بمناسبة “اليوم الدولي للمتطوعين من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية” الذي يحتفل به في 5 دجنبر من كل سنة، أكد فاعلون أكاديميون ومدنيون مغاربة على ضرورة تثمين “الملاحم والشواهد التاريخية على تجذر ثقافة التطوع في المجتمع المغربي؛ من “ركب الحج” إلى المسيرة الخضراء، مرورا بطريق الوحدة وغيرها”.
وأكد الفاعلون الذين تحدّثوا لهسبريس أنه “على الرغم من استمرار الزخم التطوعي، حاليا، فإن البلاد تحتاج تعبئة حقيقية من أجل غرس التطوع كواجب فردي تجاه المجتمع داخل الوعي الجماعي للمغاربة”.
في هذا الصدد، كان مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، قد أعلن أن الوزارة “بصدد إعداد استراتيجية للتواصل حول العمل التطوعي التعاقدي، بتعاون مع أحد المانحين الدوليين الكبار”.
كما كشف بايتاس، خلال الجلسة العامة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب، الاثنين الماضي، أنه “سوف يتم العمل على إطلاق مشروع الأكاديميات الجهوية لتكوين الفاعلين في مجال التطوع التعاقدي”.
تثمين ثقافي
قال خالد التوزاني، رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي “مساق”، إن “المغاربة لا يعلى عليهم في التطوع، عبر التاريخ”، مؤكدا أن “اليوم الدولي للتطوع هو مناسبة لاستحضار مؤشرات وملاحم كثيرة تدل على ارتباط المجتمع المغربي بهذا السلوك النبيل”.
وأوضح التوزاني، في تصريح لهسبريس، أن “التطوع لدى المغاربة اتخذّ، تاريخيا، شكلين: الأول يتمثل في التطوع بالوقت والعمل، والثاني في التطوع عبر إنفاق المال”.
وأشار الباحث ذاته إلى أن “الأوقاف والأحباس والأعمال الخيرية الموجودة في المغرب كثيرة جدا”، موضحا أن “تطوع المغاربة يتجاوز الحدود الوطنية ليعم بلدانا كثيرة؛ ولعلّ أبرز مثال على ذلك ما يعرف بـ”ركب الحج”، حيث كان المغاربة يتطوعون لتأمين الحجاج في طرق الحج”.
وبخصوص التاريخ الحديث، تطرّق التوزاني إلى “طريق الوحدة الذي يعد فكرة الملك المغفور له الملك محمد الخامس، وشيّد بتطوع من الشباب المغاربة وضمنهم المغفور له الحسن الثاني، لربط الوسط المغربي بالشمال”، لافتا إلى أن “ثقافة التضامن في شقّ وترميم الطرق بالقرى متأصلة في المغاربة، ولا تزال مستمرة عبر ما يسمى بـ”التويزة””.
وأكد رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي أن “هذه الثقافة يستمدها المغاربة من الدين الإسلامي الذي يدعو إلى العمل الصالح”.
وسجل الأستاذ الجامعي ذاته أن “اليوم الدولي للتطوع يجب أن يكون مناسبة لتعزيز نشر ثقافة التطوع في صفوف الشباب والناشئة المغربية، سواء من خلال خطب المساجد أو الدروس بالمدارس”، داعيا إلى “ضرورة المواكبة والاحتفال بالمتطوعين في المغرب”.
وفي هذا الصدد، أشار التوزاني إلى “مثال تكريم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سنويا، متطوعين بالمساجد؛ فمعلوم أن عددا كبيرا من المغاربة يتطوعون خصوصا عند اقتراب شهر رمضان، لتنظيف زرابي المساجد وصباغة جدرانها، في حين يتخصص حرفيون وعمال بالصيانة، ومحسنون بشراء بعض المستلزمات”.
تعبئة حقيقية
يوسف الشفوعي، عضو المكتب التنفيذي للشبكة المغربية للتحالف المدني من أجل الشباب، أكد، بدوره، أن “التطوع ثقافة متجذّرة في المجتمع المغربي. وفي التاريخ الحديث فقط، نتحدّث عن الكثير من النماذج الدالة؛ في مقدمتها طريق الوحدة، وكذلك ملحمة المسيرة الخضراء التي تحققت على أيدي الآلاف من المتطوعين المغاربة، وجاب صداها العام”.
وأضاف الشفوعي، في تصريح لهسبريس، أنه “في السياق الشعبي المغربي، نجد تقليد “التويزة”؛ حيث يعمد أبناء القرى على وجه الخصوص إلى التطوع ليحرثوا لبعضهم، في إطار تعاون لتحقيق المنفعة العامة”.
وأكد عضو المكتب التنفيذي للشبكة المغربية للتحالف المدني من أجل الشباب أنه مع تطور المجتمع المغربي “باتت المملكة تعتمد على إطار واضح هو القانون رقم 06.18 المتعلّق بتنظيم العمل الجمعوي التعاقدي؛ حيث ينظّم تطوع الشباب عبر الجمعيات والمؤسسات”.
ولفت الفاعل المدني عينه إلى أن “المجتمع المغربي لم يصل بعد إلى الوعي الجماعي بأن التطوع هو واجب على الأفراد تجاه المجتمع”، مبرزا أنه “ما زلنا أمام تطوع مناسباتي وجزئي له أثر محدود في الزمان والمكان، حيث لا نجد برامج مستمرة للتطوع”.
وشدد يوسف الشفوعي على أن “المغرب ما زال يعتمد على الجمعيات التطوعية، ولم نصل بعد إلى مرحلة نجد فيها تعبئة حقيقية لتسجيل المتطوعين واستقطابهم؛ فلا نجد على هامش التظاهرات الكبرى خياما، مثلا، لاستقبال وتوجيه المتطوعين من أجل خدمة الثقافة”.
المصدر: وكالات
