تعد ناميبيا قِبلة لعشاق رحلات السفاري والمغامرات؛ حيث تزخر الدولة التي تطل على المحيط الأطلسي في جنوب غرب إفريقيا بصحراء شاسعة يمكنهم فيها مقابلة وحيد القرن والأفيال، بالإضافة إلى الأسود والزرافات.
وحيد القرن
أثناء تجول حارسي المحمية “ستيفانوس جانوسب” و”فرينز هويب” سيرا على الأقدام وهما يحملان منظارا وكاميرا وبرفقة ضابط شرطة مسلح، شاهدوا فضلات وحيد القرن، وتوقعوا أن يكون على مقربة من هذا المكان، ثم اكتشفوا أن العجل الذكر، المعروف باسم “آرثر”، يتجول على قمة تل بعيدة.
يقوم هذا الفريق بالتحقق من اتجاه الرياح، حتى لا يتعرضوا لعاصفة رعدية، وتنتهي جولتهم على ارتفاع 100 متر كحد أقصى، إلا أن عجل وحيد القرن “آرثر” يقترب منهم اليوم، ولم يلاحظ أي شيء واستمر في التهام سيقان الشجيرات في هدوء، وبعد ذلك قام الفريق بتوثيق هذه المشاهد بالصور والنماذج الخاصة بمنظمة الحياة البرية “سيف ذا راينو تراست”.
وأوضح ليزلي كاروتجايفا قائلا: “يتمثل الهدف الرئيسي لصندوق سيف ذا راينو تراست في حماية وحيد القرن من الصيادين”. ويبلغ ليزلي كاروتجايفا 47 عاما ويدير القاعدة في قرية “بالمواج” الواقعة شمال غرب ناميبيا حيث يتم تنظيم جولات لمشاهدة حيوانات وحيد القرن من أماكن الإقامة المحلية.
وقد لا يعرف المشاركون في هذه الجولات أنه لولا جهود صندوق “سيف ذا راينو تراست” لما كانت هناك حيوانات نادرة في هذه البرية. ويستفيد النشاط السياحي من جهود هذه المنظمة، التي تغطي مساحة تصل إلى 25 ألف كيلومتر مربع. ووفقا لتقديرات كاروتجايفا، فإن أعداد حيوانات وحيد القرن تصل إلى 200 حيوان، ولكنه أشار إلى عدم وجود تمويل حكومي لهذه الجهود في الحفاظ على الحياة البرية.
وأضاف كاروتجايفا قائلا: “لم نحصل على أي شيء، ولدينا ست مركبات فقط، وبالطبع فإن هذه المركبات لا تكفي لمثل هذه المنطقة الشاسعة”. وتقتصر جهود الدولة على توفير عناصر شرطة لمرافقة الدوريات، ويتم تمويل جميع التكاليف سواء كانت للحراس أو برامج التدريب أو إزالة قرون الحيوانات عن طريق التبرعات.
وأشار كاروتجايفا إلى أن إزالة قرون الحيوانات، كما حدث مع وحيد القرن “آرثر”، تعتبر سلاحا ذا حدين، إذ تهدف هذه العملية من حيث المبدأ إلى جعل الحيوانات أقل جاذبية للصيادين؛ حيث يبلغ سعر القرن، الذي يزن 3,5 كلغ، أكثر من 200 ألف دولار في السوق السوداء، ولكن في المقابل يفقد الحيوان سلاحه للتصدي لهجمات الحيوانات المفترسة الأخرى.
ومع ذلك، فإن إزالة قرون الحيوانات لا تحميهم بشكل كامل ضد هجمات الصيادين، وأضاف كاروتجايفا قائلا: “يسعى الصيادون إلى الحصول على جميع الأجزاء حتى لو كانت صغيرة”. وتشير الإحصائيات إلى وقوع حوالي 35 حيوانا ضحية للصيد الجائر منذ 2012، ولذلك فإننا نحتاج إلى المزيد من التبرعات لتحسين ظروف العمل وتعيين المزيد من الحراس والموظفين”.
ويرى كاروتجايفا أن موجة الجفاف الحالي تمثل كارثة على الحيوانات؛ لأن السلطات أتاحت حصة معينة من الحيوانات البرية للصيد، وتم الترويج لهذا الفكرة بأنها تهدف إلى توفير اللحوم للسكان، الذين يعانون من المجاعة، ولكن الأمر كان مثيرا للجدل، ويعتقد نشطاء حماية الحيوانات أن الأمر يتعلق بتراخيص الصيد للأثرياء أثناء الرحلات الترفيهية.
فيلة الصحراء
على مسافة 200 كلم من الطرق الممهدة إلى الجنوب من “بالمواج” تقوم منظمة “إيلفانت هيومان ريلاشن آيد” بحماية ما يعرف باسم أفيال الصحراء، ويمكن للسياح هنا أيضا الانطلاق في جولات لمشاهدة الحيوانات، ولا يتم دعم هذه المنظمة من قبل الدولة أيضا.
وذكر الحارس “تايوين جارويب” أن مصطلح “أفيال الصحراء” ليس صحيحا تماما، وأضاف قائلا: “هي عبارة عن أفيال تكيفت مع المناخ الصحراوي حيث يمكنها السير لمسافات طويلة حتى الوصول إلى بركة المياه التالية، وهو ما أدى إلى تعرض الكثير من هذه الثدييات إلى الصيد الجائر في الماضي”.
ولا ترحم الأفيال الجائعة المزارعين والمستوطنين، الذين بدورهم اتخذوا الاحتياطات اللازمة للدفاع عن أنفسهم. وأوضح المدير الإقليمي تشارلز مولوتو قائلا: “نقوم ببناء سياج الحماية عند مواقع المياه ونقيم السدود بعيدا عن التجمعات القروية، حتى نحمي الأفيال والمزارعين من بعضهم البعض”.
وأضاف حارس البرية “تايوين جارويب” قائلا: “أشعر بالتضاؤل عند مقابلة الأفيال”، ويعمل الحارس بنشاط في أنشطة المنظمة، كما يقاتل زملاؤه في منظمة “سيف ذا راينو تراست” في الصحاري وغابات السافانا من أجل الحفاظ على الحيوانات المهددة بالانقراض.
وأردف الحارس “ستيفانوس جانوسب” قائلا: “تنطوي هذه المهمة على خطورة، ولكنني أحب أن أكون في الأدغال”. ويعتبر هو وزملاؤه بمثابة الأبطال المجهولين للحفاظ على الحيوانات البرية.
المصدر: وكالات