اهتمام بالتواصل العلمي بين علماء القارة الإفريقية، الذي جمع المغرب ودول المغارب والسودان الغربي، من خلال نماذج “الإجازات العلمية”، والمخطوطات، وطلب العلم، والتواصل الروحي، والعلاقة بين المراكز الدينية، يحضر في أحدث أعداد “مجلة العلماء الأفارقة” نصف السنوية المحكمة الصادرة عن “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة”.
هذه الدورية التي تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين البلدان الإفريقية، صدر عددها السادس بعنوان “التواصل العلمي بين علماء إفريقيا: الرحلات العلمية، المؤلفات، المراسلات، الإجازات”.
من بين ما يضمه هذا العدد، أبحاث من النيجر وموريتانيا والسنغال والمغرب ونيجيريا وكوت ديفوار وغانا ومالي حول “الإجازة العلمية ودورها في التواصل العلمي بين علماء المغرب والسودان الغربي”، و”التواصل العلمي بين علماء إفريقيا”، و”الشباب الإفريقي وحضوره في التربية الدينية والتنمية البشرية”، و”المخطوط الإسلامي في التراث الإفريقي وإسهامه في خدمة العلوم الإنسانية”.
كما يهتم العدد بالتواصل المغربي مع باقي أنحاء إفريقيا المسلمة، والتواصل الروحي والثقافي للعلماء التجانيين المغاربة في مدينة كَنُو النيجيرية خلال القرن العشرين، والعلاقة بين المراكز العلمية والدينية بإفريقيا جنوب الصحراء، والرِّحلات العلميَّة وأثرها في انتعاش التواصل العلمي ببلاد السُّودان الغربي، والمخطوطات ودورها في التواصل العلمي في السياق الإفريقي.
ويستحضر هذا العدد الجديد سيرة العالِم الموريتاني البارز الراحل محمد المختار ولد أباه.
يقول عبد الحميد العلمي، مدير تحرير المجلة: “نحن المسلمين قولا واحدا وإجماعا قائما من غير نكير نعتقد اعتقادا جازما أن الإسلام هو خاتم الشرائع بلّغه الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم هدى ورحمة للعالمين فهو دين الله القويم الجامع لعُرى الإخاء والتواصل بين علماء المسلمين”، واستشهد بالحديث النبوي: ”نضّر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه”.
وزاد: “لفظ التبليغ اسم جامع لمعاني التفهيم والإفهام ومد جسور التواصل والاتصال بين علماء الإسلام، لذا بات لزاما على القائمين على شرع الله أن يتحققوا بالقواعد العامة والضوابط التامة وطلبها من أهلها المتبصرين بها لإذكاء رحم العلم وضرب كبد الوسائل لمد جسور التواصل بين العلماء.”
وتابع: “لنا في سلف الأمة نماذج تذكر في هذا الباب عن طريق المراسلات، وتجهيز الرحلات وتبادل الزيارات والحصول على المصنفات، وملازمة أهل العلم في الحلقات والظفر بالإجازات”.
وذكر العلمي أن من المعلوم أن “انفتاح العالم على المستجدات الرقمية أضفى على مسمى التواصل نهضة علمية مبنية على وسائط إلكترونية بموجبها تعددت الطرق واتسع نطاق الأفق، لذا وجب استثمارها بين علماء الدين لتكون عونا على التعريف بالإسلام وتوحيد كلمة المسلمين، ولا سبيل إلى ذلك إلا بإقدام العلماء من المغرب وباقي البلدان الإفريقية على التوسل بما توصل إليه العلم في هذا المجال وإقبالهم على التزود بطرقه والتحقق بكيفية تفعيله وإعماله.”
ثم قال: “بناء على ما تقدم أعلاه، فقد اقتضى نظر أمير المؤمنين الملك محمد السادس إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة التي نصت المادة الرابعة من الظهير الشريف المؤسس لها على أهداف منها: توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين، بكل من المغرب وباقي الدول الإفريقية، للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها، وتنشيط الحركة الفكرية والعلمية والثقافية في المجال الإسلامي، وربط الصلات وإقامة علاقات التعاون مع الجمعيات والهيئات ذات الاهتمام المشترك.”
واستحضر العدد الرسالة الملكية إلى الندوة العلمية المنظمة في يوليوز من سنة 2023 بمراكش في موضوع “ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي”، التي قال فيها: “في هذا المقام نهيب بكم إلى استغلال حسنات التواصل لضمان الاستمرار في التداول بينكم حول موضوع الندوة، ومن خلال هذا التواصل تجتهدون وتتبادلون التجارب حيث تستفيد كل جماعة من العلماء في بلد من البلدان من علم مجموع علماء إفريقيا الملتزمين بهذه المبادرة مع احتفاظ علماء كل بلد بحقهم في مراعاة خصوصيتهم.”
المصدر: وكالات