كما كان متوقعا، لم تكن مخرجات تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول شروط الإقامة بالأحياء الجامعية، التي أجراها مجلس النواب، “شيئا مقبولا” لدى الفصائل الطلابية، التي ما زالت حية ومنتعشة داخل الأحياء الجامعية منذ سنوات طويلة رغم الحظر العملي والقانوني على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ القرن الماضي؛ هذه المجموعات تواصل التمسك بجدوى البقاء ليس مرحليا، بل استراتيجيا.
وحسب ما علمته هسبريس، فإن بعض الفصائل الطلابية تلقت بـ”تحفظ شديد بخصوص بعض توصيات” المهمة الاستطلاعية المؤقتة سالفة الذكر التي تبدو غايتها، حسبهم، “تحجيم دور الفصائل في أفق إنهاء وجودها”، لاسيما تلك القائلة: يتعين “وضع تصور متكامل للتدبير الدقيق والاستراتيجي لتفادي الفوضى والعنف بالأحياء الجامعية، وتجاوز ظاهرة التحكم غير المشروع لبعض المجموعات الطلابية في اختصاصات الإدارة كتسجيل المستفيدين من السكن الجامعي”، كما جاء في التقرير النهائي للمهمة.
وورد في الوثيقة سالفة الذكر التي اطلعت عليها هسبريس أن هناك حاجة إلى تعزيز الشعور بالأمن؛ من خلال “إقامة وتثبيت كاميرات خارج الأحياء الجامعية، وتوفير الحماية والأمن بهذه الفضاءات السكنية الطلابية من خلال نظام أمني فعال على مدار الساعة”، إضافة إلى “ضرورة القيام بحملات تفتيش ومراقبة واسعة ومفاجئة وغير معلن عنها من طرف الوزارة الوصية لهذه الأحياء الجامعية كل شهر، وزيادة الموظفين بالأحياء الجامعية لسد الخصاص”.
“نرفض الإخصاء”
حفيظ، عضو فصيل النهج الديمقراطي القاعدي بـ”موقع فاس”، قال إنه “منذ سنوات وهُم يحاولون تدجين من يقول “لا”، لاسيما المجموعات الطلابية. وهذه استراتيجية لإخصاء آخر ما تبقى من “أوطم” الذي تعرض لحظر عملي منذ عقود طويلة”، مؤكدا أن “المقاربة الأمنية ليست مقبولة، والعنف الذي تقول الجهات المسؤولة إننا نمارسه داخل الأحياء الجامعية هو خدعة كبرى للتمويه عن العنف الحقيقي الذي يتعرض له الطلبة الذين لا يجدون ظروفا قادرة على ضمان الجودة في تكوينهم الجامعي”.
وأشار المتحدث، الذي رفض الكشف عن هويته الكاملة نظرا للحساسية التي يطرحها هذا التنظيم الطلابي، إلى أن “المقاومة لهذه الأوضاع فعل طبيعي، ومحاصرة الجامعة بالكاميرات من الخارج لن يستطيع حد “القول الطلابي”، نظرا للحاجة العالية إليه، كتنظيم نقابي، يستطيع الدفاع عن مصالح الطلبة”، مؤكدا أن “التفكير في تعزيز الحضور الأمني داخل الجامعة لا نطمئن له كفصائل طلابية؛ لأنه لا يراهن على تحصين الأمن بقدر ما يريد إخصاء الفعل الحركي للتنظيمات النقابية”.
وأوضح حفيظ، في تصريحه لهسبريس، أن “هذه الفصائل استمرت رغم محاولات الحصار الكثيرة؛ لكن الهم الذي ظل حاضرا هو كيف نحصن الحرم الجامعي من الاستباحة الأمنية”،
مشيرا إلى أن “الفصائل ليست مرحلية، وقد اتضح ذلك. وحين تقوم بالضغط على الإدارة الجامعية، فذلك لأجل تحصيل مكاسب في صالح الطلبة وليس شيئا آخر”، وزاد: “لا يمكن أن نتخيل فعلا طلابيا قويا قادرا على التأثير دون فصائل طلابية قوية ومستقلة”، بتعبيره.
من ناحية أخرى، يبدو أن علينا أن نأخذ هذه التصريحات بجدية، ولكن بـ”الكثير من التحوط”، بما أن جهات أخرى تعتبر أن “الفصائل الطلابية مسخت التصور، بعدما صارت حركات سياسية مناوئة للسلطة، وهي ليست مهمة الطالب، لأن مواصلة التمسك بتاريخ “أوطم” القديم، أخرج العمل الطلابي من جدوى الوجود، فماهية الحركة الطلابية هو توفير البعد النقابي للفعل الطلابي؛ من قبيل جودة الإطعام وظروف السكن، إلخ”، وفق هذه الأصوات.
“لا لعسكرة الجامعة”
مصطفى العلوي، رئيس منظمة التجديد الطلابي”، قال إن “المنظمة استغربت للروح العسكرية والأمنية التي طبعت بعض توصيات هذه المهمة الاستطلاعية، لكونها تريد أن تحاصر الحرم الجامعي وليس الرفع من جودة الحياة فيه”، مؤكدا أن “المهمة المذكورة كان يعوزها بعض الوضوح، لكونها لم تعمل على تسمية الفصائل التي تمارس العنف والتحرش وغير ذلك؛ لأن التجديد الطلابي يشتغل كجمعية مدنية معترف بها وحاصلة على ترخيص السلطات وتعلن عن كافة أنشطتها وهياكلها”.
وأوصى العلوي، في تصريحه لهسبريس، بـ”التقليل من الوجود الأمني إلى الحد الأقصى؛ لأن الجامعة فضاء للحرية الفكرية ولتبادل الآراء، وبالتالي المقاربة العلمية والثقافية هي الحل، عوض الأمننة”، مسجلا أن “تأهيل كافة الفصائل لتشتغل كتنظيمات مدنية في إطار القانون وتكون منظمة وفاعلة سيعجل بحل الكثير من الإشكالات التي تعيشها العديد من الأحياء الجامعية، لكوننا مازلنا نرفض المساس بالحرم الجامعي، وهذا ليس في المغرب بل متعارفا عليه دوليا”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن “التجارب السابقة في المقاربة الأمنية كانت تزيد تعميق المشكل. وهذا لا يعني أن الأمن ليس ضروريا للجامعة؛ ولكن نحتاج أن نؤطر هذا العمل في ظل الحقوق والحريات”، مؤكدا أن “الأحياء الجامعية يجب أن تعجل بضمان تمثيلية الطلبة في مجالس إدارتها للرفع من الروح التشاركية في تدبير هذه المرافق؛ ولكن ما نتمسك به كطلبة هو أننا نرفض الكاميرات والرفع من الوجود الأمني لكونه لا يخدم شعور الطالب بالحرية”.
المصدر: وكالات