تستمر “مؤسسة طنجة المتوسط” (FONDATION TANGER MED) في جهودها لخدمة التنمية الترابية والإسهام في ذلك بنشاط واضعةً مفهوم “الترابية” في “صلب عملها”؛ وهو كما تأكد خلال العام 2023.
تلتزم “مجموعة طنجة المتوسط”، باعتبارها فاعلاً في التنمية الترابية/المجالية من خلال مؤسستها التي تحمل اسمَ أضخم موانئ قارة إفريقيا، بـ”بلورة وتنزيل مشاريع هيكلية للمجتمعات المحلية وإدماجها في مشروع متكامل ذي حمولة وطنية”.
ولتحقيق مهمتها، تشتغل “مؤسسة طنجة المتوسط ، “على أرض الواقع لنشر النماذج الأساسية والإجراءات اللازمة لفائدة ظهور نماذج جديدة للتنمية الاجتماعية”.
تدخّل على 4 محاور
توفر المؤسسة “حلولًا ذات صلة ومستدامة” تتوزع على “أربعة محاور أساسية للتدخل” يعدّ “الإدماج الاجتماعي والاقتصادي” أولَاها، ثم “إجراءات حماية البيئة وعمليات التحسيس والتوعية”، فيما يشكل “التعليم والنهوض بالتميّز” ثالث هذه المحاور، فضلا عن “تمويل البنية التحتية”.
“مؤسسة طنجة المتوسط” بسطَت ضمن مؤشرات وبيانات دالة عن “حصيلتها منذ عام 2008″، إنها “نفذّت 870 مشروعاً تنموياً في الإقليم، استفاد منها 533 ألفاً و985 مستفيداً”. أما في عام 2022، لوحده، فإن المؤسسة التابعة للمركب المينائي المتوسطي “أبرمت أكثر من 70 اتفاقية شمِلت مجالات تدخُّلها المختلفة”.
مشاريع بارزة
تندرج أحدَثُ المشاريع التي وضعتها وطورتها مؤسسة “طنجة المتوسط” في السنوات الأخيرة، ضمن حقول الاشتغال الأربعة سالفة الذكر.
ولضمان “الإدماج الاجتماعي والاقتصادي”، فإنه منذ إنشاء “منصة إدماج الشباب” عام 2020، استقبلت 3193 شخصًا، من بينهم 1034 في عام 2022، موزعين على 7 جماعات في الإقليم. منصة الإدماج تمس 3 إجراءات: الأول يهم الشباب الباحثين عن عمل في وضع مشروعهم المهني، وكيفية إنشاء سيرتهم الذاتية والتحضير لمقابلات العمل”، ثم “الوساطة في العمل” من خلال التنسيق بين الباحثين عن عمل وأرباب العمل الذين نشروا عروض عمل. أما الثالث فيهم “تقوية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني: دعم منظِّمي المشاريع الشباب في عملية إنشاء منتجاتهم/خدماتهم التي تتراوح من خطة الأعمال إلى التمويل”.
في الشق الثاني المتصل بـ”حماية البيئة وإجراءات التوعية”، استعرضت المؤسسة في بيانات حصيلتها “مواكبة الساكنة القروية في تدبير نفاياتهم الصلبة”، مسجلة أنه “منذ عام 2016، ساهمت المؤسسة في تمويل برنامج تدبير النفايات الصلبة في منطقتَي “القصر الصغير وقصر المجاز”؛ وهي “مبادرة مكنت من إنشاء بنية تحتية فعّالة لجمع النفايات ونقلها وتدبيرها، مما أسهم في تحسين نوعية حياة السكان المحليين”.
“المدارس الإيكولوجية وتوعية الشباب” مبادرة أخرى لا تقل أهمية باشرتْها مؤسسة طنجة المتوسط التي قالت إن “المبادرات التي تركز على الحفاظ على البيئة دائمًا ما وُجدت في صميم اهتماماتها”.
كما تولي “اهتماما خاصا للمشاريع التي تبصم تأثيراً إيجابيا على البيئة وتستثمر في توعية السكان، ولا سيما الشباب”. ولتحقيق ذلك، رافقت المؤسسة 11 مؤسسة تعليمية ومدرسية في مقاطعة فحص أنجرة في تصنيفها لنيل «اللواء الأخضر» الذي حددته مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، وفق المعطيات التي قدمتها.
ولتلقين التلاميذ “الممارسات البيئية الجيدة”، أقامت المدارس ورشات عمل مختلفة حول مختلف المواضيع: “الحفاظ على الموارد الطبيعية، الطاقة المتجددة، إعادة التدوير وإدارة النفايات، التنوع البيولوجي، عمليات التضامن”.
وبدعم وثيق من المؤسسة، تُوّجت مدرسَتان بـعلامة “اللواء الأخضر”، معلقة بأن هذا “التتويج صار ممكناً بفضل التزام الفرق الإدارية والتربوية، فضلا عن مشاركة التلاميذ”، ما يدفع المؤسسة إلى العمل على “وجود 13 مدرسة معتَمَدة في منطقة التدخل الخاصة بها، تواصل المؤسسة دعم ترسيخ ثقافة مسؤولة بيئياً بين الفئات العمرية الأكثر شباباً”.
ولضمان حُسن سيْر “برنامج شاطئ نظيف” في “الدّالية”، استحضرت المؤسسة منذ عام 2015، تقديم “التمويل والدعم اللوجستي والتأطير اللازم؛ الدعم الذي لا يقتصر على توفير المرافق والمعدات على الشاطئ، بل يساهم مباشرة في النهوض بأوضاع القرية والمجال الترابي المحتضِن للشاطئ”.
مستجدات 2023
سنة 2023 حملت عدة مستجدات في عمل مؤسسة طنجة المتوسط، لافتة أن أبرزها هو “آلية مواكبة الأشخاص في وضعية إعاقة تم تكريمُهم بـ”جوائز للا حسناء للساحل المستدام”، معتبرة أنه “تتويج جديد يكافئ الجهود التي تبذُلها المؤسسة فيما يتعلق بالحفاظ على البيئة؛ فاز الأخير للتو بجوائز للا حسناء للساحل المستدام 2022”.
وكان أبرزها “حفل تسليم هذه الجوائز” المنظم بتاريخ 28 ماي 2023، والذي عرف “منح 35 جائزة لأفضل المبادرات الوطنية التي ساهمت في حماية السواحل والمحيطات”، حيث “تمت مكافأة مبادرة مؤسسة “طنجة المتوسط” حول تنزيل آلية مواكبة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة كجزء من برنامج “شاطئ الدالية”. وتندرج هذه الجائزة الأولى في فئة «المسؤولية الاجتماعية والبيئية للمنظمات» وهي مكرسة لمبادرات المتعهدين الاقتصاديين الذين اختاروا إدماج نهج بيئي أو اجتماعي أو اقتصادي له تأثير إيجابي على الساحل المغربي.
كما ذكرت مرافَقة جهود جمعية ” Champions Fnideq pêche sous-marine” في إنشاء منصة رقمية تحت اسم «Maroc marin» مكرّسة للإعلام وزيادة الوعي حول التنوع البيولوجي البحري في المغرب. وقد توجت هذه الشراكة بجائزة في فئة «حماية التراث الطبيعي وتعزيزه»، تقديراً للعمل المضطلع به من أجل معرفة أفضل بالساحل، وحفظ تنوعه البيولوجي ونظُمه الإيكولوجية الهشة.
“التربية وتحفيز التميز”
في محور عملها الثالث، المتعلق بـ”قضايا التربية والتعليم وتحفيز التميز”، همّت أنشطة “مؤسسة طنجة المتوسط” إشكالية “النقل المدرسي ومحاربة الهدر المدرسي”، مسجلة: “تزايد معدلات الهدر المدرسي في المجال القروي بسبب نقص الموارد والبنية التحتية وحلول النقل”؛ وهو “واقعٌ يدفع المؤسسة إلى دعم برنامج النقل المدرسي منذ عام 2009 لصالح تلامذة المدارس الإعدادية والثانوية من جميع جماعات ‘الفحص أنجرة’ بالشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين طنجة-تطوان-الحسيمة وكذلك جمعيات أولياء أمور التلاميذ.
في عام 2022، “جددت المؤسسة برنامج النقل المدرسي الذي يستفيد منه أكثر من 4720 طالبا في الإقليم، مما قلَّل بشكل كبير من معدل الانقطاع عن الدراسة”.
في سياق متصل، واصلت “جائزة طنجة المتوسط” مكافأة التميز المدرسي عبر دورة عاشرة. في عام 2023 كافأت الجائزة 17 حاصلا على الباكالوريا بفضل درجاتهم الاستثنائية في 14 مؤسسة من 4 مديريات تندرج تحت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين. وكالعادة، مَنحت المؤسسة “جائزة تحفيزية خاصة” لشعبة “العلوم الرياضية، من أجل ضمان الإنصاف فيما يتعلق بالجوائز الممنوحة”.
تمويل البنيات التحتية
في محور “البنيات التحتية”، أسهمت مؤسسة “طنجة المتوسط” في تشييد وحدة مدرسية “زهارة”، عبر تمويل “تهيئة مدرسة في غياب بنية تحتية تتكيف مع الأطفال الصغار في سِنّ ما قبل التمدرس”.
كما ساهمت المؤسسة أيضاً في أشغال “تجديد مدرسة بمنطقة قصر المجاز”، ما أتاح “تحسين قاعات وفصول الدراسة، وأماكن العمل، والمراحيض المخصصة للفتيات والفتيان. “اليوم، عاد أكثر من 70 طالبًا إلى مقاعد مدرستهم، ليدرُسوا في بيئة مواتية للتعلّم”.
تمويل البنى التحتية الأساسية شمِل أيضا المساجد، إذ بناء على اتفاق تم توقيعه مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، اضطلعت “مؤسسة طنجة المتوسط” بأعمال إعادة إعمار “مسجد اللويذ في جماعة قصر المجاز”.
واستدعت المؤسسة في هذا الصدد خبرة الحرفيين الرئيسيين المحليين في زخرفة المساحات العربية الإسلامية، قبل أن يتم “افتتاح المسجد في اليوم الأول من شهر رمضان، وهو حدث يحظى بتقدير كبير من قبل السكان المحليين، حيث تمكن أكثر من 9000 مُصَلّ من إقامة شعائر الشهر الكريم”.
ومن جملة مشاريع بصمت عمل المؤسسة في السنتين الأخيرتين يبرز إطلاق “مدرسة الدالية للإبحار الشِّراعي” في يناير 2022، ثم تألق “مشروعان تعليميان لبناء هذه المجموعة من الموارد ورؤية صعود الأجيال القادمة من المواهب”. إذ تضمن “الثانوية المتوسطية (LYMED) التميّز بطريقة تقليدية، فيما تقدّم مدرسة “MED 1337 ” نهجًا تعليمياً وتكوينياً مبتكرًا مع تعزيز سوق العمل الرقمي”.
في أول فوج لها، كشفت (LYMED) التي تعمل بدعم من “مجموعة طنجة المتوسط”، عن نتائج طلّابها في شعب علوم الرياضيات والفيزياء، الذين تميزوا في مباريات 2023 لولوج المدارس الفرنسية العليا للمهندسين.
تم قبول جميع الطلاب الـ 48 في الفصل في مدارس الهندسة الفرنسية، بما في ذلك 30 طالبًا تم قبولهم في أرقى المدارس، أي ما يقرب من ثُلثيْ الفصل. فيما سينضم 4 طلاب إلى “مدرسة بولتيكنيك” (شعبة العلوم التجريبية) في العام الدراسي 2023-2024، بما في ذلك المتفوق المغربي في المباراة.
بالإضافة إلى ذلك، اختار 16 طالبًا الانضمام إلى مدارس “هندسة المعادن والطرق” بينما سينضم 10 طلبة إلى المدارس المركزية في فرنسا.
“النتائج التي حصدتْها ثانوية “LYMED” رائعة”؛ بحكم سمحت لطلبة جهة الشمال بالمغرب البالغ عددهم 16 طالبًا، أي أكثر من ثلث الطلاب المترشحين، بالاندماج في المدارس الهندسية الفرنسية الأكثر انتقائية.
كما تم قبول طالبيْن في “مدرسة البوليتيكنيك” بالشعبة ذاتها مقابل 5 آخرين سيلتحقون بمدارس “Mines-Ponts “، ومثلهُم بالمدارس المركزية.
“إن القبول الذي حصل عليه هؤلاء الطلبة غير مسبوق” ويؤكد إرادة مجموعة طنجة المتوسط، للمساهمة في وضع الجهة الشمالية للمملكة “كـمَرجع للتميز على المستوى الوطني”.
المصدر: وكالات