات)”.
وأضاف المهني ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “من الصعب تقدير ما إذا كانت المبالغ المقررة لفائدة المتضررين كافية بالنظر إلى أسعار مواد البناء الحالية، على اعتبار أن الكلفة ستختلف حسب مساحة المنزل الذي يريد المتضرر بناءه”، مشددا على أن “العديد من المهنيين سيلجؤون إلى تخفيض الأثمنة والتضامن مع المتضررين محدودي الدخل، لإدراكهم حساسية هذا الظرف العصيب”.
ولفت إبراهيم المودن من جهة أخرى إلى أن “تساؤلا آخر يطرحه المتضررون بالدوار يتعلّق بالأماكن التي سيتمّ عليها تشييد منازلهم، على اعتبار أن المنطقة التي يوجد بها الدوار لم تعد صالحة للسكن بعد فيضان الوادي الذي يمر منه لأول مرة منذ 100 سنة تقريبا”، مضيفا أن “السلطات المحلية والجماعات السلالية التي تمنح البقع بالمنطقة لم تخبرنا بأي شيء إلى حد الآن حول هذا الموضوع”.
هسبريس نقلت هذا التساؤل إلى مصدر من عمالة إقليم طاطا، فشدد بداية على أن “العمالة لم تناقش بعد مسألة تحديد الأماكن الجديدة التي سيتم عليها بناء منازل المتضررين الذين كانوا يقطنون بالقرب من الأودية والشعاب أو على الملك العام المائي”، مبرزا أن “الانشغال الرئيسي الآن هو حصر العدد الدقيق للمتضررين، إذ لم تكمل اللجان المختلطة المحلية بعد هذه العملية بالنظر إلى شساعة إقليم طاطا”.
وقال المصدر ذاته إن “عملية إيجاد الوعاء العقاري لإعادة توطين المتضررين في مناطق بعيدة عن الأودية والشعاب لن تطرح إشكالا كبيرا، بالنظر إلى أنه سيتم التنسيق مع الجماعات السلالية لتمكينهم من بقع مجانية”، مردفا بأنه “في الظروف العادية يستفيد كل ذي حق بهذه الجماعات أراد الزواج، على سبيل المثال، بشكل مجاني من بقعة لإقامة منزله، فأحرى في هذه الظروف”.
وأوضح مصدر هسبريس أنه “من جهة أخرى، ستتشدد العمالة في عمليّة منح الرخص بالنسبة للمتضررين بشكل يمنع أي شخص من البناء بمنطقة خطرة، وستكون هناك مراقبة صارمة لمدى احترام عمليّات البناء للمعايير التي ستضعها السلطات، لأجل تفادي تكرار خسائر الفيضانات الأخيرة، ولأن الدعم يجب أن لا يذهب هدرا”.
محمد الهلالي، فاعل مدني بإقليم طاطا، ثمّن بداية “هذه الالتفاتة الكريمة”، ونادى بدوره “بتسريع عملية صرف هذا الدعم لفائدة السكان المتضررين حتى يتمكنوا من بناء منازلهم في أسرع وقت ممكن، لا سيّما وأن الهشاشة الاقتصادية التي يعيشونها تجعلهم غير قادرين على تأدية أثمنة الكراء”، ملتمسا “تقديم هذا الدعم دفعة واحدة، حتى لا يتكرر سيناريو عمليّة إعادة الإعمار بمناطق زلزال الحوز حيث لم يكمل العديد من المتضررين عملية بناء منازلهم نظرا لعدم توصّلهم بالدفعات الأخرى”.
وناشد الفاعل المدني ذاته “الملك محمد السادس إعطاء تعليماته من أجل سهر الحكومة على وصول الدعم إلى جميع المتضررين المستحقين له، لا سيّما وأن العديد من الساكنة التي تضررت منازلها بشكل كبير تشتكي إقصاءها من زيارات اللجان التفقدية أصلا”، موضحا أن “مبالغ المساعدات التي جرى رصدها لفائدة المتضررين مهمّة وكافية لإعادة بناء منازلهم، ولكن السؤال المطروح هو: هل سيستفيد جميع المتضررين فعلا؟”.
المصدر: وكالات