مقترحاتٌ من أجل “تغيير جوهري لأحكام مدونة الأسرة” قدمها حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي من أجل “تعميق النّفس التحديثي الذي حملته مدونة 2004، والمضي قُدُما على طريق الحفاظ على المكتسبات التي تخدم خيار المساواة واحترام كرامة المرأة والمصلحة الفضلى للأطفال”.
تأتي هذه المقترحات بعد دعوة الملك محمد السادس وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة إلى “إعداد هذا الإصلاح المهم (مدونة الأسرة)، بشكل جماعي ومشترك”، عناية بـ”قضايا المرأة والأسرة بشكل عام”، بتشارك “بشكل وثيق” مع المجلس العلمي الأعلى والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والسلطة الحكومية المكلفة بالإدماج الاجتماعي والأسرة وبانفتاح على هيئات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.
وأوصت فيدرالية اليسار بتقرير إجبارية جلسة الإرشاد الاجتماعي والطبي لفائدة المقبلين على الزواج، وإنشاء مراكز خاصة بذلك في المدن والقرى، وضمان إطلاع كل من الطرفين على الأوضاع الخاصة بالطرف الآخر، وتسهيل الحصول على المعلومات المرتبطة بذلك”.
كما طالبت الفيدرالية، ضمن المقترحات التي قدمتها بخصوص إصلاح مدونة الأسرة، بـ”مراجعة آليات الوساطة والصلح والمساعدة الاجتماعية في اتجاه تعزيزها وتقوية أدوارها”.
ونادت المقترحات “في حالة عدم الاتفاق المسبق على تحديد كيفية توزيع الأموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية، وحصل الطلاق، باعتبار العمل المنزلي المنجز من طرف الزوجة، وخاصة تلك التي لم يكن لها دخل أو كان لها وتوقَّف، أساسا لتمكين الزوجة من الحصول على جزء من تلك الأموال”.
ودعت الفيدرالية إلى “مراعاة انطباق المدونة على غير المسلمين أيضا”، و”تدقيق المصطلحات التي خلقت أو قد تخلق مشاكل في التطبيق، أو تلك المستعارة من القاموس الماضوي العتيق والمتجاوَز والحاملة لبعد تمييزي”؛ فـ”يُستحسن استعمال لفظي الخطيب والخطيبة عوض الخاطب والمخطوبة، وتعويض لفظ الأبوين بالوالدين، وحذف الإشارة إلى كون المرأة بكرا أو ثيبا لأن العبارة تحمل مفهوما مرتبطا بالبكارة والاستعاضة عن ذلك بالإشارة إلى وضعية كل من الطرفين باستعمال أحد الأوصاف الثلاثة الآتية: أعزب، أرمل، مطلق”.
ونادت الفيدرالية بـ”اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تحول دعوى ثبوت الزوجية إلى طريقة للتحايل على منع زواج القاصر وعلى منع التعدد”، و”تحديد السن القانوني للزواج في 18 سنة للرجل والمرأة معا وبدون استثناء”، و”منع زواج القاصر والمتابعة الجنائية للراشد الذي يكون طرفا فيه، ولكل من ساعد في حصوله بأية صورة من الصور أو حاول ذلك”، مع “فتح إمكان حصول خطبة في سن 16 سنة، على ألا يتم الانتقال من الخطبة إلى عقد الزواج إلا بعد بلوغ سن الرشد حيث يقرر آنذاك الطرف، الذي لم يكن بالغا 18 سنة قبل هذا التاريخ، هل يستمر في اختياره أم لا”.
ومن بين ما اقترحته فيدرالية اليسار التجريم القانوني لتعدد الزوجات وحذف المواد التي تشير إليه، من منطلق أن “كرامة المرأة لا تسمح بأن يكون لها نصف زوج أو ثلث أو ربع زوج، وأن الزواج تعاقد على وجه الدوام في السراء والضراء”.
وطالبت الفيدرالية بـ”اعتماد الوصية كأصل عام، مع تحريرها من القيود التي أدخلها عليها الفقه التقليدي؛ مثل قيد الوصية في حدود ثلث التركة وقيد لا وصية لوارث، وعدم اللجوء إلى قسمة الإرث، كليا أو جزئيا، إلا في حالتَي انعدام الوصية تماما أو وجودها مع تغطيتها لجزء فقط من التركة”.
وتابعت: “لكل شخص الحق في أن يحدد في نص وصيته، بصورة عامة وحتى بدون تحديد الأسماء والأشخاص بذواتهم، طبيعة النظام القانوني الذي يود تطبيقه في تقسيم تركته بما في ذلك رغبته في إعمال القواعد الواردة بالمدونة الحالية للأسرة”؛ لأن “إعادة الاعتبار للوصية بهذا الشكل يضمن للأفراد العاقلين والرشداء حق تحديد مآل ما اكتسبوه بجهدهم وكدهم وعملهم، بكل حرية”.
ونصت المقترحات على “ضمان المساواة في الإرث، عندما لا يكون المتوفى قد ترك وصية تفصل مآل تركته بين الرجل والمرأة، عندما يشغلان المراكز نفسها في سلّم القرابة؛ لأن مبررات قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين انتفت، فواجب النفقة يطال الزوجين معا، ولم يعد الذكور هم من ينفقون، في جميع الأحوال، على الإناث”.
وطالبت الفيدرالية بالنص على أن “ما يُشترط في الشاهدين على عقد الزواج هو إتقان اللغة التي يُكتب بها العقد والانتماء الإسلامي”، مع “إلغاء كافة المقتضيات التي تربط الصداق بالعملية الجنسية لما في ذلك من إهانة للمرأة، ولمخالفته لتعريف الصداق الوارد في المادة 26″، و”تعديل صياغة تعريف عقد الزواج لإبراز طابعه القانوني، والإشارة إلى المحبة والمودة والتراحم كأساس للعقد لبناء أسرة سعيدة ومستقرة، وإلى مساهمة الزواج في بناء المجتمع”.
كما نادت الاقتراحات بـ”إعطاء المغاربة اليهود حق الاختيار في عقود زواجهم بين اعتماد قواعد الأحوال الشخصية العبرية المغربية أو قواعد مدونة الأسرة المغربية”.
ومن التعديلات المقترحة “جعل الولاية على الأولاد بيد الزوجين معا، انسجاما مع منطوق المادة الرابعة من مدونة الأسرة التي تنص على أن الأسرة تخضع لرعاية الزوجين، وجمع الحاضنة، بعد الطلاق، بين الحضانة والولاية على المحضونين، مع حق الزوج في الطعن في كيفية تدبيرها”.
ودعت الفيدرالية إلى النص على عدم إسقاط زواج الأم حضانتها لأبنائها، وتقرير “التزام الزوجة بالإنفاق أيضا على الأسرة، بنص صريح وواضح، في حدود إمكانياتها المادية طبعا”، و”السماح بحق التوارث بين الأزواج رغم اختلاف الديانة”، و”السماح بزواج المسلم بغير المسلمة سواء كانت كتابية أم لا”، و”السماح بزواج المسلمة بغير المسلم إذا التزم في العقد بعدم عرقلة التزاماتها الدينية أو حملها على تغيير ديانتها”.
وطالبت فيدرالية اليسار بـ”اعتماد الخبرة الجينية للاستبراء وإثبات الحمل والنسب”، و”مراعاة المصلحة الفضلى للطفل في تحديد مصير جميع الأطفال المزدادين خارج إطار الزواج، وضمان حق الأمهات في اللجوء إلى القضاء لتقرير الحق في نسب هؤلاء، مع مساعدتهن في ذلك”.
ونادت الفيدرالية أيضا بـ”إخراج بيت السكن الرئيسي من القسمة في الإرث، بعد وفاة أحد الزوجين، ليستفيد الزوج المتبقي على قيد الحياة من البقاء فيه أو في الجزء المفرز الذي كان يسكن فيه، إلى حين وفاته”.
المصدر: وكالات