رصد عصام لعروسي، محلل سياسي، وجود تضاؤل في حجم الاتحاد الأوروبي على المستوى العالمي بعد أزمة كورونا، وتورطه المباشر في الأزمة الروسية الأوكرانية، والتأثر بمختلف القضايا السياسية والاقتصادية الدولية.
وجاء في مقال له على الموقع الرسمي لـ”مركز الأبعاد الاستراتيجية” أن “الحرب في غزة كان لها أيضا دور مهم في تقزيم وحدة الصف الأوروبي إزاء القضية الفلسطينية، خاصة مع تزايد المشاعر الناجمة عن الذنب التاريخي، والشعور بالظلم تجاه إسرائيل”.
وقال العروسي، وفق المصدر ذاته، إن “موقف الاتحاد الأوروبي إزاء الحرب في غزة بصدد التغيير، وتزايد هذا التوقع مع صعود موجات جديدة من الأحزاب الأوروبية اليمينية المتطرفة التي تعمل بالأساس على تمجيد القوميات؛ الأمر الذي يتقاطع مع التصوّرات المتطرفة للحكومة اليمينية المتطرفة الإسرائيلية، على خلفية التقارب الكبير بين عدد من الحكومات الغربية الشعبوية وإسرائيل”.
وأشار المقال ذاته إلى أن زيارات المسؤولين الأوروبيين إلى إسرائيل عرفت انتقادات حادة داخل القارة العجوز، إذ اعتبرت انحيازا واضحا إلى الطرف الإسرائيلي، عوض الوضع السابق والتقليدي؛ الأمر الذي يؤشر على انقسام أوروبي واضح، وهو ما تجسد أيضا في التصويت على وقف الحرب في غزة بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبيّن المقال المعنون بـ”الاتحاد الأوروبي والحرب في غزة.. تناقص الأدوار الدبلوماسية وتعاظُم الهواجس الأمنية” أن “مؤشرات الانقسام الأوروبي في التصويت ضد استمرار الحرب في غزة تظهر تباعد المواقف الأوروبية عن مواقف الاتحاد الأوروبي نفسه”.
وأورد المصدر ذاته أن “موقف الاتحاد الأوروبي قد شهد تغيرا ملحوظا فيما يهم القضية الفلسطينية”، لافا إلى أن “القارة العجوز عرفت، منذ التسعينيات، توحدا في الصف، قبل أن تتغير الأمور مع توطيد العلاقات مع إسرائيل مؤخرا بسبب الدوافع التاريخية والمصالح الاقتصادية والسياسية”.
“وبفعل التوغل الإسرائيلي في قطاع غزة، وحجم الضحايا الذي خلفه، تصاعد الغضب الشعبي بأوروبا؛ الأمر الذي دفع الدبلوماسية الفرنسية إلى خلق توازن يستجيب للجالية المسلمة واليهودية الكبيرة على أراضيها”، قال العروسي.
وتحدث المقال عن جملة من العواقب الأمنية للانقسام الأوروبي؛ منها “تهديد أمن المجتمعات الأوروبية، وتزايد منسوب الإسلاموفوبيا، واحتمال وقوع هجمات إرهابية، وإمكانية استغلال روسيا لهذا الانقسام”.
إلى هنا، خلص العروسي إلى أن “تزايد الانقسام الأوروبي حول حرب غزة تبدو أوروبا غير مرشحة للعب الدور الدبلوماسي المنتظر منها، إلا إذا عبرت عن موقفها التقليدي، أو محاولة لعب دور الوساطة”، موضحا أن “هذا الترهل الأوروبي لا يخفي قدرة أوروبا على تيسير الحوار الدبلوماسي الإقليمي”.
المصدر: وكالات