تناقل نشطاء أمازيغ نبأ يتعلق بإقدام شركة أجنبية للنقل على إدراج الأمازيغية ضمن لغات نداء طاقم الطائرة، متسائلة عن مصير هذه الخطوة في أفق العلامة المغربية المكلفة بتنفيذ الرحلات الجوية: الخطوط الملكية المغربية، بحكم أن المادة 28 من القانون التنظيمي رقم 26.16 تنص على أنه “تكتب باللغة الأمازيغية… العلامات الخاصة بمختلف وسائل النقل العمومي (…) وكذا الطائرات والسفن المسجلة بالمغرب”.
ولا يبدو للفاعلين في حقل الأمازيغية “التغييب مبرراً”، معتبرين أن القانون التنظيمي حدد العمل بأحكام المادة 28 منه داخل أجل خمس سنوات على الأكثر ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، “وهو ما لم يُحترم”، وفق المتحدثين الذين سجلوا أن “المهلة القانونية انتهت لكن الحديث بالأمازيغية في نداءات الرحلات التي تنفذها الشركة الوطنية محاصر؛ وحتى لو كانت المادة لا تتحدث عن ذلك فإن المقتضى الدستوري لا غبار عليه”.
هسبريس ربطت الاتصال بمصادر من داخل الخطوط الملكية المغربية، ألقت بالكرة في ملعب وزارة النقل واللوجستيك، مشددة على أن “هناك إستراتيجية حكومية للنهوض بالأمازيغية، والأمر يمكن أن يناقش على مستوى الوزارة باعتبارها الوصية على الشركة، وهي التي يمكنها أن تضع مخطط عمل تنفذه الأخيرة”.
وقالت مصادر الجريدة إن “العلامة الوطنية من المرجح أن يكون لها برنامج في هذا الصدد، استجابة لمختلف التوصيات المتصلة بهذا الشأن، لاسيما أن الأمازيغية ليست غائبة تماماً كما قد يبدو، فهي معتمدة في الرحلات التي تنفذها ‘لارام’ نحو الديار المقدسة خلال فترة أداء مناسك الحج وغيرها”، مبرزة أن “التعميم كذلك ممكن وليس صعبا”.
“مطلب قانوني”
مصطفى أوموش، فاعل أمازيغي من الذين أثاروا هذا النقاش، قال إن “الخطوط الملكية المغربية، باعتبارها شركة طيران كاملة الخدمات، وباعتبارها خاضعة لوصاية الدولة، فهي مفروض أن تضع في جميع رحلاتها نداءات باللغة الأمازيغية أيضاً، على غرار ما فعلته شركة أجنبية تقدم خدماتها بالمغرب”، مسجلا أن “الأمازيغية لغة رسمية بمقتضى الفصل الخامس من الدستور، ومن ثم هناك حاجة إلى أن تكون مدرجة في برنامج ‘لارام’ للتواصل مع ركاب أسطولها”.
أوموش أفاد هسبريس بأن “القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، بدوره حدد مهلة لتنتقل جميع المؤسسات للتعاطي مع الأمازيغية وفق مقتضياته”، وزاد: “نحن نعرف أن المدة التي حددها انتهت في مارس 2024، لكن مظاهر هذه اللغة الدستورية والرسمية مازالت متلكئة بشكل يطرح أسئلة كثيرة”.
وشدد المتحدث عينه على “الاحتكام إلى وثيقة 2011 وإلى القوانين والمرجعية الملكية للنهوض بوضع الأمازيغية حتى تكون في المكانة التي تستحقّ؛ فليس معقولاً أن يتواصل هذا الحيف في حقّ الحقوق اللغوية والثقافية رغم المكاسب التي بدأت منذ خطاب أجدير (2001)”، مبرزاً أن “شركة النقل الوطنية يمكنها أن تطلب مساعدة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حتى تستطيع تدبير هذا الموضوع كمرحلة أولية”.
وأشار الفاعل الأمازيغي ذاته إلى “اعتماد اللغة المعيارية التي يشتغل عليها مركز التهيئة اللغوية بالمعهد سالف الذكر ضمن النداءات المقدّمة على متن الرحلات الجوية التي تنفذها هذه الشركة”، معتبرا أن “الجهات الرسمية يجب أن تقوم بمواكبة مدى تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي، لكونه صار يبدو وكأنه حبر على ورق بحكم أن مؤسسات وطنية كثيرة لم تحترم الالتزامات التي حثّها على إدماجها”.
“خيبة أمل”
عبد الواحد درويش، فاعل أمازيغي، قال إن “غياب الأمازيغية حتى اليوم في طائرات الخطوط الملكية المغربية يسائل أولاً حصيلة الاعتماد على أعوان الترجمة التي تتبجّح بها الحكومة في شخص الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، وتصرح بأنها رفعت منها، لكن بلا أثر واضح على أرض الواقع”، مشيرا إلى أن “التدبير الحالي يطرح الكثير من الأسئلة”.
درويش أورد وهو يتحدث لهسبريس أن “الحكومة ترصد كلّ مرة ميزانيات ضخمة وفق تعبيرها للنهوض بوضعية الأمازيغية وتفعيل طابعها الرسمي، لكن وزارة النقل واللوجستيك لا يبدو أنها تتوفر على تصور حقيقي لإدراج لغة دستورية في الترسانة التواصلية لوسائل النقل الجوي وأيضا البحري، لاسيما تلك الخاضعة لوصاية الدولة أو توجد في قلبها أسهم عمومية”، مبرزا أن “الأمر يرتبط بالضرورة بجاليات غفيرة تقطن في المهجر”.
الفاعل الأمازيغي رئيس مؤسسة درعة تافيلالت للعيش المشترك ذهب إلى التصريح بأن “هناك عنادا للتوجهات الملكية التي تصبّ كلها في صالح تأهيل الأمازيغية وضمان حضورها في الفضاء العمومي وفي مؤسسات الدولة”، مسغرباً أن “شركات أجنبية تهتمّ بعنصر الهوية، على اعتبار أنها تقوم بشكل جيد بدراسة السوق التي تقدم فيها خدماتها وتراعي تنوعها الثقافي واللغوي لتكريس هذه الهوية المغربية في شكلها المنفتح”.
وشدد المتحدث ذاته على “غياب أي نوع من الضغينة تجاه اللغات الأخرى؛ فالنّقاش قانوني يتمثل في مطالب تتعلق بتفعيل مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي التي هي نصوص مرجعية يتعين أن تكون حاضرة في عمل جميع المؤسسات العمومية بالتحديد”، مطالبا وزارة النقل بـ”الاشتغال على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في المطارات وفي الرحلات الجوية تحقيقا للمساواة اللغوية واحتراماً للدستور”.
المصدر: وكالات