لا يكفّ منسوب الترقب عن الارتفاع مع تركُّز الأنظار على المملكة المغربية التي تستعد لاحتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم “المغرب 2025″، بحفل ومباراة افتتاحيَيْن يوم غد الأحد.
الحدث الرياضي القاري المتجاوزُ لأبعاد “مستطيل المنافسة الكروية” صار، بحسب مهنيين ومحللين، رافعة استراتيجية للاقتصاد الوطني، لا سيما في شقه الخدماتي والسياحي، في سياق سمته الأساس التزامنُ مع عطلة نهاية السنة الميلادية بكامل زخمها السياحي المعهود.
وبينما يدنو موعد البطولة التي تحتضنها ملاعب مغربية في ستِّ مدن بجهات مختلفة، يسود “تفاؤل كبير” في أوساط المهنيين الذين يراهنون على هذا “العرس الإفريقي” لتحقيق طفرة في نسب الإيواء والتعريف بالتنوع الثقافي والسياحي للمملكة، حسب ما استقته هسبريس في إفادات متطابقة.
جاهزية وبرامج موازية
من “عروس الشمال”، أكد علي القادري، رئيس الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، أن القطاع السياحي بمختلف تلاوينه، وخاصة الفنادق ومؤسسات الإيواء، معبأ بشكل كامل ومستعد لاستقبال زوار “الكان” في أفضل الظروف وبأجود الخدمات.
وأشار القادري، في ثنايا إفادته لهسبريس، إلى “توافر وتواتر مؤشرات إيجابية تعكس حجم الإقبال المرتقب، لا سيما من الجالية السنغالية ومشجعي الأسود والجماهير الإفريقية”، معتبرا أن الإقبال المتزايد على التذاكر يعد مؤشرا واضحا على حيوية هذه الدورة.
كما أوضح أن “الاستعدادات لا تقتصر على الجانب الرياضي، بل تشمل وضع برامج متكاملة لزيارة المرافق الثقافية والمناطق الطبيعية، بهدف منح المشجعين تجربة سياحية شاملة”.
وكشف القادري أن التوقعات الأولية تشير إلى تسجيل نسب ملء تتجاوز (حسب تقديرات غير محصورة نهائيا) نطاق 50 في المائة، مع ملاحظة “تدفق جماهيري مرتقب من المدن الكبرى كالرباط والدار البيضاء، مما سيسهم في إنعاش الحركة الاقتصادية بالجهة وعاصمتها”، ليرفع نسب “إشغال الفنادق ومؤسسات الإيواء” إلى مستويات قياسية بزخم مضاعَف بين “الكان واحتفالات البوناني”.
زخم سياحي وتفاؤل
عن عبد الحق الشحلي، رئيس الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بجهة سوس ماسة، استقت جريدة هسبريس الإلكترونية “أجواء التفاؤل التي تخيّم على عاصمة سوس”، والتي من المرتقب أن تستقبل “منتخب الفراعنة” (مصر) في مباريات قوية تعد بالفرجة ضد كل من منتخبات زيمبابوي وجنوب إفريقيا وأنغولا.
وأفاد الشحلي بأن مدينة أكادير تشهد حاليا “إقبالا ملحوظا” من الوافدين والسياح، تزامنا مع احتفالات نهاية رأس السنة “كعادتها نهاية كل عام ميلادي”، مستدركا: “إلا أن استضافة مباريات كأس إفريقيا يعد أرضية خصبة لاستقبال الوافدين من مشجعي تلك الفرق ومحبيها في أفضل الظروف”.
وأضاف المهنيُّ الفندقي عينه أن “عموم المهنيين في انتظار حصر الأرقام الرسمية لنسب ملء وإشغال الغرف بنهاية الشهر الجاري”، مؤكدا أن البنية التحتية السياحية في أكادير، وفي الجهة ككل، مستعدة تماما لمواكبة هذا الحدث القاري وتقديم صورة مشرفة عن كرم الضيافة المغربي والاحترافية في تقديم الخدمات”.
“اقتصاد الرياضة”
لا تقتصر عوائد استضافة “المغرب 2025” على مبيعات التذاكر، بل تمتد لتشمل سلسلة القيمة السياحية كاملة؛ من نقل، ومطاعم، وصناعة تقليدية، وخدمات ترفيهية.
ومثلما يرى المهنيون، ومعهم عدد من المحللين الاقتصاديين، فإن الشهر الذي ستستغرقه المنافسات سيكون بمثابة “واجهة عرض” عالمية للمؤهلات المغربية، مما يعزز مكانة المملكة كوجهة رائدة للسياحة الرياضية في القارة والعالم.
في نظَر عبد الرزاق الهيري، أستاذ باحث بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس مدير مختبر “تنسيق الدراسات والأبحاث في التحليلات والتوقعات الاقتصادية”، فاستضافة المغرب لنهائيات كأس إفريقيا للأمم “لا تُعد مجرد تظاهرة رياضية عابرة، بل هي مشروع استثماري متكامل يهدف إلى تسريع وتيرة الأوراش الكبرى وتطوير البنية التحتية الوطنية”. وأضاف أن ذلك “رافعة اقتصادية حقيقية تسهم في تحديث التجهيزات الأساسية من طرقات ووسائل نقل وملاعب، مما يعزز الجاذبية الاستثمارية للمملكة ويخلق بيئة مواتية لنمو المقاولات الوطنية وانخراطها في مشاريع التنمية المستدامة”.
مستشرفا عوائد القطاع السياحي، سجل الهيري، مصرحا لهسبريس، أن “البطولة ستشكل محركا قويا لتنشيط الدورة السياحية عبر تدفق آلاف المشجعين والوفود الأجنبية، مما سينعكس إيجابا على نسب الملء في المؤسسات الفندقية وينعش قطاع الخدمات والمطاعم والمهن المرتبطة بالصناعة التقليدية”. وتابع: “هذا الرواج السياحي يساهم في إشعاع صورة المغرب كوجهة عالمية رائدة، قادرة على استقطاب السياح من مختلف بقاع القارة الأفريقية والعالم”.
كما أن العوائد الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لهذه التظاهرة ستنعكس، بحسب المحلل الاقتصادي ذاته، “بشكل ملموس على الاقتصاد المحلي، من خلال خلق فرص شغل جديدة للشباب وتحريك العجلة التجارية في المدن المستضيفة”. فالدورة الاقتصادية المرتبطة بـ “الكان” تضمن رواجا ماليا يستفيد منه صغار التجار والمستثمرين على حد سواء، مما يعزز من القدرة الشرائية ويضخ دماء جديدة في شريان الاقتصاد الوطني طيلة فترة التنظيم.
وأجمل الهيري بأن “تنظيم هذا الحدث القاري يعد تمهيدا استراتيجيا لاستحقاقات أكبر، وعلى رأسها تنظيم كأس العالم 2030، حيث تترسخ مكانة المغرب كقوة ناعمة في الساحة الدولية، وحيثُ الاستثمار في الرياضة اليوم هو استثمار في المستقبل يستهدف ترك إرث من التجهيزات والخبرات التي ستخدم الأجيال القادمة وتدعم التنافسية الاقتصادية للمملكة في المحافل الدولية”.
المصدر: وكالات