بتنسيق محكم مع “اليونسكو”، ضيف شرف الدورة الـ29 من المعرض الدولي للنشر والكتاب، نظمت مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة يوما في “فضاء الطفل” بالملتقى، مُصاحباً بمجموعة من ورشات الاكتشاف، خصوصا دور الذكاء الاصطناعي في حماية البيئة وإمكانيات استخدامه للحفاظ على النظم الإيكولوجية، وتعزيز مبادرات التربية على التنمية المستدامة.
واضطلاعاً بدورها المحوريّ في حماية الموروث البيئي أمام “تحولات مناخية” حادة و”جفاف هيكلي” تعيشه المملكة المغربية، على غرار باقي الدول، في السنوات الأخيرة، اعتبرت مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة أن مشاركتها في هذا الحدث الثقافي تعدّ فرصة لتسليط الضوء على التزامها الملموس لصالح البيئة من خلال الأنشطة التّربوية والتفاعلية، خصوصاً موضوع الذكاء الاصطناعي، الذي “يعدّ موضوع الساعة في النقاشات الفكرية والثقافية” كونيا.
ورشات تكشف جهوداً
مريم خضري، المسؤولة عن برامج التربية البيئية بالمؤسسة، أفادت بأن “المشاركة في المعرض اتضح أنها تسعف في تقديم جهودنا وبرامجنا ومشاريعنا التي نشتغل عليها تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الأميرة للا حسناء”، معتبرة أن “الملتقى يساهم في تسليط الضوء على التزام المؤسسة تجاه التربية البيئية والتربية المستدامة، بعرض جهودها، سواء في جناحها أو في فضاء الطفل”.
وأوضحت خضري، في تصريحها لهسبريس، أن “أنشطة المؤسسة في المعرض تحتفي بزخم كبير يمكّن من تقريب المواطنين منها، وتسهيل التواصل معهم بشكل مباشر وتقريبهم من التّحديات البيئيّة وسبل مواجهتها”، عارضةً الأنشطة التي تمّ تنظيمها هذا الصّباح في فضاء الطفل، وضمت مجموعة من الورشات التحسيسية والتفاعلية لفائدة أكثر من 90 تلميذا ومؤطرا، منخرطين في برنامج “المدارس الإيكولوجية”.
وبنوع من التّدقيق أكدت المتحدثة ذاتها أن “إحدى الورشات تمحورت حول تدوير النفايات الورقية الذي هو محور من محاور اشتغال التلاميذ في المدارس سالفة الذكر؛ مع ورشة تفاعلية خاصة بالصحافيين الشباب وكيف يمكنهم استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة جيدة في إطار أعمالهم، وكذلك ورشة خاصة بالوسائل البيداغوجية التي يمكن من خلالها مواكبة جميع الفئات المستهدفة بالتحسيس”.
وتطرقت المسؤولة ذاتها في تصريحها إلى تطبيق “أنا بونظيف” الذي عرف، في النسخة الرابعة من حملة “#بحر_بلا_بلاستيك”، تحديثا لميزاته السنة الفائتة بهدف نقل الممارسات والسلوكات الإيجابية المتعلقة بالقضايا البيئية، مسجلة أن هذا التطبيق الذي تمّ تطويره سنة 2022 يواصل تحسيس المواطنين كلّ صيف بضرورة إبعاد النفايات البلاستيكية عن الشواطئ المغربية.
إمكانات الذكاء الاصطناعي
إسماعيل فرجية، منسق منصة الشباب الإفريقي من أجل المناخ، وعضو مؤسسة محمد السادس للحفاظ على البيئة، قال إن الأخيرة “أطلقت اليوم ورشتين حول الذكاء الاصطناعي لفائدة الطّلبة والصحافيين الشباب، من أجل تكوين الشباب المغربي انطلاقا من برامجنا على استعمال الذكاء الاصطناعي والتعامل معه في كتابة المقالات الصحافية والرسومات الفنية، وتوظيف هذا النوع من الذكاء في الجهود الرامية إلى الحفاظ على البيئة وإيجاد حلول للتصدي للتغيرات المناخية”.
وأضاف فرجية لهسبريس أن “هذه الورشات تكتسي أهميتها ليس في تكوين المشاركين على استخدام التكنولوجيات الحديثة فقط، وإنما أيضا في تحسيسهم وتوعيتهم بأن التكنولوجيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي هي سيف ذو حدين، وتنطوي على مجموعة من المخاطر التي تتطلب التحلي بالحكمة والمسؤولية في التعامل معها”، وزاد: “بالتالي فنحن نشتغل في هذا الإطار مع شركائنا في منظمة اليونسكو من أجل تلقين الشباب أبرز المبادئ التوجيهية التي تؤطر استعمال الذكاء الاصطناعي في نطاق المسؤولية”.
وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول مدى حضور استعمالات الذكاء الاصطناعي في التوقعات المناخية في الورشات سالفة الذكر، أوضح المتحدث ذاته أن “الورشات ركزت بالأساس على أبرز استعمالات هذا الذكاء وإفرازات الثورة الرقمية في الحفاظ على النظم البيئية والإيكولوجية، وبالتالي المساعدة على تجميع المعطيات والمعلومات الكافية لفهم مختلف الظواهر والمشاكل البيئة، في محاولة لإيجاد حل لها باستعمال هذه التقنيات المُستحدثة، إضافة إلى التصدي للتحديات التي تفرضها التغيرات المناخية وحماية البيئة والمناخ على أسس مستدامة”.
المدارس الإيكولوجية
تشير معطيات توفرها مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة إلى أن أكثر من 78 دولة حول العالم تبنت برنامج “المدارس الإيكولوجية”، الذي أطلقته مؤسسة التعليم البيئي، وفي المغرب نفذته مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة سنة 2006 بشراكة مع وزارة التربية الوطنية. وتم تسجيل 4,443 مدرسة، مع التزام أكثر من 2,958,850 تلميذا وتلميذة في المؤسسات التعليمية الابتدائية و74,467 مدرسا.
ويهدف برنامج “المدارس الإيكولوجية” إلى جعل تلميذات وتلاميذ المؤسسات رافعة للتغيير من أجل التنمية المستدامة، من خلال تزويدهم بالتعلم عن البيئة بشكل ممتع وعملي وموجه نحو العمل، ومنفتح على المجتمع.
وتتبع كل مدرسة إيكولوجية عملية تغيير متسلسلة مكونة من سبع مراحل تسمح بالعمل من أجل البيئة. وتم اقتراح سبعة مواضيع: تدبير المياه، وإدارة الطاقة، وتدبير النفايات، والحفاظ على التنوع البيولوجي، والتغذية الصحية، والتضامن، وتغير المناخ.
وتشير المعطيات نفسها إلى أنه “ستتمّ مكافأة تقدم المدارس الإيكولوجية باللواء الأخضر الذي يكرس إنجاز مجموع المسار، وبشهادات برونزية وفضية بعد إنجاز جزء من المسار”.
وحسب المعطيات المذكورة فإنه منذ 2018 تعمل هذه المدارس أيضا على توعية وتحسيس أطفال التعليم الأولي. وتنظم المؤسسة كل سنة ورشات عمل وطنية وجهوية لتكوين التلاميذ والمؤطرين ومديري المدارس الابتدائية، والمنسقين الجهويين والإقليميين للتربية الوطنية في مجال التنمية المستدامة ومنهجية البرنامج، ولتمكين القدماء منهم من تقاسم تجربتهم وخبرتهم.
المصدر: وكالات