رفض مهنيو اللحوم وجمعيات حماية المستهلك اقتصار محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في تفسيره لارتفاع أسعار اللحوم الحمراء على الجفاف وأسعار العلف فقط عوض الحديث عن “عمق المشكل” المتعلق بـ”المضاربين وجدل الاستيراد”.
وأجاب صديقي عن أسئلة النواب تفاعلا مع جدل الارتفاع الحاصل في أسعار اللحوم الحمراء بالأسواق المغربية، قائلا: “السبب يعود إلى تدهور الغطاء النباتي للمراعي وقلة إنتاج الكلأ وارتفاع تكاليف الأعلاف، وما يتزامن واستمرار توالي سنوات الجفاف ألقت بظلالها بقوة على الإنتاج الوطني”.
ويعتبر مهنيو القطاع أن “التبريرات مقبولة؛ لكنها لا تتطرق بشكل شامل إلى باقي الاختلالات التي تساهم في جعل الأسعار مرتفعة، على غرار توزيع دعم الأعلاف بالطرق التقليدية عوض اللجوء إلى المصانع مباشرة وصعوبات الاستيراد التي لا تزال مطروحة”.
الاستيراد
يتراوح سعر اللحوم الحمراء بمجازر الجملة هذا اليوم، الثلاثاء، 30 أبريل 2024، حسب هشام جوابري، الكاتب الجهوي لتجار اللحوم الحمراء بالجملة بمدينة الدار البيضاء، بين 85 و88 درهما بالنسبة للبقر، و110 دراهم إلى 112 درهما بالنسبة للغنم.
وأضاف جوابري لهسبريس أن جواب الوزير منطقي نوعا ما؛ لكنه غير كاف، ويحتاج إلى أن “يكمل حديثه عن الأسباب الحقيقية لهذا الارتفاع، والتي لا يمكن أن تنحصر في العلف والجفاف”.
وبين المهني بالقطاع أن “الجفاف صحيح أنه ساهم في تدهور الإنتاج الوطني، وتخلص الفلاح من قطيعه؛ لكنه عامل متجاوز الحديث عنه حاليا، والعراقيل الحقيقية تظهر في صيغ الدعم المتعلقة بالعلف ومشكل الاستيراد من الخارج”.
وفسر المتحدث عينه هاته المشاكل بأن “توزيع الدعم على الفلاحين بطريقة تقليدية هي صيغة غير ناجحة، ومن المهم أن تتجه الوزارة إلى المصانع مباشرة”، مردفا أن “توزيع الشعير كدعم على الفلاحين يجعلنا دائما نتساءل أين يذهب كل ذلك؟”.
وبخصوص الاستيراد، شدد جوابري على أن “دفتر التحملات الخاص بالاستيراد معجّز للغاية، ونطالب الوزير بأن يخصص واحدا جديدا يكون مخفّفا من حيث الشروط ويسمح للمستوردين المغاربة بالدخول إلى أسواق الدول المصدرة، حتى تكون لهم الأسبقية”، لافتا إلى أن “الدول المصدرة بسبب هذا الدفتر بدأت ترى المغرب آخر وجهة لها”.
وأوضح المهني ذاته أن “السلطات المعنية تمنع بائع اللحوم بالجملة والتقسيط من عمليات الاستيراد، في مقابل سماحها للشركات والمضاربين بهاته العملية فقط، وخفض الأسعار حاليا سيكون من خلال السماح لجميع الفاعلين في هذا القطاع بعملية الاستيراد”.
وكان الوزير الوصي على قطاع الفلاحة قد أشار إلى أن ” الحكومة قامت بفتح باب الاستيراد، وتعليق الرسوم المتعلقة بهاته العملية عن لحوم الأبقار المخصصة للذبح والتسمين، إلى جانب الانفتاح على أسواق جديدة خصوصا بأمريكا الجنوبية”، مؤكدا “غياب إقصاء في الاستيراد من الخارج”.
المضاربون
طالب علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، بـ “تكثيف عمليات الاستيراد من الخارج حتى يتم توفير العرض لمواجهة طلب المستهلك المغربي المتزايد بأسعار تناسب قدرته الشرائية”.
وأضاف شتور، في تصريح لهسبريس، أن حديث وزير الفلاحة عن الجفاف والعلف فقط كسبب لهذا الارتفاع غير كاف، وكان يجب عليه أن “يتطرق إلى مشكل المضاربين وسبل الحد من نشاطهم المقلق، الذي وصل في الأيام الأخيرة إلى تخزين الأغنام حتى يقترب عيد الأضحى من أجل بيعها بسعر مرتفع”.
وشدد رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك على أن “الاستيراد يحمي القطيع الوطني من الطلب المهول الحاصل في الوقت الحالي، ويوفر أسعار اللحوم بشكل مناسب”.
واتهم المتحدث ذاته المضاربين بالوقوف وراء الأسعار المرتفعة التي تعرفها اللحوم الحمراء بالأسواق المغربية”، مشددا على “أهمية ضرب مخططاتهم من خلال إجراءات حاسمة”.
وبالنسبة ليونس الكياف، بائع لحوم بالجملة وعضو بالاتحاد العام للمقاولات والمهن، فإن “استيراد الأبقار من الخارج رصدنا أنه متوقف منذ بداية رأس السنة، ومؤخرا مع فتح الباب لا يزال الطلب مرتفعا مقابل عرض ضعيف”.
وسجل الكياف أن “ضعف الاستيراد هو السبب الرئيسي للارتفاع الحاصل، وليس فقط الجفاف والأعلاف”، مؤكدا أن “الاستيراد هو الحل المتبقي لنا لمواجهة هاته المعضلة التي استمرت لسنوات”.
وأكد المهني بالقطاع غياب علم لدى العديد من المهنيين بأي رفع للرسوم المتعلقة بالاستيراد التي تحدث عنها الوزير، يوم أمس، موضحا أن “ما نراه ويراه العديد منا أن حركة الاستيراد ضعيفة للغاية”.
المصدر: وكالات