ما زالت تصريحات عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، عقب آخر اجتماع للمجلس الإداري للبنك المركزي، موضوع تحليل بين أوساط الخبراء الاقتصاديين بالمغرب والخارج، حيث لم يجزم بشأن المحافظة على معدل الفائدة الرئيسي الحالي عند 3 في المائة من عدمه، خلال الاجتماع المقبل للمجلس بحلول يونيو المقبل، مكتفيا بالتأكيد على أن القرار سيكون رهينا بالمؤشرات المسجلة خلال ثاني فصول السنة الجارية؛ ما يترك المجال مفتوحا لجميع التوقعات.
هل الحكومة مستعدة لمواجهة موجة تضخمية جديدة بعد رمضان؟. سؤال ما فتئ الخبراء الاقتصاديون يطرحونه في ظل غموض التوقعات المرتبطة بالتضخم وتوجه بنك المغرب، خصوصا خلال الفترتين الماضية والحالية، حيث تعيش المملكة فترة ركود تضخمي؛ إلا أن ارتفاع أسعار الخضر وبعض المواد الاستهلاكية بشكل تدريجي منذ النصف الثاني من الشهر الفضيل وتجدد الحديث عن رفع الدعم عن غاز البوتان عززا التوقعات بشأن موجة غلاء مرتقبة.
بذلت الحكومة، منذ نهاية السنة الماضية، مجهودات مهمة من أجل ضمان توفير منتوجات بأسعار منخفضة نسبيا على موائد المغاربة خلال رمضان، فكثفت حملات مراقبة الأسعار ومكافحة الاحتكار، واستثمرت توقف صادرات الخضر والفواكه إلى الخارج، ووسعت مجالات الإعفاء الجمركي على بعض المنتوجات؛ غير أن هذه الإجراءات تظل محدودة في مواجه المتغيرات الداخلية والخارجية المتسارعة.
توزان العرض
قلل الخبراء الفلاحيون من أهمية التساقطات المطرية الأخيرة في إنقاذ الموسم الفلاحي، الذي أشارت توقعات بنك المغرب إلى عدم تجاوز حصيلته سقف 25 مليون قنطار من الحبوب. ومن ثم، فإن التهديد يظل قائما بشأن توفير العرض اللازم في الأسواق من الخضر والفواكه وضمان استقرار أسعارها بعد رمضان، خصوصا أن الفترة المقبلة تتضمن مجموعة من المواعيد الاستهلاكية التي تحفز الطلب. ويتعلق الأمر، بالتحديد، بعيد الأضحى وموسم العطلة الصيفية وعودة المغاربة المقيمين في الخارج.
واعتبر محمد أمين الحسني، خبير في الاقتصاد التطبيقي، أن المحافظة على توازن العرض واستقرار الأسعار في الأسواق خلال الفترة المقبلة يتطلب تعبئة تمويلات ضخمة من قبل الدولة؛ ما يمثل عبئا إضافيا على الخزينة، التي تواجه مجموعة من التحديات متمثلة في تمويل أوراش هيكلية، مثل تعميم التغطية الصحية والاجتماعية والدعم الاجتماعي المباشر والدعم المباشر للسكن وغيرها.
وأوضح الحسني، في تصريح لهسبريس، أن المؤشرات الحالية بشأن تطور أسعار مجموعة من المنتوجات الاستهلاكية خلال الأسبوعين الماضيين تفيد بوجود تطور مهم، على الرغم من إجراءات الدعم والمراقبة الحكومية لتأمين تزويد الأسواق وتوازن العرض.
وأكد المتحدث ذاته أن الطلب المرتفع لا يشمل الخضر والفواكه والمواد الغذائية المختلفة؛ بل يمتد إلى القروض، حيث لم تكبح الزيادات المتتالية في أسعار الفائدة على القروض الطلب على الاقتراض رغم ارتفاع التكاليف المرتبطة به.
فاتورة “البوطاغاز”
تتزايد التوقعات بشأن موجة غلاء جديدة بعد رمضان، بسبب غموض سياسة الحكومة بشأن الرفع التدريجي للدعم عن بعض منتوجات المقاصة، خصوصا غاز البوتان “البوطاغاز”.
وكان من المتوقع، وفق تصريحات سابقة لرئيس الحكومة أمام البرلمان، الشروع في رفع الدعم عن هذه المادة ابتداء من شهر أبريل الجاري، قبل أن يتم التراجع عن هذه الخطوة إلى أجل غير مسمى؛ ما ترك الباب مفتوحا حول تداعيات هذا الإجراء، الذي سيؤثر على مجموعة من القطاعات.
وأكد رشيد قصور، خبير في المالية العمومية، لهسبريس، أن قطاعا، مثل تربية الدواجن يعتمد في نشاطه على “البوطاغاز” المدعوم، ستقفز تكاليفه التشغيلية إلى مستويات جديدة بعد رفع الدعم والزيادة في سعر الأسطوانة، موضحا أن أسعار الدواجن سترتفع في الأسواق بالنتيجة وكذلك الأمر بالنسبة إلى استغلاليات فلاحية تعمل بالغاز أيضا، حيث ستقفز أسعار بعض أنواع الخضر في الأسواق خلال الفترة المقبلة.
وشدد قصور على أن فاتورة “البوطاغاز” الجديدة سترخي بظلالها على العرض في سلاسل الطعامة مثلا، وكذا بعض القطاعات التي كانت تعتمد على الغاز المدعوم، منبها إلى أن التداعيات المتوقعة جراء رفع الدعم التدريجي عن هذه المادة يمكن أن تشكل سببا مباشرا في تباطؤ الحكومة بشأن اتخاذ هذه الخطوة في ظل الظرفية الاقتصادية الراهنة، خصوصا أن التعامل مع التأثيرات المحتملة في هذا السياق التضخمي سيكون صعبا وسيعقد المحافظة على توازنات المالية العمومية.
المصدر: وكالات