شكل موضوع “دور القضاء في الحد من ظاهرة الهدر المدرسي: منح إذن شهادة المغادرة نموذجا” محور لقاء دراسي، نظمته، الأربعاء، النيابة العامة لدى المحكمة الإبتدائية بسوق السبت أولاد النمة، بشراكة مع المديرية الإقليمية للتربية بالفقيه بن صالح، في إطار تنزيل برنامج الاجتماع الدوري الثالث للجنة المحلية لخلية التكفل بالنساء والأطفال بالمحكمة ذاتها.
ويأتي هذا اللقاء الدراسي، تبعا للأستاذ خالد وردي، نائب رئيسة المحكمة الابتدائية بسوق السبت، “في سياق جهود المملكة المغربية لحماية حقوق الطفل وتنزيل مقتضيات مدونة الأسرة والاتفاقيات الدولية في هذا المجال، وأيضا تفاعلا مع مضامين دوريات رئاسة النيابة العامة حول تتبع إعلان مراكش من أجل تفعيل القانون المتعلق بإلزامية التعليم الأساسي كآلية للحد من الهدر المدرسي”.
وللحد من الهدر المدرسي، يتابع نائب رئيسة المحكمة الابتدائية المذكورة، يتوجب، ضمن المقترحات من الناحية القانونية، تفعيل قانون التسجيل في الحالة المدنية بناء على طلب النيابة العامة لتفادي بعض الرسومات القضائية، والقيام بحملات توعية وإجراء جلسات تنقلية في المكان، والحد من زواج القاصرات، وربط تشغيل الأطفال بشروط محددة، وليس بشكل اعتباطي (كما ورد في المادة 145 من مدونة الأسرة)، والعمل على إدراج هكذا القضايا في القضاء الاستعجالي عوض قضاء الموضوع للتفاعل معها بشكل أسرع.
وبحسب خالد صعيد، رئيس مصلحة الشؤون التربوية بالمديرية الإقليمية الفقيه بن صالح، “يعدُّ الهدر المدرسي ظاهرة بنيوية تركيبية، لها متغيرات متعددة، وتشكل إحدى المعيقات البنيوية التي تحول دون تحقيق المنظومة التربوية أهدافها وغاياتها الكبرى، ويعتبر الحد منها من ضمن الأهداف الإستراتيجية التي تسعى وزارة التربية الوطنية إلى تحقيقها من خلال خارطة طريق النموذج الجديد لإصلاح التعليم”.
وتتجسد الأهداف العامة لقافلة التعبئة المجتمعية للإدماج المباشر للموسم الدراسي 2023/2024، بحسب رئيس مصلحة الشؤون التربوية بمديرية الفقيه بن صالح، “في التعبئة والتحسيس بخطورة ظاهرتي الانقطاع وعدم الالتحاق بالدراسة، والتحسيس بإلزامية التعليم الأساسي، ورصد وضبط التلاميذ غير الملتحقين برسم الموسم الجاري، والبحث في الأسباب، وكذا العمل على إرجاع أكبر نسبة ممكنة من التلاميذ غير الملتحقين والأطفال غير الممدرسين دون سن 16 عاما، وتنظيم لقاءات مع الفاعلين والمتدخلين للعمل على إيجاد الحلول الناجعة للحد من الظاهرة”.
ومن أهداف هذا اللقاء، يتابع المتدخل ذاته، “تعبئة جميع المتدخلين الإقليميين لإيجاد حلول مناسبة لإشكالية عدم تمدرس الأطفال وإدماجهم المباشر في التعليم، وصياغة برنامج العمل الإقليمي والمصادقة عليه من أجل التنفيذ، والتعرف والاطلاع على بؤر عدم الالتحاق والانقطاع عن الدراسة على صعيد كل جماعة ترابية بالإقليم”.
وفي عرضه الذي جاء موسوما بـ”الاجتماع التنسيقي الإقليمي حول عملية قافلة التعبئة المجتمعية للإدماج المباشر -الموسم الدراسي 2023/2024″، استعرض المسؤول التربوي نفسه النتائج المنتظرة من القافلة وحصيلة الموسم السابق 2023/2022، وحصيلة إدماج غير الملتحقين وأطفال المهاجرين إلى غاية 04 أكتوبر 2022، وبرنامج العمل الإقليمي لعملية قافلة التعبئة المجتمعية للإدماج المباشر.
من جهته، أبرز الأستاذ احساين احساين، مساعد اجتماعي بخلية التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بالمحكمة الابتدائية بسوق السبت، أن عدد الطلبات الواردة على الخلية قصد الحصول على إذن الانتقال المدرسي من وكيل الملك بلغ إلى غاية 10/10/2023 أزيد من 60 طلبا، تمت الموافقة على 61 منها، وتم رفض طلبين اثنين.
وأضافت المساعد الاجتماعي ذاته أن عدد الطلبات بالنسبة للمستوى الابتدائي بلغ 38 طلبا، منها 22 تخص الإناث و16 للذكور، فيما بلغ عدد الطلبات بالنسبة للمستوى الثانوي التأهيلي 18 طلبا (1 إناث و4 ذكور)؛ وذلك بسبب الهجرة (6 حالات) أو مغادرة الزوجة لبيت الزوجية (7 حالات) أو البعد عن مكان الإقامة (16 حالة) وجراء الطلاق أو التطليق (5 حالات)، وكذا الانتقال من مؤسسة عمومية إلى مؤسسة خصوصية (حالتان).
وتميز اللقاء الدراسي، الذي ترأسه فتاح مصبري، نائب وكيل الملك ورئيس خلية التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بالمحكمة الابتدائية بسوق السبت، بعدة مشاركات، رصدت في مجملها أسباب الهدر المدرسي ومقترحات للتخفيف منه، ودعت إلى الاعتراف بأننا أمام آفة تسائل الدولة والمجتمع، بل تسائل السياسة التعليمية ببلادنا، وتعد من العوامل القادرة على شل حركة المجتمع ووضعه في دائرة التخلف والتقهقر بعيدا عن مواكبة لغة العصر في التقدم والانفتاح.
وانتهى اللقاء بالإشادة بالدور الفعال للضابطة القضائية، وبالتأكيد على الجهود التي تبذلها فعاليات المجتمع المدني وخلية التكفل والسلطات المحلية والمجالس المنتخبة في الحد من نزيف الظاهرة، وأيضا على أهمية التعبئة الجماعية من أجل الوصول إلى مقاربة تستند إلى تشخيص فعلي للظاهرة، وتلامس مختلف الجوانب، سواء الاجتماعية منها أو النفسية، وانخراط كافة الفرقاء المؤسساتيين في الجهود المبذولة للتصدي لها .
جدير بالذكر أن اللقاء الذي جرى بالمحكمة الابتدائية لسوق السبت أولاد النمة عرف عدة مشاركات أخرى، ونقاشا مستفيضا، وشهد حضور رؤساء عدد من مراكز الدرك الملكي التابعة للإقليم، وممثلي الأمن بالمدينة، ورؤساء جمعيات آباء وأولياء تلامذة بعض المؤسسات التعليمية، وبعض المدراء؛ فضلا عن فعاليات جمعوية ومنتخبة ومهتمين بظاهرة الهدر المدرسي، كما تميز بقراءة الفاتحة ترحما على شهداء الزلزال الأخير الذي طال عدة جهات من المملكة.
المصدر: وكالات