تداول رجال قانون وقضاء، الجمعة بوجدة، في النقاش المطروح على الساحة الوطنية في الأشهر الأخيرة والمتعلّق بإصلاح مدونة الأسرة، وذلك في ندوة وطنية نظمتها وحدة الدراسات القانونية والعمل القضائي بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بشراكة مع محكمة الاستئناف بوجدة.
في هذه الندوة التي اختير لها عنوان “مدوّنة الأسرة وأفق التعديل”، ناقش المختصّون القانونيون والقضائيون دواعي الدعوات إلى تعديل مدونة الأسرة، مذكّرين بنواقصها، كما قدّموا مقترحات يرونها ضرورية من زاوية نظرهم، وذلك بحضور أساتذة أكاديميين ومحامين وطلبة باحثين في أسلاك القانون.
في هذا السياق، قال مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة عضو المجلس العلمي الأعلى، إن أي تعديل يطرأ على مدونة الأسرة “لا يجب أن يتنافى مع الشريعة الإسلامية”، مذكّراً في مداخلة له بالخطاب الملكي في غشت الماضي، الذي شدّد فيه على عدم التدخل في الشريعة، الأمر الذي قد يؤدي في حال حصوله، وفق بنحمزة، إلى “تفكيك نهائي للدين”.
وانتقد بنحمزة عدم وضوح المطالبين بإصلاح المدونة الذين قال إنهم “يتحدّثون عن التعديل لكنهم لا يجيبون على أسئلة تُطرح عليهم”، معتبرا أن من “يدعون إلى تعديل المدوّنة لا يشرحون لنا بالضبط ماذا يريدون وعلى أي أساس يطلبون ذلك”.
من جانبه، اعتبر إدريس الفاخوري، أستاذ بكلية الحقوق بوجدة، أن التعديلات المرتقبة على مدوّنة الأسرة ستكون جزئية، وليس شاملة كما حصل في التعديلات التي طرأت سنة 1993 على مدوّنة الأحوال الشخصية.
وقدّم الأستاذ الجامعي ذاته، الذي يدرّس مادة الأسرة بجامعة وجدة على مدى 40 سنة، مجموعة من مقترحات تعديلات لمواد في المدونة، لاسيما ما يتعلّق بكتاب الزواج وانحلال الرابطة الزوجية، كتبني مقترح قانون يتيح للقضاء “الإذن بزواج القاصر في حدود 16 سنة وفق شروط”، والتنصيص على أن “العمل المنزلي الذي تقوم به الزوجة خلال سنوات الزواج، عمل منتج تستحق عنه التعويض”.
أما رشيد عماري، رئيس المحكمة الابتدائية ببركان، فشدّد في مداخلته على أن مدونة الأسرة “يجب أن تكون جامعة وشاملة”، معتبرا أن جميع النصوص الواردة فيها مهمة، واصفاً إياها بالتشريع المغربي الوحيد ذي الأهمية القصوى باعتباره يتعلّق بالأسرة المغربية.
وتوقّف عماري عند الخطاب الملكي لـ20 غشت الأخير، الذي نبّه فيه الملك محمد السادس إلى عدم التطبيق السليم لمجموعة من النصوص، مبرزاً أن الخطاب وقف على كل الاختلالات كما حدّد الحلول التي يجب التطرّق إليها.
من جهته، دعا عبد الهادي طالبي، رئيس المحكمة الابتدائية ببوعرفة، إلى توضيح ما وصفه بـ”اللبس الذي يوجد لدى العديد من المؤسسات في فهم مدونة الأسرة لتجاوز لجوئنا إلى طلب مجموعة من الوثائق نتحرّج من عدم منحها”، وفق تعبيره.
وأعطى المثال بطلب بعض المؤسسات شهادة الولاية الشرعية للأم على أبنائها بعد وفاة والدهم، على الرّغم من أنها، وفق طالبي، هي الوالي بحكم نص قانوني صريح بعد وفاة الأب.
المصدر: وكالات