إلى أعلى مستوى لها منذ شهر أبريل 2023 قفزت أسعار النفط في مجمل الأسواق العالمية، متجاوزة مستوى 80 دولارا للبرميل، بشكل انعكس أساساً في محطات البنزين الأمريكية خلال الأيام الماضية.
وساهمت تخفيضات متتالية لإمدادات النفط من أغلب دول تحالف “أوبك بلس”، في ما يشبه “العدوى” أو “تأثير الدومينو” (لاسيما روسيا والسعودية)، في “الزيادات الأخيرة والمتتالية التي عرفتها العقود الآجلة”، حسب محللين متابعين لتداولات الطاقة.
ويُرجَّح أن يشهد شهر غشت 2023 انعكاس خطوة خفض صادرات موسكو إلى جانب تمديد الخفض السعودي (بما مجموعه مليون برميل يومياً) على أسعار النفط لترتفع عن مستواها “المستقر نسبيا” منذ أشهر، بعدما ظلت تُراوح نطاقاً بين 70 و75 دولاراً للبرميل، ويطرح ذلك سؤال التأثيرات على الأسعار بمحطات الوقود المغربية خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري.
لا يبدو المغرب في منأى عن تأثير انخفاض المخزونات والطلب المرتفع من طرف الاقتصادات الرئيسية العالمية على ارتفاع أثمان الطاقة البترولية، فيما تجددت المخاوف من الضغوط التضخمية عالميا، مع ارتفاع أسعار البنزين في مختلف أنحاء العالم، الذي يعزى بدوره إلى ارتفاع في أسعار الخام.
“الصيف يرفع الطلب”
الحسين اليماني، خبير طاقي في صناعات البترول والغاز، قال إن “المغرب يظل متأثراً بشدة ومرتهناً بشكل مباشر لتقلبات الأسعار العالمية، خاصة في أشهر الصيف التي تعرف زيادة استهلاك وطلب الطاقة، ليس فقط في المغرب بل عالميا”، قبل أن يشبّه ما يجري عالميا في سوق النفط بـ”معركة عضّ الأصابع”: فـ”مقابل خفض طوعي لإمدادات وصادرات أوبك بقيادة السعودية وروسيا، فإن أمريكا تلجأ للسحب من المخزون الاستراتيجي لديها بقرارات رئاسية ومن الكونغرس”.
وأضاف اليماني مُحلّلا لهسبريس ديناميات أسواق الطاقة العالمية، أنه “على الرغم من تسجيل استقرار عقود النفط الآجلة وعدم تغيّرها بشكل كبير منذ بداية العام إلى حدود نهاية يوليوز، إلا أن ارتفاع أسعار البنزين في أمريكا حاليا من المرتقب أن يجرّ معه باقي أسعار مشتقات النفط إلى منحى تصاعدي”، متوقعاً أن “تلامس أسعار مزيج خام برنت الذي يقتنيه المغرب مستوى 100 دولارا بحلول نهاية 2023 مقارنة بحوالي 85 دولارا حاليا”.
الخبير الطاقي ذاته لم يخف توقعاته بأن “يصل سعر الغازوال وكذا البنزين نهاية غشت الحالي إلى قرابة 15 درهما للتر بمحطات الوقود المغربية”، مفسرا ذلك بانعكاسات ارتفاعات متكررة عرفها النفط العالمي، و”على أساس أننا نعيش فترة الصيف المطوّل، خاصة مع الطلب المتزايد لاستهلاك الوقود من طرف المغاربة وانتعاش الأسفار وفترة عبور الجالية”.
وسجل اليماني أن “المغرب يظل دولة تابعة طاقياً يصعب أن تَقِي اقتصادها من إشكال تقلبات الأسعار مع توقف التكرير بمصفاة سامير منذ سنوات”، واصفا ما نعيشه بـ”الصدمات البترولية”.
“صعوبة التنبؤ”
بدوره، لم يحِدْ مصطفى لبراق، خبير اقتصادي مغربي متخصص في الطاقة، عن مسار تحليل اليماني، موردا في إفادات لهسبريس أن “أسعار البترول بمختلف مشتقاته سائرة في اتجاه الارتفاع، وهو ارتفاع يتسارع طبيعياً في الصيف الذي يعد فترة عز الطلب العالمي والمحلي على مصادر الطاقة الأحفورية”.
وأورد لبراق أن “الطلب العالمي يرتفع في هذه الفترة أيضا مدعوماً بانتعاش للاقتصاد الصيني، أحد أكبر مستهلكي النفط”، مفيدا بأن “صعوبة التنبؤ في مجال أسعار النفط لأشهر طويلة تظل نسبية إلى حد كبير، نظرا للتحولات التي تتسم بها الأسواق وتأثيرات جيو-سياسية بالدرجة الأولى”.
“زيادة نصف درهم” في غشت
وعن انعكاسات ارتفاع أسعار المحروقات عالميا على المستهلك المغربي، قال لبراق: “مبدئيا وحسب التقديرات وتتبع الأسواق، فإن الارتفاع في شهر غشت سيكون بحوالي 50 سنتيما إلى 60 سنتيما في اللتر”، مشددا على أن “التفاوت سيكون حسب طريقة تطبيق هذه الزيادة بين الشركات الموزعة على المحطات، وكذا تبعاً لنظام حرية أسعار السوق لتغيير الأثمان بالمحطات كل أسبوعين”.
وفسّر الخبير الطاقي ذاته ذلك بكون “المغرب مازال خاضعا لاستيراد المواد البترولية بنسبة مائة في المائة”، معتبرا أنه “موضوع يؤرق المسؤولين المغاربة، نظرا لكلفة ذلك على التوازنات المالية والطاقية للبلاد، في انتظار تفعيل الطاقات المتجددة والاستفادة من إمكانيات الهيدروجين”.
وسجل المصرح أن “أثمان المحروقات بالمغرب بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية كانت أغلى بكثير”، مستدركا بأن “طرق الإمداد تعرف استقرارا لكن الطلب يظل متناميا”.
المصدر: وكالات