استنفرت مصالح المراقبة المركزية لدى المديرية العامة للضرائب فرق المراقبة الجهوية التابعة بكل من الدار البيضاء والرباط وطنجة وأكادير، عقب رصد معاملات مالية وتجارية مشبوهة لشركات مستفيدة من مقتضيات المادة 150 مكرر من المدونة العامة للضرائب المؤطرة لإجراء التوقف المؤقت عن مزاولة النشاط (Cessation Temporaire d’Activité)، وفق معلومات استقتها هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع.
وأفادت المصادر ذاتها بأن المصالح سالفة الذكر وجهت المراقبين الجهويين إلى فحص حسابات عينة مبدئية همت أزيد من 253 شركة “جامدة”، بناء على تحليل بيانات مراقبة مركزية ومعلومات دقيقة وفرتها مصلحة تحليل المخاطر والبرمجة لدى قسم التحقيقات وتثمين المعطيات والبرمجة التابع لمديرية المراقبة لدى المديرية العامة للضرائب.
وأوضحت مصادرنا أن المعطيات الواردة حول الشركات المشتبه فيها كشفت عن مواصلة وحدات معاملاتها التجارية في الأسواق، رغم استفادتها من إجراء التوقف المؤقت عن النشاط، المحدد في سنتين محاسبتين قابلتين للتجديد لمدة سنة محاسبية واحدة.
وأكدت المصادر جيدة الاطلاع أن “خوارزميات” تحليل البيانات المركزية كشفت عن تقاطع فواتير وعروض أثمان وسندات طلب في تصريحات جبائية تبين أنها تعود إلى شركات جامدة منذ أزيد من سنة، حاولت استغلال إجراء التوقف المؤقت عن النشاط خارج القانون؛ من خلال الاستفادة من تخفيف الأعباء الجبائية، وترويج فواتير مزورة بأزيد بمئات ملايين الدراهم.
وأوردت مصادر هسبريس أن مهام المراقبة ركزت على التدقيق في التزام هذه الشركات بوضع تصريحات سنوية بالضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل.
وكشفت المصادر عينها عن توصل مراقبي الضرائب، من خلال أبحاث أولية حول وضعية الشركات موضوع التدقيق، إلى معطيات خطيرة بخصوص نشاط مشبوه لـ”سماسرة” ووسطاء اقتنوا عددا من هذه الشركات، بعدما كانت غير نشيطة لفترة وجيزة، وقاموا بتسوية وضعيتها الجبائية قبل الإقرار بالتوقف المؤقت عن مزاولة النشاط؛ ليجري استغلالها، بعد إخضاعها لتغييرات على مستوى الأنشطة المضمنة بسجلاتها التجارية، في إنتاج الفواتير المزورة وتحصيل قروض بنكية بطرق مشبوهة وكذا إنتاج وثائق مرتبطة بشهادات الأجر والعمل، وكذا شهادات أخرى للخبرة والتدريب.
ووفق مصادر الجريدة، فإن مراقبي الضرائب توقفوا، خلال مهام التدقيق الجارية، عند محاولة استغلال التوقف المؤقت عن مزاولة النشاط من قبل شركات مستفيدة من برامج تمويل عمومية للمقاولات الصغرى والمتوسطة وحاملي المشاريع بسبب عجزها عن سداد مبالغ وأقساط قروض لفائدة بنوك وجهات دائنة أخرى.
في السياق ذاته، شددت المصادر عينها على تسبب البرامج المشار إليها في إحداث مخزون ضخم من المقاولات غير النشيطة، خصوصا بعدما تم رفض طلبات قروض تقدم بها أصحاب مقاولات حديثة التأسيس، باعتبار اشتراط البرامج المذكورة وجوب إحداث إطار مؤسساتي (مقاولة) من أجل طلب الاستفادة من دعم مالي عمومي، حيث لم يجرِ استغلال هذه المقاولات الجديدة من قبل أصحابها على مدى السنوات الماضية.
حري بالذكر أن مقتضيات المادة 150 مكرر من المدونة العامة للضرائب تؤطر الإجراءات المتعلقة بالتوقف المؤقت عن مزاولة النشاط، حيث تنص على أن كل شخص طبيعي أو معنوي يوقف نشاطه، مهما كانت طبيعته، ملزم بتقديم إقرار كتابي لدى الإدارة الضريبية خلال 30 يوما من تاريخ التوقف، يتضمن بيانات أساسية مثل الاسم أو التسمية ورقم التعريف الضريبي وطبيعة النشاط وتاريخ بداية التوقف ومدته المرتقبة وأسبابه. كما يشترط القانون إبلاغ الإدارة فور استئناف النشاط خلال نفس الأجل. ويعرض التأخر في تقديم الإقرار باستئناف النشاط أو عدم الامتثال لأحكام المادة المشار إليها المقاولات المعنية لغرامات وعقوبات مهمة، خصوصا إذا تثبت لمصالح المراقبة الضريبية استخدام التوقف المؤقت لأغراض التهرب الضريبي؛ ما يعكس حرص الإدارة الجبائية على ضبط الالتزامات الضريبية وضمان الشفافية في التعامل مع النشاط الاقتصادي.
المصدر: وكالات
